محمد الدسوقى رشدى

الرياح «التشاؤمية» تدفن مركب رشيد فى البحر

الإثنين، 26 سبتمبر 2016 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شىء أخطر على مركب فى عرض البحر من نشرة طقس خائبة التوقعات، ولا شىء أخطر على أحلام أطفال وأسر وشباب من توقعات سلبية عن المستقبل، ولا شىء أخطر على جثة ضحية من نهشها بألسنة تجار السياسية الذين يقدمون استغلالهم للكارثة على تقديم واجب العزاء والتضامن وبحث المشكلة. 
 
نشرة هيئة الأرصاد الجوية كانت تقول بأن الطقس خريفى معتدل على شتى أنحاء البلاد، ومعتدل بارد هادئ الرياح على السواحل الشمالية، هى إذن أجواء ملائمة للإبحار هربا من واقع مرتبك إلى أرض صورها انتهازيون أنها سواحل الأمل والثراء السريع، تكدست 486 جثة حية بجوار بعضها فى مركب يخوض رحلة غير شرعية فى عرض البحر، أملاً فى طقس جيد، لينقل مجموعة من المحبطين والمضحوك عليهم إلى أرض يقاتلون فيها من جديد ببصيص أمل تشكل فى وجدانهم بأن «البهدلة» هنا بلا حساب، و«المرممطة» هناك فاتورة حسابها مضمونة التسديد.
 
فى الجوار كانت نشرة الأرصاد الأمنية تخبرنا بأن طقسا تشاؤميا يسود أرجاء البلد، حار محبط فى القاهرة بسبب أخطاء المسؤولين وتعثر الحكومة، وبارد مربك على سواحل الأبيض المتوسط بسبب تضاؤل الفرص وغياب دور المجتمع فى نشر الوعى بخطورة بيع الروح لسمسار هجرة غير شرعية.
 
وما بين نشرة طقس هيئة الأرصاد ونشرة الطقس الأمنية معنى تائه، يفسر رغبة البعض فى السعى نحو مخرج الهرب، وهو يعلم أن نسب النجاة منه أقل من 10 %، نشرة طقس تخيب توقعاتها بشكل يراكم داخل نفوس شباب هذا الوطن أنه لا رقابة ولا جودة فى أداء المصالح الحكومية بشكل يضمن مستقبل ذى تخطيط واضح وملامح مبشرة، هم يعرفون جيدا مما ينشر فى الصحف أن شكاوى كثيرة من شباب موهوب وذو خبرة صرخت بأن أحدهم أقل كفاءة سرق مكانه فى هيئة الأرصاد بسبب الواسطة، هم يهربون إلى البحر طمعا فى أن يكونوا ضحاياه بأجساد بلا روح أفضل من البقاء ليكونوا ضحايا الوسط، وعدم تكافؤ الفرص.
 
نشرة الطقس الأمنية تؤكد نفس الفكرة، فريق أمنى بذل جهدا فى التحريات والمتابعة والتحقيقات وأسقط خلية إخوانية بمضبوطات دولارية ونارية تكفى لأن تكون سببا فى إخبار الرأى العام أن هذه العناصر الإخوانية تسعى للتخريب فى الوطن، ولكن أحدهم طمع فى مزيد من التوجيد اللفظى والسياسى غير المؤهل لأدائه، فكتب فى بيان إعلان سقوط تلك الخلية أنها كانت تهدف لنشر أجواء تشاؤمية فى البلاد، ليذهب بما كتبه إلى منطقة ضاع فيها جهد الفريق الأمنى الذى تحرى وتابع وراقب بتعريضه إلى السخرية وشغل الناس عن مهمته الناجحة بجملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب، ليضرب للهاربين على مركب رشيد مثلا جديدا فى الكيفية التى يمكنها أن تنشر الإحباط بين الناس، حينما تشاهد عيونهم أفرادا غير مؤهلين لأداء وظائفهم فى مناصب متعلقة بأمنهم وسلامتهم، هم إذن اختاروا الهرب فوق سطح مركب هجرة غير شرعية، طمعا فى فرصة قد تأتى من فوق مركب غير مؤهل للإبحار فى أعالى البحار، بدلا من الموت أو العيش فى أحضان الإحباط بسبب أداء حكومى لأشخاص غير مؤهلين لتحقيق أحلام مواطنين فى مستقبل أفضل. 
 
تلك هى المسألة ببساطة، جموع اختارت طريقا غير شرعى بحثا عن فرصة جديدة مادامت أن حقوقهم فى التكافؤ وعدم التمييز تسلب بشكل غير شرعى ولا تمنحهم فرصة جديدة. أسر وأطفال وشباب اختاروا تقديم أنفسهم للبحر كقرابين محتملة لإنقاذ ما تبقى منهم على أرض الوطن بدلا من أن يقدموا أنفسهم كقرابين لموظفين غير مؤهلين فى مناصب هدفها توفير حاضر مطمئن ومستقبل أمن للجميع. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة