بالفيديو والصور.. مسلسل الإهمال فى السكة الحديد عرض مستمر.. نرصد كوارث محطة قطار الوسطى ببنى سويف.. "الشيشة" فى غرفة الصيانة والفرامل فى الشارع والوقود على الأرض.. و"عقب سيجارة" مشتعل ممكن يعمل مصيبة

ليس من الغريب أن تجد تجمعا عند أحد مزلقانات القطار حول جثة أو بقايا توكتوك حطمته عجلات القطار، فقد أصبح هذا مشهدا معتادا وهو ما حدث بالفعل فى أثناء هذا التحقيق ولكن ما يجب الانتباه إليه أنه كما يخطئ عمال التحويلة أو سائقى القطارات فهناك إهمال أكبر يتسبب فى معظم هذه الحوادث.




رصد "اليوم السابع" عدد من الكوارث، ومنها أن القطار قد تتعطل فرامله أو "دائرة الهواء" كما يسميها السائقون فى الطريق وقبل أن نشعر بالذعر يجب أن نعلم أن هذا أمرا عاديا وقد حدث مع معظم السائقين وبعضهم تعدى محطات لم يستطع الوقوف بها بسبب الأعطال التى تقابلهم؛ فما بالك من محاولة التوقف لتفادى دهس شخص ما.. هنا تجد الأمر مستحيلا.




ربما فى بعض الحوادث يتحول الأمر لاتهام السائق لعدم التبليغ عن العطل واستلام القطار وبه عيباً ما أو توجه أصابع الاتهام للمهندس المسئول لكن الحقيقة أن المتهم أكبر من ذلك.. إن المتهم هذه المرة هو منظومة تصر على العمل بدون ضمير وبدون تخيل المصير المحتوم ذويهم من الركاب أو المارة.

نظرة على سكك حديد مصر

اشتهرت القطارات منذ أن أنشئت بأنها المواصلة الأسرع والأكثر كفاءة ومع مرور السنوات تغيرت الحال وبقيت الكثير من العربات وجراراتها على حالها إلى أن أصبحت هى المواصلة الأسوأ بسبب ما أصابها من إهمال.

وتُعد سكك حديد مصر من أقدم سكك حديد العالم فهى الثانية بعد إنجلترا حيث بدأ أول خط حديدى بمصر عام 1853 ما بين القاهرة والإسكندرية بطول 209 كيلو مترات، ثم توالت بعد ذلك إقامة الخطوط الحديدية على مستوى مصر كلها.




وتمتلك جمهورية مصر العربية 28 خطاً للسكك الحديدية ويصل طولها حوالى 9435 كيلو مترا مقسما على 796 محطة ركاب و1800 قطار عامل يتحرك ذهاباً وإياباً على طول 135 ألف كيلو متر، ونقل ما يقدر بـ1.4 مليون راكب يوميا وما يعادل 500 مليون راكب سنويا بالإضافة لنقل ما يعادل 6 ملايين طن سنويا من البضائع وهو ما يعنى أن هيئة السكك الحديدية تعيش أزهى عصورها ولكن ما يحدث هو العكس تماما.

مديونية السكك الحديدية

ارتفعت مديونية هيئة السكك الحديدية إلى أكثر من 27 مليار جنيه مصرى، وهو ما كشفه تقرير صادر عن بنك الاستثمار القومى وموجه إلى هيئة السكة الحديد وليس من الصعب أن نعرف أن الفجوة بين عدد الركاب والبضائع الضخم وبين خسارة السكك الحديدية ومديونيتها بسبب الإهمال والتقصير وكانت محطة الواسطى بمحافظة بنى سويف مثالا بسيطا على ما يحدث فى غيرها من المحطات ولكن بشكل مختلف.

ويعود جزء من الإهمال والإهدار فى أموال الدولة إلى نسبة "المزوغين" حسب ما قاله نائب رئيس هيئة السكة الحديد الذى أكد أنه يوجد 35% فاقد فى إيرادات التذاكر بسبب ظاهرة التزويغ من التذاكر.

الواسطى على خريطة مصر

الواسطى.. أول مركز فى محافظة بنى سويف، وتقع على الحدود بين محافظة الجيزة وبنى سويف، وتعد مدخل محافظة بنى سويف من الجهة الشمالية، وأحد المراكز الإدارية السبعة للمحافظة.

تتصدر محطة الواسطى أعلى درجات الإهمال فى الورش والقطارات وإهمال قد يؤدى إلى كارثة فمنذ الوهلة الأولى تجد محطة وقود القطارات بلا حراسة والأرض تشبعت بالزيوت والمواد القابلة للاشتعال والمارة يعبرون من داخل الورش فى انتظار عقب سيجارة أو خطئ بشرى لاستكمال الكارثة.




عند الدخول إلى غرفة صيانة القطارات يلفت نظرك منذ اللحظة الأولى "الشيشة" التى تتوسط الغرفة بجانب عدد من الأكواب لعمل الشاى والمشروبات الساخنة ولأن المثل القديم يقول "لا تضع الكبريت بجانب النار" ولأن العاملين بالصيانة ليس لديهم المبادئ الأولى للأمن الصناعى فقد استقرت بين "الشيشة" وأكواب الشاى أنبوبة غاز حتى تكتمل منظومة الإهمال فى غرفة واحدة.

صلاحية جرارات الواسطى

"الجرارات دى صلاحيتها منتهية والدليل أن مصر مش شغالة بها وشغالة بجرارات ألمانى".. كلمات لخصت الأزمة التى يعانى منها سائقى قطارات الواسطى ببنى سويف بدأ بها محمد عبد الحفيظ سائق قطار، مؤكدا أن هناك تفضيلات بالهيئة وأن حياة من يركب من محطة مصر أغلى من ركاب محطة الواسطى.




وأكمل عبد الحفيظ كلامه قائلا: "مع سوء الأحوال الجوية ونزول أمطار أو شبورة فلا يستطيع سائق القطار أن يرى عبر الزجاج حيث لا وجود للمساحات ويضطر لإخراج رأسه من نافذة الجرار المتهالكة ليرى الطريق جيدا وهو ما يجعله عرضة للأمراض والجو البارد ويتسبب له فى الكثير من الأمراض كنزلات البرد والتهاب الشعب الهوائية وغيرها.

وعاد عبد الحفيظ يحكى ما يعانيه قائلا: "الإضاءة جوا الجرار إللى قاعدين فيه مش شغالة وممكن تلاقى كشاف واحد إللى شغال والصيانة لا تتم للجرارات فمن الوارد أن تتعطل دايرة الهوا "الفرامل" فى السكة وأتجاوز بها أى محطة وحصل مع زمايلنا كتير".

ومن جهة أخرى قال محمد أبو النور، كمسرى بقطار فى الواسطى: "عدد الكومسارية كتير وزائد عن الحاجة فى حين أن مصر بها عجز ويجب توزيعهم بعدل لأن معظم الكومسارية هنا تمر عليهم أيام بلا عمل".

الإهمال ضرب المحطة

فيما أكد منير سعد، سائق قطار بالواسطى، أن الإهمال ضرب محطة قطارات الواسطى بما فى ذلك ورش التصليح ففرامل القطارات ملقاة فى الطريق ومحطات الوقود بلا تأمين ومفتوحة على الشارع مباشرة وأرضية السكة الحديد غارقة فى الزيوت والجاز وهى معبر للمارة فليس للمحطة بوابات وهذا الإهمال مسؤولية ملاحظ الورشة والعاملين بها.

وأضاف منير أن المراقب الإدارى بمنطقة الواسطى لا يعترف بالقضاء ولا ينفذ أحكامه، فبالرغم من صدور قرار من وزير النقل السابق سعد الجيوشى فى 1/1/2016 بأن للسائق 4 أيام راحة تصرف له شهريا امتنع المدير الإدارى عن صرفها وقال إنها لا تصرف إلا بحكم قضائى وبالرغم من صدور الحكم القضائى بصرف بدل الراحات إلا أن المذكور لم يصرف البدل بناء على الحكم.

وأكمل منير قائلا: "عندما ذهبنا للمراقب الإدارى نسأله عن عدم صرف بدل الراحات فلم يرد وعندما استفسرنا منه لماذا يتم صرف بدلات راحة لأيام الجمعة منذ 10 سنوات فأجاب أنه خطأ من الموظف الذى يقوم بصرفهم فهل يعقل أن يخطئ موظف لمدة 10 أعوام بدون محاسبة؟!".

فيما قال سائق آخر أن كابينة القيادة غاية فى الحر لدرجة "إن الواحد عايز يقلع ملط"، والجرار لا يوجد به صيانة والمهندسين يوقعون بأن الجرار مستعد بدون الكشف على الجرار.

حادث أثناء التصوير

وفى خلال إجراء تحقيق "فيديو 7" وقع ما يحدث بشكل مستمر مع إهمال المزلقانات، فقد دهس القطار دراجة بخارية أثناء التصوير مع سائقه بأحد المزلقانات بعد أن تجاوز أحد الشباب إغلاق المزلقان وعبر فكانت النتيجة عقابه بفقدانه وسيلة تنقله وكاد يفقد حياته تحت القطار.

ويظل التساؤل مطروحا، فبرغم المبالغ الضخمة التى تحصدها هيئة السكك الحديدية وبالرغم من أن العاملين يطالبون بتجديدات فلا يجدونها والإهمال المستمر بالمزلقانات.. أين تذهب أموال هيئة السكك الحديدية؟ ومتى تبدأ هيئة بحجم سكك حديد مصر فى جنى أرباحها لبدء التطوير الحقيقى والعودة للعصر الذهبى لهذه الخدمة؟!

موضوعات متعلقة..

يوفر 600 ألف جنيه شهريا.. "السكة الحديد" تطبق نظاما جديدا لنقل المخلفات