عبير الغندور

الثعلبة الديمقراطية بين شلل الجسد وشلل العقل

الجمعة، 30 سبتمبر 2016 05:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كشفت المناظرة الأولى بين مرشحى الرئاسة الأمريكية عن بعض أسرار مهمة وتخص الشرق الأوسط، ومن خلال الأسئلة والأجوبة والاتهامات المتبادلة بين المرشحين أصر مرشح الجمهوريين ترامب على توجيه الاتهام لهيلارى كلينتون أثناء حوارهما الاثنين الماضى بأن سياستها قد تسببت حين كانت تعمل كوزيرة للخارجية فى إدارة أوباما بحدوث فجوة كبيرة فى العراق أدت إلى تمركز داعش فى العراق من البداية ودخوله ونمو هذا التنظيم حتى تغلب على الجيش العراقى وحين قررت هى وأوباما سحب قوات الجنود الأمريكيين من العراق عام ٢٠١١ بالكامل وترك فراغا للإرهابيين التمركز هناك وتعزيز مواجهتهم ضد الجيش العراقى دون دعم!! لكن هيلارى قالت ولأول مرة أن الحكومة العراقية هى التى رفضت استمرار وجود الجنود الأمريكيين وصممت على عودة وحدات الجيش الأمريكى لبلادهم بالكامل إلى آخر جندى، وهو ما كان بموجب الاتفاق بين الحكومة الانتقالية العراقية وبوش وقت التدخل الأمريكى العسكرى على الأراضى العراقية.. ورغم أن هذه القصة التى لم نتأكد من صحتها يمكن أن تكون أحد أهم الأسباب التى أدت إلى ظهور التنظيم الذى يهدد العالم بأسره الآن ويكبدنا الخسائر المالية الفادحة التى أطاحت باقتصاد أمريكا ودول أخرى، علاوة على الاعترافات بأن التدخل فى العراق كان خطأ أصلا، وإن كانت خالية من أسلحة الدمار وربما كانت حُجة لزرع داعش أصلا.

 

فى حين أن المناظرة التى تمت بين المرشحين الأمريكيين كانت تدور حول موضوع الأمن القومى الأمريكى المُهدد من داعش، إلا أن كلينتون حاولت نفى هذا الاتهام عنها، فى الوقت نفسه بات ظاهرا للعيان كيف أن إدارة أوباما فتحت الطريق ومهدت لوجود تنظيم داعش فى المنطقة، ما كان له الأثر البالغ فى زيادة مديونية الولايات المتحدة الأمريكية إلى 20 تريليون دولار فى حين أن بداية حكم أوباما كانت المديونية 5 تريليون دولار فقط .

 

كما كشفت هيلارى عن وجود تفاهمات مع بعض الدول العربية المسلمة والتى كانت تتعاون فى إخراج معلومات من الشرق الأوسط وتساعد الأمريكان فى الحرب ضد داعش مُلمحة إلى أننا يجب ألا نهاجم هذه الدول الشريكة ونقحمها فى صراعات مؤقتة بين مرشحين لمجرد أن أحد المرشحين يريد الفوز، إلا أنه لا ينبغى وعلى حد قولها فضح هؤلاء أو التصريح بكلمات تضر بهذه العلاقة.. وكان ذلك فى محطة هامة توقف فيها ترامب عند سبب تسلم أموال من هذه الدول!

 

قالت هيلارى هذه الكلمات على الهواء وكنت حاضرة فى القاعة المجاورة وهى قاعة طُلاب جامعة "هوفسترا"، الجامعة التى أقيمت بها المناظرة فى نيويورك حيث تعج هذه القاعة بالكثير من الطلاب العرب والمسلمين ونحن ننظر جميعا لبعضنا البعض فى ردة فعل غير متوقعة.. فقد سمعنا الكثير من الكلمات الجميلة والوعود من أصوات السياسيين العالية إلا أننا لم نسمع هذا الكلام الجرىء من قبل، ويبدو أن جميع ما قيل فى هذا الحوار إلى جانب تلميحات خطيرة من ترامب عن علاقة شاذة بين زوج هيلارى الرئيس السابق وابنتهما لم تستطع هى الرد عليها واكتفت بالمزاح والاستخفاف والضحك الهستيرى وكأن الشلل الذى تخفيه فى جسدها يزحف إلى عقلها أيضا.. فتلميحات ترامب لها علاقة مباشرة بواقعة فضح استخدام واختراق بريد هيلارى الإلكترونى الخاص بالخارجية ثم إزالة آلاف من هذه الإيميلات التى لمح كثيرين أنهم حصلوا على مضمون هذه الإيميلات، والتى كان بعض منها مراسلات خاصة بأسرتها والبعض الاخر يخص عناصر الاخوان المسلمين وغيرهم !! فيما اعتقد ان اخبار تنظيم داعش يعلمها الاخوان المسلمين وكانت تصل لهيلارى عن طريقهم كما قالت ليلة المناظرة فى إشارة الى دول عربية مسلمة لكنه الامر الذى يبرر اعلان اخوان الولايات المتحدة الامريكية دعمهم ترشيح الثعلبة الديمقراطية .

 

هيلارى المرشحة الديمقراطية كانت ولا زالت ضد التميز والعنصرية التى تفضح ترامب لأن مصلحتها مع ما يطلق عنهم الأقليات المضطهدة حيث تشعر هذه الفئة بالقهر وانعدام العدالة فمن السهل السيطرة عليهم ببعض التعاطف ورفض الظلم الموجه لهم، ومن ثم إقناعهم أن أى أعمال ضد القانون يمكن أن تسترجع حقوقهم، كما تفعل داعش، على العكس من موقف ترامب الذى بدأ حياته السياسية بمخالفات عنصرية وعمل فى الأيام الماضية على إنجاح طرح بعض الأفكار العنصرية التى تساعد بالفعل على تعزيز وحماية الأمن القومى الداخلى بوضع تدابير معقولة مثل مراقبة الحسابات الإلكترونية للمشتبه بهم وإيقاف السيارات المشتبه بها وتفتيشها وإلغاء تراخيص حمل سلاح لبعض الأسماء الموجودة على قوائم المراقبة أو محظورة من السفر على الأقل فى مدينة نيويورك وبعد محاولات التفجيرات فى أحياء منهاتن فقد نجحت هذه الخطوات الاحترازية نوعا ما فى كشف الأماكن للمتفجرات وهى تأخذ حيّز التطبيق من المسئولين فى  نيويورك الذين يدعمون ترامب .

 

كان ما يدور بين السطور فى المناظرة هام جدا وخطير وخصوصا بعد اختراقات الكترونية ومحاولات دائمة للتجسس يعتقد انها من روسيا ويعتقد ايضا ان ترامب له علاقة بها فيما يخص هيلارى.. فأمريكا التى ابتكرت الإنترنت لا تستطيع حماية نفسها من القرصنة وهو ما يهدد أمنها القومى الآن ويثقل كاهل رئيس أمريكا المقبل! فالمؤتمرات والاجتماعات وجها لوجه سيكون الحل الآمن أن تتمكن "إف بى آى" من حل هذه الكارثة.

 

داعش التى تراقب وتأجل عملياتها وتنتظر فوز الثعلبة الديمقراطية يمكن أن تخترق أمن أمريكا بمنتهى السهولة عن طريق هيلارى نفسها الرئيسة المفضلة لديهم والتى تميل إلى عقد الصفقات خلف الأبواب المغلقة قبل التسرع وإعلان الحرب على أى جهة، فقد فُضح أمرها.. أما الولايات المتحدة الأمريكية والمشغولة فى التحضير لعُرس انتخابات الرئيس تقوم فى نفس الوقت بتسليح ما يسمى بالمعارضة المعتدلة فى سوريا، لكن روسيا تعمل فى مسار نقيض فهى تدعم جيش الأسد ولن يكون هناك تفاهمات على مدى طويل بين بلدين يعملان ضد بعضهما البعض ويخترقان الخصوصية .

 

ونظرًا لأهمية الاختلافات الصارخة بين المرشحين فإننا سنشاهد فى الأيام المقبلة ملفات سيتم التطرق لها قريبا فى مناظرتين قادمتين بين المرشحين الأمريكيين الأكثر شراسة قبل إعلان التصويت النهائى للرئيس الجديد .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة