كريم عبد السلام

هتلر جديد فى تركيا وأوروبا ستدفع الثمن

الأربعاء، 20 يوليو 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الزعيم النازى وصل للسلطة بالانتخابات لكنه دمر العالم


ما يحدث فى تركيا اليوم يعيدنا مباشرة إلى أكثر الكوابيس رعبا فى ذاكرة أوروبا الحديثة، صعود أدولف هتلر، زعيم الحزب النازى، ليتولى منصب مستشار ألمانيا فى يناير 1933، بعد أن خدع الألمان بشعارات غوغائية عن ضرورة مواجهة الإذلال الأوروبى لألمانيا فى الحرب العالمية الأولى، وعن إمكانية تحقيق الوفرة الاقتصادية بتقديم وعود براقة للمزارعين، وقدامى المحاربين، وأفراد الطبقة الوسطى، الذين عانوا من مرحلة الكساد التى تلت الحرب الأولى.

فور تولى هتلر الحكم سعى للسيطرة على جميع السلطات فى ألمانيا وتصفية معارضيه، فأصبح المستشار والقائد العام للقوات المسلحة والمسيطر على البرلمان والمقاطعات الألمانية، وعندما استتب له الأمر وصفى كل معارضة له فى الداخل، توجه من خلال آلة إعلامية جبارة إلى عسكرة الاقتصاد الألمانى، ودق طبول الحرب لابتلاع معظم أراضى أوروبا، قبل أن يلقى مصيره المعروف فى 1945 بعد أن تسبب فى تدمير بلده وعديد من بلدان العالم فى ثلاث قارات.

لم يكن ليحدث ما حدث فى الحرب العالمية الثانية من خراب ودمار ومقتل الملايين فى أوروبا وخارجها، لو أن الدول الأوروبية الكبرى التفتت مبكرا إلى خطورة صعود المستبد المهووس فى ألمانيا، وما يمكن أن يتطور إليه استبداده حين تستتب الأمور ويمسك بكل خيوط القوة فى يديه، الأمر نفسه يحدث حاليا مع الفارق فى تركيا أردوغان، التى باتت أكبر مصدر تهديد للدول الأوروبية، فأردوغان يضرب القيم الأوروبية فى مقتل من خلال إصراره على استغلال كل حدث ليصب فى مصلحة بناء الديكتاتورية الأردوغانية المتطرفة، وبعد التحرك الفاشل لعناصر الجيش التركى، أسفر السلطان العثمانى المزيف عن وجهه بوضوح، ليجرى أكبر عملية للتنكيل بخصومه، ليس فقط داخل المؤسسة العسكرية، ولكن فى كل مؤسسات الدولة، ووصل عدد المعتقلين إلى نحو عشرين ألفا بينهم 6 آلاف فقط من الجيش التركى، وتسعة آلاف من الشرطة المحسوبة على حزب أردوغان، وأكثر من ثلاثة آلاف قاض وآلاف الموظفين فى الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية، كما استغل الأحداث الأخيرة للتنكيل بخصمه السياسى فتح الله جولن، الذى اختار المنفى الاختيارى فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، ووصل به الأمر إلى تقديم طلب رسمى إلى واشنطن لتسليمه.

أردوغان يمارس عمليات التصفية والإعدام خارج القانون، من خلال أعضاء حزبه المتطرفين والمسلحين، تجاه خصومه السياسيين، كما يعمل على تقويض المؤسسات فى الدولة التركية، وأولها المؤسسة العسكرية والقضاء وتطهير المصالح الحكومية وقصرها على الموالين مباشرة له ولحزبه، مع إنشاء كيانات مسلحة موازية للكيانات الرسمية على غرار التنظيم الخاص للإخوان فى مصر، يكون دورها النزول للشوارع وحماية السلطة بالقوة أو حمايته هو شخصيا بالقوة إذا لزم الأمر، لأنه يسعى باختصار إلى الانقلاب المباشر على كل مرتكزات الدولة وإعلان تركيا جديدة تقوم على حكم الفرد.

الدول الأوروبية الكبرى تقف حتى الآن موقف المتفرج من أردوغان، ولا تستطيع اتخاذ إجراءات عقابية مؤثرة، لأن الديكتاتور التركى يهدد أوروبا بوضوح بفتح الحدود التركية أمام مئات الآلاف من اللاجئين العرب ليزحفوا إلى أوروبا، بما يعنى عمليا فتح الحدود التركية أمام مقاتلى داعش من العراق وسورية لاجتياح أوروبا، وارتكاب عشرات المجازر على غرار مجزرة نيس، الأمر الذى يمكن أن يدفع الدول الأوروبية لمعارك جانبية هائلة، ويكلفها مليارات الدولارات لميزانيات طوارئ أمنية لمواجهة الخطر الجديد.

الارتباك الأوروبى أمام سياسات أردوغان سيجعل منه بالتأكيد هتلر جديدا بأسلحة جديدة، ففور إمساكه بكل خيوط السلطة والسطوة فى بلاده، سيعمل على فتح جبهات جديدة فى العراق وسوريا لمنع إقامة كيان كردى مستقل، بالإضافة إلى تجدد الصراع فى قبرص وحول الحقوق الاقتصادية والحدود البحرية فى المتوسط، وكلها حروب يمكن أن تعود بالمخاطر على أوروبا، فضلا عن تهديده الدول الأوروبية بقنبلة اللاجئين المتطرفين التى يمسكها بيده بعد إعلانه عزمه عن منحهم الجنسية التركية، فهل تنتظر أوروبا حتى يمتلك هتلر الصغير فى تركيا كل الأسلحة؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة