يوسف أيوب يكتب: هل يحاكم بلير كمجرم حرب بعد نشر تقرير شيلكوت عن العراق؟.. أهالى البريطانيين المفقودين يطالبون بمحاكمته.. ونواب يتبنون حملة لتجريده من لقب رئيس وزراء سابق.. والفيتو الأمريكى طوق النجاة

الخميس، 07 يوليو 2016 05:26 م
يوسف أيوب يكتب: هل يحاكم بلير كمجرم حرب بعد نشر تقرير شيلكوت عن العراق؟.. أهالى البريطانيين المفقودين يطالبون بمحاكمته.. ونواب يتبنون حملة لتجريده من لقب رئيس وزراء سابق.. والفيتو الأمريكى طوق النجاة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونى بلير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الجلسة الختامية للقمة الأفريقية التى عقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، نهاية يناير 2015، وقف رئيس زيمبابوى ورئيس القمة الإفريقية حينها روبرت موجابى، مهاجما المحكمة الجنائية الدولية التى وصفها بـ"المنظمة العنصرية" وغير العادلة، خاصة ضد الأفارقة، وقال إن الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونى بلير ارتكبا أعمالا فظيعة فى العراق تحت ذرائع خاطئة، واعترفا بأنهما ارتكبا أخطاء، كما قتلوا صدام حسين ورغم ذلك لم يتم إحالتهما للعدالة، ووقتها ضحك من كانوا متواجدين فى القاعة، واعتبروا أن ما يقوله موجابى له علاقة بخلافه مع بريطانيا، وانه من الصعب مجرد التفكير فى طرح مقترح بمحاكمة بلير أو بوش أمام الجنائية الدولية.

لم يكن يتخيل القادة الأفارقة أن تونى بلير قد يصل به المطاف إلى أن البريطانيين أنفسهم قد يطالبون بمحاكمته على ما اقترفه فى العراق، وأن ما قاله موجابى قد يتحقق فى يوم ما، فبعدما نشرت لجنة التحقيق البريطانية تقريرها حول الدور البريطانى فى حرب العراق 2003، تعرض بلير لانتقادات شديدة اللهجة بسبب عدد من النقاط المتعلقة بالعملية العسكرية فى العراق.

السؤال الآن هل من الممكن أن يتم محاكمة بلير على ما حدث فى العراق استناداً إلى تقرير جون شيلكوت؟.. بالطبع الإجابة مفتوحة وتحتمل سيناريوهات متعددة، تحتمل أكثر من وجه، لكن علينا أن ننظر لردود الأفعال البريطانية المبدئية على التقرير للتعرف على الطريق الذى يسير فيه الرأى العام البريطانى.

عدد من النواب من بينهم أليكس سالموند من الحزب الوطنى الاسكتلندى قالوا إنهم ينوون اغتنام الفرصة من أجل بدء إجراءات "إقالة" قد تكون نتيجتها المحتملة تجريد بلير من لقب رئيس الوزراء الأسبق، وبالطبع إجراءات "الإقالة" التى تستند إلى قانون استخدم للمرة الاخيرة فى 1806 ويعتبر قديما، ترتدى طابعا رمزيا.

هذا الطابع الرمزى يعتبره محامو عائلات 29 جنديا قتلوا فى العراق خيطا مهما بالنسبة لهم، بعدما قالوا إنهم سيدققون فى تقرير شيلكوت، وقال مكتب ماك كيو وشركائه إن التقرير "يمكن أن يشكل أساسا من أجل اتخاذ إجراءات قانونية ضد بلير ووزرائه أو الحكومة بشكل عام".

المحصلة أن محاكمة تونى بلير كمجرم حرب أصبحت مطلب لعدد من الأسر التى فقدت أبناءها فى العراق، وظهر ذلك من اللافتات التى رفعها متظاهرين تجمعوا أمام منزل بلير صباح الأربعاء الماضى، منها لافتة كبيرة كتب عليها "بلير يجب أن يلاحق لجرائم حرب"، ومن خلف هذه اللافتة قال جون لويد (70 عاما) وقد علق حول عنقه لافتة كتب عليها "العدالة للعراق، وبلير إلى لاهاى"، "أنا غاضب.. تونى بلير وجميع من دعموا الحرب يجب أن يحالوا على القضاء.. نحن بلد متحضر والناس يجب أن يكونوا مسئولين عن أعمالهم".

الجميع بالطبع يستند إلى ما أنتهى إليه جون شيلكوت رئيس لجنة التحقيق بالتأكيد على أن التدخل العسكرى البريطانى كان خطأ أدى إلى عواقب خطيرة لم يتم تجاوزها حتى اليوم، واستنتجت اللجنة فى التقرير النهائى أن حكومة تونى بلير انضمت إلى العملية العسكرية فى العراق، قبل استنفاد كل الفرص المتوفرة للحل السلمى، مضيفا أن العمل العسكرى لم يكن "الملاذ الأخير"، وقال شيلكوت خلال تقديمه تقرير لجنة التحقيق: "كان التدخل البريطانى فى العراق خطأ، ونحن مازلنا نواجه عواقب هذا القرار للحكومة البريطانية حتى اليوم"، وأضاف أن رئيس الوزراء تونى بلير تلقى تحذيرات من تنامى الخطر الذى يشكله تنظيم "القاعدة"، على بريطانيا.

واستنتج المحققون البريطانيون فى تقريرهم الذى استغرق إعداده 7 سنوات، أن التدخل البريطانى جاء على أساس "معلومات استخباراتية مغلوطة وتقييمات لم يتم التدقيق فيها"، وأشاروا إلى أن لندن تحدثت عن الخطر الذى مثلته "أسلحة الدمار الشامل" فى أيدى العراق بيقين لا مبرر له، وأضاف شيلكوت أن أكثر من 200 مواطن بريطانى قتلوا فى سياق النزاع المسلح فى العراق فيما أصيب كثيرون بجروح.

وقال شيلكوت إنه كان من الممكن أن يصبح التدخل العسكرى فى العراق أمرا ضروريا فى مرحلة ما بعد عام 2003، لكنه شدد على أنه فى مارس عام 2003 لم يكن هناك أى خطر مباشر مصدره نظام صدام حسين، لذلك كان على الحكومة أن تواصل اتباع استراتيجية الردع، علما بأن أغلبية أعضاء مجلس الأمن كانوا يؤيدون عمليات التفتيش الأممية فى العراق.

التقرير كشف أيضاً ما جرى بين تونى بلير والرئيس الأمريكى جورج بوش خلال الأشهر التى سبقت التدخل العسكرى فى العراق، إذ أثارت هذه التعاملات "السرية" شكوكا كثيرة على مدار السنوات الماضية، وحسب التقرير، قال بلير لبوش فى مذكرة مؤرخة بـ28 يوليو 2002، أى قبل 8 أشهر من التدخل: "سأكون معك مهما حصل، لكن حان الوقت لننظر إلى الصعوبات بشكل صريح"، وتابع: "يعد التخطيط لذلك ووضع الاستراتيجية، المهمة الأكثر صعوبة، إن ذلك ليس كوسوفو، وليس أفغانستان، وليس حتى حرب الخليج".

التقرير يحمل إدانة واضحة لتونى بلير الذى لم يجد مفر سوى الأعراب عن حزنه العميق لما حدث فى العراق بعد التدخل العسكرى لإسقاط صدام حسين، مصرا فى الوقت نفسه على أنه اتخذ قراره فى العام 2003 "بحسن نية"، وقال إنه مازال واثقا من أن العالم بلا صدام حسين أصبح ولايزال مكانا أفضل، وأصر على أن نظام صدام كان يتصرف بصورة غير قابلة للتنبوء، إذ كانت تصرفاته تهدد بعواقب كارثية.

ولم يكتفى بلير بذلك وإنما استخدم لغة عاطفية، بقوله إنه يدرك أن كثيرين لن يعفوا عنه أبدا، وسيتمسكون باعتقاد أنه كان يكذب على الحكومة والشعب حول الخطر الذى مثله نظام صدام، لكنه أصر على أن القرار بالتدخل عسكريا "اتخذ بحسن نية"، وأوضح: "اتضح لاحقا أن التقييمات الاستخباراتية التى تم تقديمها عندما كنا نتوجه للحرب، كانت مغلوطة، والعواقب كانت تحمل طابعا أكثر عدائية ودموية وأطول مدة مما كنا نتصوره وقت اتخاذ القرار بالتدخل، لذلك كله، أعرب عن حزن وأسف واعتذار أكبر مما يمكنكم أن تتصوروا".

بالتأكيد سيحاول الغرب عرقلة أى خطوة من شأنها إخضاع بلير أمام المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب، من خلال استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو فى مجلس الأمن ضد أى قرار يدين بلير أو بوش، لكن مجرد طرح الموضوع للنقاش الداخلى فى بريطانيا يؤكد حقيقة مهمة، وهى أن العالم كله تعرض لخديعة كبرى من جورج بوش وتونى بلير قضت على دولة كبرى وهى العراق، وتسببت فى فوضى شديدة فى الشرق الأوسط كله.



موضوعات متعلقة..


- الصين: التقرير البريطانى حول حرب العراق يثبت أهمية احترام القانون الدولى








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

إيهاب طاهر

لا

عدد الردود 0

بواسطة:

Ahmed

والرؤساء والملوك العرب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة