فريد خميس يكتب: ليس خطاب رجل أمريكا الأول منا ببعيد؟

الجمعة، 27 يناير 2017 06:02 م
فريد خميس يكتب: ليس خطاب رجل أمريكا الأول منا ببعيد؟ رجل الأعمال محمد فريد خميس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأ الرئيس الأمريكى الخامس والأربعين دونالد ترامب خلال خطاب تنصيبه واضحاً وحاسماً، ربما غلبت عليه طبيعته كرجل أعمال فى الأساس يدخل مباشرة فى صلب القضية، ويدرك أن السياسة بلا اقتصادٍ قوى يساندها تعد ضرباً من ضروب الهذيان، وعندما تهتز قدرات المجتمع المعيشية تضعف بالتبعية قدرته على التأثير الخارجى، ولذا انشغل رجل أمريكا الأول بالمواطن، وداعب مشاعره، ووعد بإزاحة همومه، وإن كلفه ذلك التخلى عن مسئوليات خارجية بقيت أمريكا طويلاً حريصة عليها.. شكر سابقيه من ناحية، وانتقد أدائهم من نواح متعددة.
 
لقد وضع عنواناً رئيسياً لحكمه (أمريكا أولاً) ، داعياً إلى أن تعود أمريكا عظيمة مجدداً، وكانت (الصناعة) كلمة حاكمة فى خطابه كررها كثيراً، متهماً (تصريحاً لا تلميحاً) الإدارات السابقة بدعم الصناعة الأجنبية على حساب صناعة بلاده، مؤكداً حرصه الكامل على حماية صناعته الوطنية، ودعم إنتاج بلاده وقال (اشتر منتجات أمريكية ، ووظف مواطنين أمريكيين)، مؤكداً كذلك على عودة الوظائف للبلاد، وحماية العمال الأمريكيين منتقداً انتفاع قلة فى واشنطن من الحكومة، فيما يتحمل المواطنون العبء الأكبر، كما دعا إلى إعادة توجيه الانفاق بما يخدم أمريكا، وقال إن أمريكا أنفقت المليارات فى الخارج بينما تركت البنية التحتية فى البلاد تتهاوى.
 
هى إذن وكما أعلنها (رؤية جديدة) ومنهاج جديد يُعلى فيه حاكم أمريكا (كلمة الاقتصاد) على ما سواها من كلمات، ومن هذا المنطلق نفسه، حماية صناعته الوطنية، كان لترامب فى السابق، تصريحات نارية تجاه الصين حيث قال : تأخذ الصين مبالغ طائلة، وتجنى ثراءً فاحشاً من الولايات المتحدة فى تبادل أحادى الجانب بشكلٍ مطلق، كما تدعم الصين شركات القطاع العام لديها دعماً غير مقبول فيما تضع العراقيل أمام الشركات الأمريكية، وهدد ترامب بفرض تعريفة عقابية على البضائع الصينية المستوردة، وأن على أمريكا أن تعالج العجز فى ميزانها التجارى مع دول العالم، والصين على وجه الخصوص.
 
ومن هنا أقول، لقد كان الرجل واضحاً، وكانت رسالته محددة، ولم يكن مما قلناه كثيراً ، وأكدنا عليه طويلاً فى الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، لم يكن بعيداً، فقد كانت دعوتنا المتواصلة  تشجيع المنتج المصرى، وحماية الصناعة الوطنية، ووضعنا الحلول القابلة للتنفيذ للمشكلة الاقتصادية التى تعيشها مصر، والتى لا تتعارض مع التزامات مصر فى الاتفاقيات الدولية، وقواعد منظمة التجارة العالمية.
 
دعونا إلى العودة لنظام الضرائب التصاعدية حتى 30% ، دون المساس أو الزيادة على أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، والبديل فرض رسم تنمية 3% على أصحاب الدخول من 5 - 20 مليون جنيه  يرتفع إلى 5% على أصحاب الدخول من 20 - 50 مليون جنيه، يزداد إلى 7% لمن يتجاوز دخله 50 مليون جنيه، وذلك لمدة ثلاث سنوات على الأقل، كما طالبنا  بتغليظ العقوبات على التهرب الضريبى والجمركى، بحيث تكون رادعة ومانعة، وكذلك ترشيد الإنفاق الحكومى بالامتناع عن شراء أية أصول لمدة عامين على الأقل، وتشديد الرقابة على الأسواق للسيطرة على انفلات الأسعار، وترشيد الدعم بأنواعه دون المساس بمحدودى الدخل، كما طالبنا كاتحاد جمعيات مستثمرين بزيادة الإيرادات وضغط الإنفاق لتحقيق التوازن ثم الفائض، وذلك بزيادة إيرادات مصر من النقد الأجنبى (صادرات - استثمارات جديدة)، وهذا يتم بوضع الصناعة المصرية على قدم المساواة مع منافسيها من حيث تكلفة إنشاء المصنع، وتكلفة التشغيل، لزيادة القدرة التنافسية للإنتاج المصرى برفع الأعباء المحملة على العملية الإنتاجية التى لا يتحملها الإنتاج فى البلاد الأخرى، وطالبنا باستيفاء جميع الاحتياجات الحكومية من الإنتاج الوطنى، فيما عدا ما لا ينتج محلياً، وتحفيز الصادرات وزيادة مخصصاتها، وتوجيه الدعم المادى إلى المصانع التى تزيد نسبة المكون المحلى فى تكلفة إنتاجها عن ٥٠ بالمائة، وتطوير المعارض، والاعتماد على الشركات المتخصصة فى التسويق الدولى، وتطبيق نظام الشباك الواحد تيسيراً للإجراءات، ومنعاً للفساد.
 
وطالبنا أيضاً بتقنين استخدام وإنفاق النقد الأجنبى بوقف استيراد السلع الاستفزازية، وكذلك وقف استيراد السلع التى لها مثيل من الإنتاج الوطنى لمدة ثلاث سنوات بشرطين:
 
 أولهما: أن يكون المنتج الوطنى متاحاً،  ويتمتع بجودة منافسة وبكميات كافية .
 
 ثانيهما : أن تتدخل الحكومة فى تسعير المنتج منعاً للاستغلال، كما طالبنا بالاستخدام الكامل ، لما شرعته لنا القواعد الدولية من فرض رسوم الإغراق والحماية، وتصحيح الفهم الخاطئ والمتعمد لسياسات السوق، لأن حرية السوق لا تعنى بحال من الأحوال عدم رعاية الصناعة الوطنية، وعدم التدخل فى السوق لضبط الأسعار حمايةً للمستهلك، ولا تعنى كذلك فتح الأسواق للمنتجات الواردة دون أية ضوابط، كما طالبنا باستخدام قواعد منظمة التجارة العالمية، التى لا تحظر زيادة الرسوم الجمركية، عندما تتعرض الصناعة لمنافسة غير متكافئة، والارتفاع بسقف المواصفات القياسية عند الاستيراد .
 
لقد كنّا حريصين على البحث عن حلول (لأصول المشكلات) ، لا لظواهرها .. شخصنا الداء ووضعنا الدواء ، الذى وصفناه بالمر، وأكدنا على ضرورة تناوله كاملاً حتى يتعافى المريض، وتعود بلدنا العظيمة أرضاً للخير ووطناً للنماء، ألم أقل لم يكن خطاب رجل أمريكا الأول منا ببعيد ؟
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة