محمد مندور يكتب: المتحف الافتراضى والتجربة اللبنانية

الأحد، 10 يوليو 2016 08:00 م
محمد مندور يكتب: المتحف الافتراضى والتجربة اللبنانية محمد مندور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلنا وقال غيرنا إن المتاحف هى بيت التاريخ، ومدرسة الحكمة، نستخلص منها الرؤية ونستشرف بها المستقبل. فمن لا يعرف قيمة المتحف ضل عن ماضيه وضاع مستقبله وتلاشت هويته.

الحديث عن قيمة المتاحف فى التعليم والتربية وترسيخ القيم ليس مجرد حديث مثقفين ولا عبارات من أثر السابقين لكنها حقائق تفرض نفسها. فدول العالم المتقدم ترى فى المتاحف دور تنويرى كبير يتجاوز التاريخ وحكايات الماضى إلى استشراف الغد، وهو ما يكشف سبب اهتمام العالم بإقامة المتاحف وتذليل كل الصعاب لنشر مفاهيمها، وتجاوز ضعف الميزانيات لإقامتها حتى لو كان بإقامة متاحف افتراضية تقوم بنفس دور المتاحف التقليدية المعروفة بشكلها الحالى، وما تتضمنه من مبانى وقاعات عرض ولوحات شارحة.

فى ذكرى ثورة 30 يونيو الماضية قرأت قرار رئيس مجلس الوزراء بفتح المتاحف مجانا للجمهور بهذه المناسبة الوطنية، فكان أول ما بادرنى به صديق لى سؤال عن عدد المتاحف الموجودة فى مصر، فكان ردى أنها كثيرة، فسألنى وهل جميعها مفتوحة حقا؟ ولم يمهلنى للرد ليباغتنى بسؤال ولماذا لا نسمع عنها؟

طبعا، يعرف كثيرون الإجابة، فالمتاحف المصرية كثيرة لكن معظمها مغلق منذ سنوات إما بدعوى الصيانة والترميم والتجديد، أو نتيجة للإهمال وعدم وجود ميزانية لاستقبال الجمهور وإقامة الأنشطة الثقافية الفنية.

أول ما يمكن أن يواجهك فى البحث عن عدد المتاحف المصرية، هو عدم وجود جهة واحدة تنضوى تحت إشرافها متاحفنا، ولا حتى وجود سياسة تسويقية موحدة لهذه المنابر الثقافية. فهناك متاحف تابعة لوزارة الثقافة وأخرى للآثار وغيرها تابعة لوزارات العدل والزراعة والداخلية والرى أو متاحف تابعة لهيئات قضائية أو الجامعات والمراكز البحثية والعلمية.

المتأمل يجد أن هناك أزمة فى إدارة متاحفنا فى الوقت الذى تجاوزت فيه دول من حولنا الأمر إلى إنشاء متاحف افتراضية، تتغير فيها المعروضات وقاعات العرض كل فترة، وتخاطب بما تقدمه مراحل عمرية مختلفة، يستطيع الزائر فى الواقع الافتراضى التجول من قاعة لأخرى، فهناك من يجيب عن أسئلته، ويشرح له ما لا يعرفه، ويقدم له المشورة فى خط سير الزيارة.

هذه المتاحف ليست عبثا أو خيالا لكنها واقع، ففى لبنان أطلقت وزارة الثقافة مؤخرا مشروع المتحف الوطنى الافتراضى عبر شبكة الإنترت، لتنضم هذه المساحة الافتراضية إلى المتاحف الوطنية اللبنانية المنتشرة فى بقاع مختلفة.

الاتجاه نحو إنشاء المتاحف الافتراضية ليس ترفا للدول الغنية، فهى مشروعات توفر كثير من الأموال التى يتطلبها إنشاء مبانى المتاحف، ليوفر كثيرا من المال ولا يتطلب وقتا طويلا لتصميمه، كما أن هذه المتاحف الافتراضية يمكن أن تصل لعدد كبير من الزوار فى مختلف دول العالم، وهى فى ذاتها خطوة تسويقية ترويجية لثقافة أى بلد، وتعريف العالم بفنونها وآثارها وتاريخها.

إن عدد المتاحف المغلقة أو المهجورة فى مصر بحجة ضعف الميزانيات أمر غير مقبول التغاضى عنه، أو تناسيه بحجة وجود متطلبات أخرى للمواطنين أولى بها الميزانيات فى قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية، فبناء العقول وتعليم النشء قيمة تاريخه وتراثه وفنونه ليس فى مرتبة ثانية ثانوية بل من الضرورات التى ينبغى أن تكون فى قمة الأولويات.

متاحفنا ليست ترفا بل ضرورة ملحة.. والاهتمام بها يجب أن يسبق أى شيء آخر، وإن كانت الظروف غير ملائمة لتوفير الأموال فهذه المتاحف الافتراضية أسهل وأيسر فى الإنشاء وأكثر أثرا فى النتائج. على الجهات المعنية البحث عن البدائل دائما وليس تأجيل الأحلام، وهذا هو العالم الافتراضى يحقق كثيرا منها. فقط على المسئول أن ينتبه ويتحرك للاستفادة من التكنولوجيا.

وأخيرا أتمنى من وزارات الحكومة التعاون لإنشاء متحف وطنى افتراضى للاثار والتاريخ والفنون، يكون تربويا وتعليميا فى المقام الأول. وإذا نجحت التجربة، وأعتقد أنه أمر مضمون، فلنقيم متحفا افتراضيا وطنيا لكل محافظة يتضمن أثارها وتراثها وفنونها وأهم الشخصيات البارزة فى تاريخها. يجب أن ترى مشروعات المتاحف النور، ولو فى الواقع الافتراضى.


موضوعات متعلقة..


محمد مندور يكتب: الثقافة فى السياسة الإعلامية








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة