"التحفة الوفائية في العامية المصرية"..معجم يوثق حياة المصريين فى القرن 19

الثلاثاء، 24 يناير 2017 01:00 ص
"التحفة الوفائية في العامية المصرية"..معجم يوثق حياة المصريين فى القرن 19  مكتبة الإسكندرية
الإسكندرية جاكلين منير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن مكتبة الإسكندرية معجم تحت عنوان "التحفة الوفائية فى العامية المصرية" للمؤلف وفا أفندى محمد القونى (1849م-1899م)، من تقديم الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وقام بالتحقيق الدكتور هشام عبد العزيز.
 
وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين فى مقدمته عن المعجم أنه ليس مجرد معجم فى العامية المصرية، ولكنه موسوعة ثقافية فى المجتمع المصرى فى حقبة تاريخية مهمة وهى نهاية القرن التاسع عشر، حيث تم تأليف المعجم منذ حوالى مائة وعشرين عامًا، ورصد كلمات الناس آنذاك والكثير من ألفاظ العوام وأساليب كلامهم وعاداتهم وأمثالهم المألوفة على ألسنتهم، وكان ذلك لأهل القاهرة والوجه البحري، مضيفاً أنه على الرغم من المكانة العلمية للمؤلف ومن أهمية المعجم وثرائه إلا أنه لم يٌنشر من قبل.
 
وأضاف سراج الدين أن المعجم عبارة عن كلمات عامية مصرية مشروحة باللغة العربية الفصحى، حيث مزج المؤلف بين العامية كمداخل وأمثلة وأمثال، والفصحى فى شرحه وإثرائه لمواد المعجم بالآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية أو الأشعار أو الأقوال أو غيرها، لافتاً إلى دور التحقيق العلمى المنضبط الذى نهض به الدكتور هشام عبد العزيز لهذا المعجم، فبجانب إعماله لمبادئ التحقيق وقواعده أضاف إليه العديد من الكشافات التى تثريه؛ حيث أضاف خمسة وثلاثين كشافًا متنوعًا؛ للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار والأمثال والحكم والتعبيرات الشعبية وغيرها.
 
ويتناول المعجم خمسمائة وثلاث وعشرين مادة أو مدخلاً معجميًّا، مرتبة ألفبائيًّا وفقًا لاجتهاد المؤلف، كما يتناول المؤلف فى كلِّ مادة معنى اللفظ وسياقاته مورِدًا أمثلة وأمثالاً، ويورد كذلك الكلمات المرتبطة بكل مدخل، سواء مرتبطة باللفظ أو بالدلالة وذلك بقدر ما أمكن له، وقد انتهت المواد عند حرف الشين؛ حيث لم يكتمل تأليف المعجم لوفاة مؤلفه.
 
وأكد الدكتور سراج الدين أن مكتبة الإسكندرية تأمل أن يكون نشر هذا المعجم فى السياق الذى تضطلع به المكتبة من مجهودات حثيثة فى مشاريع عديدة لتوثيق التراث، وليخرج القارئ بعد قراءته للمعجم أو اطلاعه على مادة من مواده مستبصرًا بطبيعة حياة المصريين خلال تلك الحقبة، متمنياً أن يسهم هذا الإصدار فى سدّ النقص فى المكتبة العربية فى بعض الحقول المعرفية خاصة المعجمى منها، فضلاً عن الفقر الملحوظ فى المعاجم العامية، وهو ما يرجع إلى جملة من الأسباب، من ضمنها تركيز الناشرين على نشر كتب فى موضوعات محددة وفقًا لأمور تسويقية وأهداف مالية.
 
فيما أشار الدكتور هشام عبد العزيز؛ الذى تولى التحقيق عن المعجم، إلى أن منهج المؤلف فى معجمه يمكن فى إجماله عدة نقاط وهي؛ أن المعجم يبدأ من حرف الهمزة وينتهى عند آخر حرف الشين. ولم يكمل المؤلف معجمه لوفاته، بالإضافة أنه يتكون من 523 مادة رتبها ترتيبًا ألفبائيًّا حسب نطقها على ألسنة العامة، ولكن هذا الترتيب اضطرب فى بعض الأماكن فلم يكن متسقًا، فضلاً عن أن المؤلف لم يلتزم فى ترتيب مواد معجمه على تجريد اللفظ إلى الماضي، فقد أورد مواد على صيغة الماضي، وأخرى بالمضارع، وأحيانًا أسماء. 
 
ولفت إلى أنه لم ترد فى المعجم مواد فى حرف الهمزة على صيغة الماضى إلا بعض الأفعال والصفات التى استدركها المؤلف بعد حرف الباء من أنه كان قد نسيها، وأخيراً اهتم المؤلف فى رصده لدلالة اللفظ ودورانها فى كلام العامة، بذكر أكبر قدر ممكن من الأمثال والتعبيرات الشعبية والأقوال التى ترد فيها اللفظة، بالإضافة إلى ذكر أكبر قدر ممكن من العادات والمعتقدات الشعبية التى تتصل باللفظة موضوع المادة، كما أن المؤلف أورد فى مواد معجمه 114 مثلاً، و3200 من التعبيرات والأقوال، كما شرح باستفاضة 101 عادة ومعتقد شعبي، وهو ما جعل المعجم، رغم قلة عدد مواده كنزًا ثقافيًّا كاشفًا عن جانب من الجوانب المهمة والخفية للمجتمع المصرى فى القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين.
 
ورصد الدكتور هشام عبد العزيز بناءً على ما قدمه أهم ملامح منهج التحقيق فى عدة عناصر وهي؛ أولاً: نسخ النص، مع مراجعة مقدمة المؤلف المطبوعة على المصادر التى نقل منها نقوله الطويلة، وثانيًا: قام المؤلف بضبط نصه بالحركات الضابطة لنطق الألفاظ العامية، وهو ما تكن لديه مندوحة من اعتماده، بل فاضطر إلى ضبط الألفاظ والأمثال والأقوال وغيرها ليس فى متن المعجم فحسب، بل وفى الهامش وفى الكشافات كذلك، وثالثاً: قام بتخريج الآيات والأحاديث والأشعار والأعلام التى وردت فى النص، لتكتمل الفائدة.
 
وقام المحقق بالاعتماد على معاجم اللغة ومجموعة من كتب الرجال الأساسية، مثل: لسان العرب لابن منظور والقاموس المحيط للفيروز آبادي، والمعجم الوسيط، وكتاب الأعلام للزركلى وغيرها، ولم يكن أثبت الرجوع إليها بتفصيل إلا عندما تكون هناك ضرورة لذلك كأن يكون هناك اختلاف، أو أن المعلومة التى يبحث عنها لا توجد إلا فى مصدر وحيد، وخامسًا: لم يكن هناك بُدٌّ من عمل مجموعة من الكشافات الضابطة للمعجم، حيث جاءت الكشافات وفق عدة ضوابط.
 
وأخيرا وردت بالمخطوط فى الجزء الأول مجموعة رسوم توضيحية رسمها المؤلف بيده، لمجموعة من الآنية وأدوات الزراعة، وقام المحقق بسحبها بجهاز "الاسكانر "، وتوضيبها دون المساس بطبيعتها ولا بحدودها كما رسمها المؤلف، وأعطى كل شكل رقمًا وربط هذا الرقم بمكانه فى المتن، وقد أوردت هذه الأشكال فى نهاية المعجم.
 
ويعتبر المؤلف وفا أفندى محمد القونى من رجال الدولة المصرية فى الفترة التى تلت الثورة العرابية أثناء حكم الخديوى توفيق، وهو ما يكشفه ما ذكره فى المادة 259 من المعجم ووصفه للخديوى توفيق بأنه "الجناب الخديوى توفيق باشا الأفخم، أيده الله"، كما أنه تولى أمانة "الكتبخانة" الخديوية، فى أواخر القرن التاسع عشر، وتولى أمانة دار الكتب المصرية، كما أنه كان محرر جريدة "الكوكب المصري" التى كانت تصدر قبل الثورة العرابية، ومن أشهر مؤلفاته "التحفة الوفائية فى اللغة العامية"، و"الرد المبين على جهلة المتصوفين"، و"البرهان الساطع على وجود الصانع".








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة