"العلاج الملوث بالدخان".. أدخنة محرقة مستشفى بالدقهلية تخترق رئة المرضى.. المحرقة تخالف المعايير القياسية.. والأهالى: الفيروسات انتشرت بسبب الانبعاثات.. والمحافظ: أمرنا بغلقها.. والصحة:نسعى لاستبدالها

الأحد، 07 أغسطس 2016 04:33 م
 "العلاج الملوث بالدخان".. أدخنة محرقة مستشفى بالدقهلية تخترق رئة المرضى.. المحرقة تخالف المعايير القياسية.. والأهالى: الفيروسات انتشرت بسبب الانبعاثات.. والمحافظ: أمرنا بغلقها.. والصحة:نسعى لاستبدالها تلوث البيئة - أرشيفية
مصطفى عبد التواب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لك أن تتخيل مريضا بالصدر يرقد داخل مستشفى  من المفترض أن يوفر له البيئة الملائمة، لكى يتعافى مما يعانى منه، إلا أن المستشفى يحرق يوميا أطنانا من النفايات الطبية داخل المحرقة الخاصة به والتى يفصلها عن غرف المرضى سور صغير، لتملأ أدخنتها المكان مخترقة رئة المرضى.

 

ليس هذا مشهدا تخيليا ولكنه حقيقة تحدث يوميا داخل مستشفى شبراهور المركزى بالسنبلاوين الذى يتصاعد منه انبعاثات وأدخنة محملة بالكلور والديوكسينات والفيورانات وهى مواد مسرطنة وفقا لمنظمة الصحة العالمية، كما تتسبب فى تراجع الخصوبة وضعف جهاز المناعة، وفى حال زادت المواد البلاستيكية فى عملية الحرق فينتج عنها الزئبق الذى يؤدى إلى التسمم بالجهاز العصبى كما تؤثر على الكلى والكبد .

 


صورة للمدخنة من أحدى اقسام المستشفى 

 

مع بداية كل يوم تتدفق سيارات من إنحاء مختلفة بالدقهلية تحمل النفايات الطبية إلى المحرقة الموجودة بالمستشفى الذى من المفترض أن يعالج مرضى الصدر!

مع دقات الخامسة من كل صباح وحتى الثامنة مساء، تبدأ عملية الحرق بداخلها رغم تآكلها والصدأ الذى يملؤها، أما أدخنتها السوداء فتتوزع حسب اتجاه الرياح من خلال مدخنة لا يزيد طولها عن 8 أمتار ويفصل بينها وبين المستشفى أقل من 10 أمتار بالمخالفة للمعايير البيئية.

وبعد انتهاء عملية الحرق يلقى العاملون بالمحرقة الرماد الناتج عنها فى مكان مكشوف ملاصق للمدخنة، ما يضاعف من خطورة الموقف على المرضى بالمستشفى وأهالى المنطقة.

 

مخلفات الحرق عرضة للهواء

 

المرضى الموزعون على الطوابق الخمسة بمستشفى شبراهور المركزى ليسوا الضحية الوحيدة لهذه الأدخنة فاتجاه الرياح يقرر كل صباح على من يقع الدور فى استنشاق أكبر قدر من الانبعاثات، فما بين قرى "تنبور" و"ميت غراب" و"كفر شبراهور"، تتزايد صرخات سكان هذه المناطق الذين يزيد عددهم عن 50 ألف نسمة دون أى استجابة.

 

أثناء تواجد "اليوم السابع" داخل المستشفى تصادف وجود مراقب الصحة المسئول عن المحرقة يتحدث مع أحد المواطنين، مؤكدا أنه يرسل شكاوى إلى مديرية الصحة بالمنصورة بمعدل كل شهر، خاصة وأن المحرقة تحتاج إلى صيانة، مؤكدا أنه يحتفظ بنسخة من هذه الشكاوى حتى يضمن حماية نفسه من المخاطر فى حال حدوث أى شىء، مشيراً إلى أنه يحاول بقدر الاماكن  تخفيف الكميات المحروقة حتى لا يتسبب فى غضب الأهالى.

المدخنة تخالف الاطوال المطلوبة 

محمد جميل أحد جيران المستشفى، يؤكد أنه فى كل يوم تدخل سيارات محملة بالنفايات الطبية قادمة من "مستشفى جامعة المنصورة، مستشفى الطوارئ بالمنصورة، المستشفى الدولى، مستشفى منيا النصر"، فضلا عن العديد من العيادات الخاصة العيادات الخاصة وبعض الشركات الخاصة المتخصصة فى حرق النفايات الطبية، وقدرها جميل بما يقرب من 5 أطنان من النفايات يتم حرقها يوميا، مؤكدا أنه أحد المتضررين من الأدخنة ويحاول منذ 4 سنوات إيقاف هذه المحرقة لكن دون جدوى .


محل إقامة أحد المواطنين المتضريين 
 
وأشار جميل إلى أن الأدخنة تصل إلى بيته بصورة كبيرة وعندما زادت فى أحد الأيام توجه نحو المستشفى لإيقاف المحرقة حرروا له محضرا بالتعدى على موظف اثناء عمله، لكنه الآن تصالح معه ولم يعد قادراً على رفض وجود المحرقة لأن هناك محضر آخر بعدم التعرض، مشيراً إلى أنه أقصى ما يمكن عمله هو أنه عندما تزيد حدة الدخان بصورة لا تطاق يتصل بالمسئولين عنها لتقليل عملية الحرق، مؤكدا خوفه على صحة الأولاد الصغار فى المنطقة الذين يصابون بأمراض صدرية بسبب الانبعاثات، قائلاً: "لو لم يكن هناك مفر من وجود المحرقة فمن الأفضل أن يكتفوا بحرق مخلفات المستشفى المركزى فقط لأنه لا ذنب لنا فيما يحدث".

 


المحرقة تسرب الادخنة 

أيمن عمارة مواطن آخر منزله مجاور للمستشفى، قال إن الفيروسات انتشرت فى القرية بسبب الأدخنة منها فيروسات كبدية وفشل كلوى وأمراض الصدر والربو، مشيراً إلى أن المواطنين بسطاء لا يعرفون أن هذه الأمراض سببها المدخنة وحتى من يعرف فيهم خائف من الاحتكاك بالمسئولين عن المستشفى لأنه لا يوجد أى ملاذ للعلاج فى المنطقة غيرها.

 

المتخصصون فى مجال البيئة يرون خطورة كبيرة من هذه المحرقة، حيث قال الدكتور وحيد محمود إمام، أستاذ البيئة بعلوم عين شمس ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لتنمية البيئة، إن هناك مخالفات خطيرة لهذه المحرقة تتمثل فى تواجدها على مسافة أقل من نصف كيلو متر بالنسبة لموقعها من المستشفى أو الكتل السكانية، علاوة على عدم إتمام عملية الحرق لأنه لو تمت ما كانت الأدخنة ستخرج بهذا اللون الأسود علاوة على قصر طول المدخنة والتى من المفترض أن ترتفع عن المبانى المحيطة بها.

 


ادخنة المحرقة تتزايد فى المستشفى 

وتابع إمام أن الانبعاثات التى تخرج عن حرق المخلفات الطبية تحمل ديوكسينات وفيورانات وهى مواد مسرطنة، مشيرا إلى أن هذه المواد تزيد كلما زادت نسبة المواد البلاستكية فى المحروقات، مؤكداً أنه بناء عن تجاربه السابقة مع هذا النوع من التلوث البيئ، فإن كل المحارق تقع فى هذه المخالفة لأن نسبة البلاستيكات يجب ألا تزيد عن 10% من كل عبوة ستحرق لكن عند جمعها تزيد النسبة نظراً للإهمال الطبى فى المستشفيات.

 

وأوضح أن الرماد الناتج عن عملية الحرق تنحصر خطورته فى أنه يحمل جسيمات ثقيلة تؤثر على المرضى والأطفال، قائلا: "إذا كانت الأتربة العادية تحمل أمراضا فما بالك بالأتربة الناتجة عن مخلفات طبية، وتابع قائلاً: "ليس من المقبول إطلاقاً تواجدها بالقرب من المرضى وتسريبها للأدخنة داخل محيط المستشفى". 

 


المستشفى تحتوى على قسم صدر 

على الصعيد الرسمى، قال حسام الدين إمام، محافظ الدقهلية، إن هناك إجراءات تم اتخاذها بالفعل تجاه هذه المحرقة وسبق وأن تم إصدار قرار بإيقاف العمل به، مشيراً إلى أنهم عندما تلقوا شكاوى من المواطنين انتقلوا إلى مقر المحرقة وتم تشكيل لجنة لتطويرها علاوة على دراسة نقلها خارج الحيز العمرانى، مشدداً على أن الخطأ هو أن المحرقة كانت موجودة لكن الكتلة السكنية هى التى جاءت اليها وليس العكس، مشدداً على أنه سيتحرك بالتعاون مع مدرية الصحة بالمحافظة لمعرفة اسباب عودتها للعمل.

 

ومن ناحيته، قال الدكتور سعد مكى وكيل وزارة الصحة بمحافظة الدقهلية، إنه بعد استلامه لمنصبه اكتشف أن المحرقة متهالكة، موضحا أنه يسعى الآن لشراء مفرمة نفايات طبية وهى  تكنولوجيا حديثة تقوم بالتخلص من هذه النفايات بطريقة آمنة وتلقى بها فى المجارى بعد تعقيمها، مشيراً إلى أنه سيدرس إيقاف هذه المحرقة حتى تتم إجراءات شراء المفرمة الجديدة.


صورة للمحرقة من شباك المستشفى 

وأضاف أن هذا الحل وصل إليه بعدما أوقف الأهالى محرقتين فى مستشفى المنصورة الدولى وفى مستشفى طلخا، وهو ما اضطره للتفكير فى حل آخر غير حرق النفايات، لافتا إلى أن البديل حتى تأتى المفرمة الجديدة هو إرسال هذه المواد إلى الشركة التى تعاقد معها لحرق النفايات الطبية بالجيزة، لتحقيق مطلب المواطنين . 

 

مدخل المستشفى 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة