محمد أبوالفضل بدران يكتب: سبعون عامًا أيّها الدرويشُ

الجمعة، 12 أغسطس 2016 04:04 م
  محمد أبوالفضل بدران يكتب: سبعون عامًا أيّها الدرويشُ محمد أبو الفضل بدران أمين عام الأعلى للثقافة السابق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 الكتابة عن درويش الأسيوطى كحديث النفس حين تبوح بأسرارها، هذا الدرويش الذى أراه الشاعر الرائد الذى لا يَكذِب أهلَه، وكم أنا فخور بأنى حين غامرتُ فى التسعينيات ودرّستُ قصيدته الخالدة "استيقظى" التى أَرَّخت لمصر فى حقبة عشناها، كانت لديه الجرأة وصوت الشاعر الذى ينبّه قومه، ويوقظ أهله ، ويحمل رسائل المطحونين للوالي:

 "استيقظى فلدى ألف رسالة

كُتبتْ إلى عيْنيك من وجعِ القرى"

 عندما سافرتُ الى ألمانيا أخذتها معى؛ درّستها فى جامعة بون وتساءلت طالبة ألمانية :  "هل تعتقد أن مصر ستستيقظ؟ ثم أردفت :   لا أظن" ؛ فى الخامس والعشرين من يناير صدقت نبوءة عمنا الدرويش، وهاتفتنى طالبتى الألمانية قائلة:

"معذرة ، لقد صدق الدرويش."

 لم يتاجر درويش الأسيوطى بالشعر ولا بالقضية وإنما يكتب الشعر منحوتا من قلبه؛ ولذا يصل إلى الناس لأنه صوتهم المعبر عن آمالهم وآلامهم.

لم يلجأ للتهويمات والطلاسم المستوردة أو المنتجة محليا لإبعاد الناس عن الشعر؛ وإنما يكتب ما يمليه عليه ضميره فيصل للناس شعرا ومسرحيات وإرثا شعبيا يجمعه من أفواههم ويحلله من خلال رؤاهم، هنالك دور عظيم لناظر مدرسة الشعر عمنا درويش كما أطلقنا عليه وهو يجمع الأدباء من طلاب جامعتى أسيوط والأزهر فيلتف حوله الأصدقاء مصطفى رجب وسعد عبدالرحمن وجميل عبدالرحمن وجمال عطا وعزت الطيرى وعبدالستار سليم وحسين القباحى والمرحوم محمد إبراهيم وأجيال من بعدهم مثل أحمد الشافعى عبدالحميد ، وعبدالواحد الرزيقى وأحمد الشافعى عبدالحميد ومدحت سمير السيوطي، و سيد محمد عبدالرازق  وغيرهم كُثر ،يطوف بهم كالحاوى فى القرى والنجوع ، ويمضى معه الراحل الشاعر شوقى أبوناجى وكأنهم "فرقة الشعرا" فى ظروف إجتماعية صعبة يطوفون قرى ينتشر القتل والثأر فيها محاولين بعث روح التسامح وسمو الروح وعلُوَها عساها ترقى بعيدا عن السلاح المتبادل والثارات اللا متناهية.

اكتشاف المواهب من طلاب الجامعات والمدارس يرى أنها فرض كفاية وهو يبحث عنهم ويكتب عنهم ويقدّمهم فى أثرة قلّ أن نجدها بين الأدباء.

قد يكون قاسيا ، يحاول أن يرسم تكشيرة فى وجهه فى مشهد مسرحي، سرعان ما يتحول إلى اببتسامة راضية.

وُلد الشاعر درويش الأسيوطى  عام 1946 بقرية الهمامية بأسيوط  ، وصدر له :   أغنية لسيناء - أغنية رمادية - الحب فى الغربة - من أسفار القلب - من فصول الزمن الردىء – بدلا من الصمت ( دواوين شعرية ) وغير ذلك.  كما قدمت له فرق وزارة الثقافة فى مصر العديد من أعماله المسرحية منها :   بير الشفا -  أرض البدري- فى انتظار آدم - عُرس كُليب - الطوفان - قاو الكبيرة - المعدية  الرحلة العجيبة..                                

 وقدمت فرقة مسرح السد القطرى مسرحيته ( أحلام منتصف الوقت ).  وفاز بالعديد من الجوائز فى الكتابة المسرحية والأشعار الدرامية , وعمل بالتعليم بأسيوط. 

تحية لك فى عامك السبعين وتحية لأبنائك  أحمد ومحمد ووسام وآيات ومحمود الذين أخذتك نداهة الشعر منهم وإلى أمهم التى تحملت شطحات الشاعر.

وتحية لصاحب فكرة الإحتفاء بك فى بيته الصديق الفنان سعد زغلول الذى ذهب إلى بيته بأسيوط فحوَله متحفا لأبناء الصعيد يقول للناس هنالك فنون أنتم محرومون منها وقد أتيت لكم بها فشاهدوها وحاكوها؛ ربما يخرج منكم فنان وأديب؛فكم  منحت أسيوط الحقل الأدبى والفكرى أعلاما مشهورين - كما ورد فى  كتاب الدكتور محمد رجائى الطحلاوى الرائد -"من أعلام أسيوط"  الذى عدّ منهم محمود حسن اسماعيل و حافظ ابراهيم و صلاح عبد الصبور وفوزى العنتيل ومحمد مستجاب  ومصطفى لطفى المنفلوطى  والزعيم جمال عبد الناصر و احمد بهاء الدين والشيخ احمد حسن الباقورى و د.احمد كمال أبو المجد و البابا شنودة الثالث وجلال معوض وكمال الملاخ والمستشار ممتاز نصار ومحمود البدوى والشيخ ابو العلا محمد وعبدالمجيد فرغلى وغيرهم.

يردد درويش فى قصيدته

أنا لست أملك غير أغنية

          تُرَدَّدُ فى دمى..

          والبوم تحتل الغصون.. . !!

أنا لست أملك غير إيمانى بيوم البعث

والشعراء حولى – بالقيامة – يكفرون

 

ثم ينهى قصيدته المنشورة فى 1984 قائلا : 

"زعموا بأنك قد أبحت لهم بساتين القرى

                             وعروشها،

                   وحقول حنطة يومنا،

          وبأنهم عشاقك المتبتلون..  ‍‍‍‍‍‍!!

وبنور وجهك يختمون وثائق الفُتْيا..

وآيات الجباية،

والجباة يؤمّنون..  !!

حجبوا عن العشاق نورَ شهودك الأسمى..

ليهلكنا التشكُّكُ والظنون.. .

.........................

لكن نهرك..

صاغ من عنف احتدام الماء

بين ضلوعه عِقداً

من الفلِّ المطرَّز بالندى..

وأتى إلى العتباتِ يسألُها الدخول..

تكلّمى..

فالصمتُ يورثنى الجنون.. . ‍!!!"










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة