سهيلة فوزى تكتب: كيف تصبح مستبدا ناجحا؟

الإثنين، 26 سبتمبر 2016 06:42 م
سهيلة فوزى تكتب: كيف تصبح مستبدا ناجحا؟ سهيلة فوزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"ادفع كى تلعب".. قاعدة حاكمة فى عالم السياسة، لكن من يدفع لمن؟ وما هى اللعبة؟ هذا ما حاول كتاب "دليل الاستبداد والمستبدين" تأليف "بروس بيونو" و"ألستير سميث" الصادر عن مكتبة الأسرة 2014 توضيحه لأمثالنا من عامة الشعب، فرغم اختلاف الدول، والظروف السياسية الحاكمة، والفروق الشخصية بين القادة من حيث العرق والديانة والظروف الاجتماعية، إلا أن كلهم اجتمعوا على رغبة "الاحتفاظ بالسلطة"، لذلك قدم الكتاب نماذج كثيرة لحكام من مختلف دول العالم، استعرض من خلالهم نهج القادة للاستمرار فى الحكم، فأن تكون مستبدا وناجحا فى الاستمرار بالسلطة دون الإطاحة بك ليس أمرا هينا.

 

كيف يرى القائد الشعب؟

 

فى البداية قسم الكتاب المشهد السياسى فى عين القائد إلى ثلاث دوائر..

 

الأولى - المتخيرون الرسميون وهم كل من لهم الحق فى التصويت لاختيار القائد.

 

الثانية - المتخيرون الواقعيون وهم من يختارون القائد واقعيا (مثال..أعضاء الحزب الشيوعى فى الصين).

 

الثالثة - ائتلاف الفوز أو ما يعرف بالضروريين، ويمثلون أهم مجموعة للقائد، لأنهم هم من يضمنون استمرار القائد فى السلطة، وهم السبب الأساسى فى تحديد شكل الحك، لذلك يعمل القائد فى المقام الأول على نيل رضاء أعضاء ائتلاف الدعم لأن استمراره فى الحكم مرهون برضائهم عنه ودعمهم له، والفارق بين الأنظمة الديموقراطية والاستبدادية يتمثل فى حجم ائتلاف الفوز فقط.

 

الدول الديموقراطية تتميز بوجود ائتلاف دعم كبير جدا، فلا يستطيع القائد وقتها أن ينال ولاءهم بالدفع المباشر لأعضاء الائتلاف فيلجأ إلى الإنفاق العام أى توجيه الإنفاق فى الصالح العام فيحظى كل أفراد الشعب بالرفاهية، والرعاية ومزايا قليلة نسبيا للضروريين نتيجة قربهم من دائرة الحكم.

 

أما فى النظام الديكتاتورى فإن حجم ائتلاف الدعم صغير جدا مقارنة بغالبية الشعب، فيتحول ائتلاف الدعم "الضروريين" إلى "شعب القائد المختار" ينال دعمهم وولاءهم المطلق له مقابل ما يوفره لهم من مزايا، وفرص تكوين ثروات، ويبقى ولاؤهم له قائما ما دامت مصالحهم تتحقق باستمراره فى السلطة.

 

كما اتفقنا أن استمرار القائد فى السلطة نجاح فإن نجاحه هذا مرهون برضا أعضاء ائتلاف الفوز المتحكم فى استمراره بالسلطة لذلك على القائد أن يتبع خطوات واضحة ليحتفظ بولاء الضروريين، وحتى لا يقع فى أخطاء قادة كثيرين سقطوا بعد تخلى ائتلاف الدعم عنهم.

 

حافظ على وجودك فى السلطة

 

الخطوة الأولى.. يجب أن تحافظ على وجودك بالسلطة

- أن تجعل "ائتلاف الفوز" الداعم لك فى أقل عدد ممكن، حتى لا تتكلف أموالا طائلة فى الإنفاق عليهم لشراء ولائهم.

- فى مقابل تقليل حجم "ائتلاف الدعم" عليك دائما العمل على توفير بدائل كثيرة لهم، حتى تتمكن من استبدال أى عضو يثير المشاكل أو تشك فى ولائه.

- إحكام السيطرة على الأموال لأنها مصدر شراء ولاء الضروريين.

- لا تأخذ من الداعمين لتحسين معيشة الشعب، لأن الفقراء والكادحين لن تكون لديهم الطاقة للإطاحة بك، لكن ائتلاف الفوز اذا ما أغضبتهم ستخسر ولائهم، ويطيحون بك فى أول فرصة كما فعل الجيش مع القيصر نيكولاس 1917 عندما تركوه يواجه الاحتجاجات "الثورة البلشفية"، وتخلوا عنه بعد قراره وقف تصنيع الفودكا أثناء خوض البلاد الحرب العالمية الأولى، حتى لا تؤثر على أداء الجنود فى الميدان، ولكن الضرائب على صناعة الفودكا كانت تمثل ثلث دخل الحكومة، فأدى القرار إلى عجز نيكولاس عن توفير الأموال اللازمة لشراء ولاء جنرالات جيشه، فتخلوا عنه ليبحثوا عن قائد جديد يضمن لهم تدفق الأموال. لذلك فإن ضمان بقاء القائد فى السلطة مرتبط بقدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه الداعمين له، فعليه توفير مصادر المال لشراء ولائهم.

 

من أين يحصل القائد المستبد على المال ؟

 

وفقا لرؤية الكاتب فإن أفضل مصادر المال للقائد المستبد هى الثروات الطبيعية لأنها توفر له فائض نقدى كبير دون الحاجة لأفراد الشعب، على عكس الضرائب التى يرى الكاتب أن "أهم وظيفة للشعب من وجهة نظر القائد هى دفع الضرائب"، لكن  يتطلب تحصيلها توفير الحد الأدنى من الخدمات العامة، ليستطيع القائد مطالبة الشعب بدفع ضرائب، وبالطبع غالبا لا يتناسب ما يتم توفيره من خدمات مع ما يتم فرضه من ضرائب.

 

أما الاقتراض فإنه فرصة رائعة للقادة لتوفير المال اللازم لداعميهم دون أن يحملوا هم تسديد تلك الديون، لأن القروض ترثها الأجيال القادمة ، كما أنها تكبل المنافسين المستقبليين، حيث يرث من يفكر المنافسة على الحكم تركة مثقلة بالديون، بل إن الكتاب يُرجح أن القادة المستبدين يسعون دائما لأخذ القروض حتى لا يعرض منافس لهم طلب القرض، فيتاح له فرصه توفير دعم مالى يستطيع به شراء ولاء أعضاء ائتلاف الدعم.

 

لذلك يسعى القادة المستبدين عندما تتعرض دولهم لأزمات اقتصادية كبرى إلى استجداء قادة الدول الغنية لمنحهم قروض أو إسقاط الديون بحجة التخفيف عن الشعب ، لكن الحقيقة أنهم يحاولون إنقاذ أنفسهم بتوفير الأموال اللازمة للدفع إلى الداعميين ليضمنوا الاستمرار فى السلطة.

 

كيف ينفق المستبدون المال؟

 

بعد الحصول على الأموال على القائد "المستبد" إدارة هذه الأموال بالشكل الذى يضمن له البقاء فى السلطة.

 

وحدد "دليل المستبدين" خمسة أسئلة مهمة توضح للقائد أوجه الإنفاق..

السؤال الأول- كم من المال استطاع الحاكم الحصول عليه؟

السؤال الثانى- كم من المال يستطيع الاحتفاظ به؟

السؤال الثالث- كم عليه إنفاقه على الداعمين له؟

السؤال الرابع- كم من المال عليه إنفاقه على عامة الشعب إن أراد البقاء فى السلطة وتجنب الثورة؟

وبناء على أسلوب إنفاق الأموال ينقسم القادة المستبدين إلى نوعين هما...

الأول.. المستبد الخير وهو من ينفق جزء من الأموال لنيل رضاء داعميه، ويوجه جزء كبير من الأموال الباقية إلى أوجه الإنفاق العام فى المشروعات التى تهم الشعب (لى كوان يو حاكم سنغافورة).

 

الثانى.. المستبد اللص وهو من ينفق جزء من الأموال لنيل رضاء داعميه أيضا، بينما يوجه باقى الأموال إلى حسابات سرية تحسبا للإطاحة به (سوهارتو حاكم إندونيسيا أو ملك الحكام اللصوص كما وصفه الكاتب).

 

أهم أشكال الإنفاق العام

 

حتى أعتى المستبدين يوجهون جزءا من الأموال للإنفاق العام، ليس لتحقيق حد أدنى من الرفاهية للشعب، لكن لتحقيق مكاسب خاصة مترتبة على تقديم تلك الخدمات على سبيل المثال.

 

التعليم.. على القائد حتى لو كان مستبدا أن يوفر التعليم للشعب فى مراحله الأولى، ليمتلك المواطن الحد الأدنى من الكفاءة الذى تتيح له العمل، وبالتالى دفع الضرائب، لذلك فإن الدول الاستبدادية لا تهتم بتوفير تعليم عالى جيد، ولا تحتل جامعاتها أى مركز بين أفضل 200 جامعة على مستوى العالم، لأن القائد المستبد يرى من يحصل على تعليم عالى جيد منافس محتمل له.

 

باختصار فإن القائد المستبد يهتم بتوفير التعليم بالحد الذى يوفر له عمالة جيدة قادرة على الإنتاج، ومن ثمة دفع الضرائب.

 

الصحة.. أحد أهم أوجه الإنفاق العام، ويعمل القائد المستبد على توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية التى تتيح استمرار العمل، والقدرة على الإنتاج لدفع الضرائب أيضا، لذلك فسر الكتاب ازدياد معدل الوفيات بين الأطفال فى الدول الاستبدادية مقارنة بالديموقراطيات، لعدم اهتمام القادة المستبدين برعايتهم لأن الأطفال لن يساعدوهم على الاستمرار فى السلطة.

 

الطرق.. أحد أهم وسائل دعم الحركة التجارية، وبالتالى زيادة حصيلة الضرائب، لذلك يبرع القادة المستبدون فى إنشاء الطرق، بالإضافة إلى أن الطرق وسيلة جيدة للكسب، لسهولة التلاعب فى قيمة تكلفتها الحقيقية.

 

بذلك يكون مفهوم "أدفع كى تلعب" أصبح أكثر وضوحا، على القائد أن يدفع لداعميه حتى يستمر فى لعب دور الحاكم المستبد بنجاح.










مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس / صلاح

شكلك كده مزة مستبدة يا سهيلة

زى المستبدة اللى عندى ...!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة