العالم على أعتاب أزمة اقتصادية جديدة.. هل يكرر "دويتشه بنك" سيناريو إفلاس"ليمان برازرز" فى 2008.. صندوق النقد يصنفه بـ"الأخطر” على النظام العالمى.. وعقوده المالية 50 تريليون دولار وفساده يقود للهاوية

الإثنين، 08 أغسطس 2016 10:47 ص
العالم على أعتاب أزمة اقتصادية جديدة.. هل يكرر "دويتشه بنك" سيناريو إفلاس"ليمان برازرز" فى 2008.. صندوق النقد يصنفه بـ"الأخطر” على النظام العالمى.. وعقوده المالية 50 تريليون دولار وفساده يقود للهاوية دويتشه بنك
تحليل يكتبه: محمد البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن يوم الاثنين السابع عشر من سبتمبر 2008 عادياً على الاقتصاد العالمى.. موظفو بنك ليمان برازرز، أحد أكبر البنوك فى أمريكا والعالم، الذى يترنح وسيسقط خلال ساعات إلى الإفلاس، يتسللون إلى الحانات لشرب النخب الأخير قبل الوداع.. الهرج والمرج فى كل مكان.. البنوك عجزت عن سداد ديونها للعملاء، والمستثمرون لا يستطيعون الاقتراض، والشركات لا تستطيع السداد، والملايين يخسرون وظائفهم.

 

المشهد كان مأساوياً فى البورصة، حيث تحطم سوق الأسهم وصولا إلى أسوأ سقوط له منذ ثلاثينيات القرن الماضى "الكساد الكبير"، فيما كان المشهد على شاشات التلفاز عجائبياً، ومئات المواطنين يحرقون منازلهم المرهونة قبل تسليمها للبنوك، والآلاف يخلعون "قواعد حماماتهم، ويحطمون مطابخهم".. وعندما كان مصرفيو شارع "وول ستريت" الأمريكى يهرعون، كانت لحظة الإنقاذ قد ولت منذ زمن، واكتشف الجميع فجأة أن الرأسمالية دون رأس مال مثل "الفرن دون وقود".

 

دويتشه بنك خطر جديد يهدد العالم

 

غير أن الخطر فى 2016 هذه المرة ينطلق من "القارة العجوز"، وبالتحديد من ألمانيا، أهم دولة اقتصادية حالياً فى الاتحاد الأوروبى، إذ يترقب العالم هذه الأيام "كارثة كبرى"، تشبه كارثة "وول ستريت"، ويشغل ذهن الجميع الآن سؤال واحد، هل يلاقى "دويشته بنك" مصير بنك "ليمان برازرز"، ويقود العالم لأزمة اقتصادية جديدة تشبه أزمة 2008 التى نعانى من وطأتها حتى الآن.. وهل الاقتصاد العالمى قادر على أن يتحمل أزمة كبرى جديدة، يرجح خبراء أنها ستفوق أزمة "وول ستريت" بكثير.

 

لماذا هو الأخطر على العالم؟

صنف صندوق النقد الدولى، فى 29 يونيو 2016، "دويتشه بنك" بأنه الأكثر خطورة على العالم الذى يهدد الاقتصاد العالمى،"لأنه من أبرز البنوك الأكثر تشابكا فى التجارة العالمية، وبالإضافة لذلك فشل البنك فى اختبارات التحمل الذى أجراها البنك الفيدرالى الأمريكى فى 30 يونيو 2016.

 

ويعتبر البنك الألمانى أكبر مصرف فى ألمانيا، أسس عام 1870، وله 2790 فرعاً فى 70 دولة بأنحاء العالم، ويضم أكثر من 100 ألف موظف.

 

فيما يتجاوز حجم المشتقات المالية "العقود" التى يتعامل فيها البنك 50 تريليون دولار أمريكى، بحسب التقديرات وهو ما يقدر بـ4 أضعاف الناتج المحلى لمنطقة اليورو، و15 مرة ضعف الناتج المحلى لألمانيا، و13% من إجمالى المشتقات المالية فى العالم، وأكثر من 3000 ضعف القيمة المالية للبنك.

 

ويبلغ عدد الدعاوى القضائية، التى تتضمن اتهامات بالتلاعب وشكاوى، نحو 7800 دعوى، فيما تبلغ المخصصات لاحتياطات التقاضى 5.4 مليار يورو، كما سجل البنك خسائر فى رأس ماله بقيمة 6.8 مليارات يورو فى 2015، وكلفته الفضائح المالية وغسيل الأموال، حتى الآن، نحو 13 مليار يورو، بالإضافة لذلك فقدت أسهمه 44% من قيمتها منذ بداية العام حتى الآن.

 

كيف يخطط البنك للتعامل مع الأزمة؟

 

غير أن البنك أعلن أنه فى إطار خطته للإصلاح سيغلق 188 فرعاً بألمانيا، وسوف يسرح 9 آلاف موظف العام الجارى، على أن يرتفع العدد إلى 26 ألف وظيفة بحلول 2018، كما سينهى عمل 6 آلاف مستشار خارجى، وسوف يتخارج من 10 بلدان، بالإضافة إلى إغلاق 43 فرعاً فى إسبانيا وبولندا.

 

أسباب الأزمة الاقتصادية فى 2008.. وكيف ساهم فيها "دويتشه بنك"

 

الأزمة ببساطة كانت تكمن فى نحو 2.5 تريليون دولار أمريكى، بدأت بنوك "وول ستريت" فى 2004 إقراضها لذوى الدخل المحدود، دون وجود ضمانات كافية، مقابل رهون عقارية، ثم قامت المؤسسات المالية بـ"توريق" هذه القروض، "أى تحويلها إلى أوراق مالية قابلة للتداول فى البورصة، ثم تباع ويتم تسويقها لبنوك استثمارية وصناديق استثمار ومستثمرين من مختلف دول العالم، ثم بيعت بأسعار أعلى أو تم الاحتفاظ بها كسندات، ثم قام المشترون بالتأمين عليها فى حالة التعثر.

 

 غير أنه فى 2007 و2008 بدأ محدودو الدخل فى التعثر عن السداد بنسبة كبيرة جدا، فقامت البنوك بالاستيلاء على منازل المتعثرين، ما خلق "عرضا للمنازل أعلى من الطلب"، فتهاوت أسعار المنازل، وصارت كل هذه الأوراق المالية بلا قيمة حقيقية، وانهارت البنوك وشركات التأمين، وتدخلت الحكومة الأمريكية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وكان بنك ليمان أكثر البنوك تأثرا، إذ بلغت خسائره 3.9 مليار للربع الثانى من 2008، قبل إعلان إفلاسه.

 

الطريف أن "دويتشه بنك" الذى نجا من تبعات الأزمة المالية فى 2008 يقود العالم الآن إلى حافة "الهاوية" اقتصادياً، وبالرغم من أنه كان أحد المتورطين وأكبر الممولين للأدوات المالية التى فجّرت الأزمة العالمية فى 2008، والتى أصبح باندلاعها من المستحيل تسعير هذه الأوراق المالية المركبة التى استثمر فيها "دويتشه"، وبالتالى بدأت نقاط ضعفه تظهر بوضوح، بالرغم من أنه حاول أن يخبئ خسائره فى منتجات تأمين معقّدة، ويضاف إلى ذلك ضعف رأسماله الخاص واحتياطاته التى تقل كثيراً عن المطلوب لمواجهة الأزمات، وتعتبر المشكلة الأكبر للبنك هى المشتقات المالية والتأمينية المعقدة التى بحوزته والتى يعود قسم منها إلى الرهون العقارية الأمريكية.

 

هل تترك إنجيلا ميركل البنك يتهاوى؟

 

فى عام 2008، عقب الأزمة الاقتصادية، وجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بطريقة غير مباشرة، انتقادات حادة ضد أمريكا، لعدم إحكام الرقابة على سوق المال، الطريف أن كل ما حذرت منه ميركل انتقل إليها عبر بوابة فرانكفورت، مقر "دويشته بنك"، الذى يؤكد خبراء واقتصاديون أن انهياره سيفوق آثار "ليمان برازرز" ومصارف أمريكا عدة مرات.

 

ميركل حذرت، عقب الأزمة العالمية، من أن اضطرابات الأسواق المالية ستلحق ضرراً بأناس خارج الأسواق، وانتقدت ما قيل لسنوات بأنه "لندع الأسواق تضبط نفسها، وأنه ليس هناك حاجة لمزيد من الشفافية"، مؤكدة أننا نحتاج لمزيد من الشفافية، وأن الإنسان يحتاج لأن يعرف ما هى المخاطر التى تحيط بمنتج مالى ما، وأوضحت أن حكومتها حاولت بلا جدوى كسب تأييد مجموعة الثمانى أثناء قمة 2007 لتشديد الضوابط التى تنظم عمل صناديق التحوط.

 

هل يترك العالم "دويتشه بنك" يقود الجميع لأزمة اقتصادية كبرى؟

 

السؤال الذى يطرح نفسه، هل تترك ألمانيا البنك يتهاوى، هل يترك العالم "دويتشه فيله" ليقود الجميع إلى ثانى أكبر أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير فى ثلاثينيات القرن الماضى؟.

 

هذا السؤال يجيب عنه موقع "دويتشه فيله" فى تقرير له، قائلا، "إذا فشل البنك فى حل مشاكله، من خلال الاعتماد على طاقته الذاتية، وهذا أمر متوقع، فلن تسمح أية جهة بتقبل إفلاسه، لأن ذلك سيؤدى إلى طوفان أو تسونامى مالى جارف قد يؤدى إلى اندلاع أزمة مالية عالمية جديدة.. دويتشه بنك هو ببساطة عملاق وأكبر من احتمال السماح له بالسقوط والإفلاس، وعليه فلن يكن أمام الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبى والمؤسسات الدولية الأخرى المعنية من سبيل، عدا القيام بخطة لإنقاذه والبدء فى تنفيذها، كما حصل سابقاً لبنوك ألمانية وأوروبية مثل بنك "هيبو ريال إستايت".

 

وتذهب التقديرات إلى أن البنك الألمانى وبنوك أوروبية أخرى، وفى مقدمتها بنوك إيطالية ترزح تحت عبء قروض فاسدة بقيمة فى حدود 900 مليار يورو، وكلف إنقاذ البنوك الألمانية منذ عام 2008 حوالى 236 مليار يورو، حسب البنك المركزى الألمانى، وإذا أخذنا بعين الاعتبار المشتقات المالية الفاسدة التى هى بحوزة دويتشه بنك، فمن المرجح أن تبلغ حاجياته مستوى عشرات المليارات لإنقاذه، سواء من خلال أموال دافعى الضرائب أو من خلال تنازل المستثمرين عن قسم من استثماراتهم داخل البنك.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

Ismail Talaat

هذا التحليل واقعي وجيد جدا

ليت اليوم السابع تستمر في عمل التحلايات الجيده مثل هذا التحليل

عدد الردود 0

بواسطة:

ابن النيل

تحقيق ممتاز

تحقيق مالي ممتاز و المعلومات علي درجة عالية من الدقة.

عدد الردود 0

بواسطة:

Hoda

تحليل محترم

تحليل محترم من كاتب محترم لايقارن باي اخبار اخريلا تفيد القارئ....نرجو الاكثار من هذه المقالات والتحليلات المفيده

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

90%

بالطبع سوف تتدخل ميركل و تحل الازمة خاصة لو ان الازمة هرت بعد استفتاء بريطانيا ... لو لم تحل ميركل الازمة و تعطى امريكا حقها ستظهر بمظهر المنتقم من امريكا لتسببها فى خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى ( و هذا يصب فى مصلحة روسيا)

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة