عبد الفتاح عبد المنعم

وداعاً لزمن التربية فى المدارس والمساجد!

السبت، 25 يونيو 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرات مؤخرا دراسة رائعة للباحث العربى جمال مسعود حملت عنوان «التربية فى ظل الانفتاح» عكست الدراسة حجم الانفصام الحقيقى بين التربية التى نحاول زرعها داخل أبنائنا وبين ما يتم زرعه عبر وسائل الإعلام الحديثة، نعم فى عصر الانفتاح غير المعهود على ثقافات غريبة يسَّرتها لنا وسائلُ الإعلام الحديثة من «دش» وإنترنت. فبالأمس كان هذا الانفتاح محدودًا وكان اطلاع الأبناء على هذه الثقافات تحت إشراف الوالدين نسبيًّا، أما الآن فإننا نعيش مشكلة كبيرة تتمثل فى هذا الفيض الجارف من المفاهيم والقيم الأجنبية الوافدة إلينا التى بدأت آثارها المدمرة تبدو جلية فيما نشهده من مشاكل لم تعهدها مجتمعاتنا سابقًا «العلاقات الجنسية عبر النت، العلاقات غير الشرعية مع المحارم، الممارسة المثلية..... إلخ».

لقد أصبحت عقول وأفكار وأخلاق أبنائنا ميدان سباق، والدعاة والمربون أحق من ينافس وأجدر من يسابق للوصول إليها وحمايتها من كل زيغ أو فساد. ففى ظل هذا الانفتاح تتضاعف مسؤولية المربين فى تربية النشء وفى إعداد جيل يحمل مبادئ الإسلام وقيمه، وفى ظل هذا الانفتاح يزداد العبء على الدعاة والمربين للوصول بالجيل الناشئ إلى بر الأمان بعد توفيق الله تبارك وتعالى.

فهل أدوات البناء عند المربين تنافس الإغراءات المطروحة؟ وهل تنافس حجم التجديد والابتكار فى الجذب والإغواء؟ وهل المراجعات لمنظومة التربية الدعوية كافية لتناسب زمن الانفتاح؟ وما السبلُ الكفيلة بتربيةٍ صحيحة فى هذا الزمنِ زمنِ الانفتاح والعولمة؟

لقد تحول الجزء المؤثر والكبير فى التربية الآن من المؤثرات الأساسية، وهى الأسرة والمسجد والمدرسة، إلى مؤثرات جديدة معاصرة، تتجاوز حدود البيئة المحلية، إلى بيئة لا هوية محددة لها، ولا ضوابط واضحة تحكمها، وصار لها الكلمة الأولى فى تحديد أخلاق الأجيال وثقافتها، هذه المؤثرات هى التلفاز، وأطباق الاستقبال، والكمبيوتر، والإنترنت، والمحمول، وألعاب «الفيديو جيم» وغيرها!
لم يكن أحد يشعر بآثار هذه الوسائل السلبية، لأنها قد يكون لها آثار إيجابية متوقعة، وحاجة الحياة المعاصرة إلى هذه الوسائل كبيرة وملحة، كما أن آثارها السلبية لم تظهر مرة واحدة، مع تحذيرات كثير من التربويين منها قبل انتشارها، وإنما ظهرت أولا محدودة نوعًا ما، ثم أخذ أثرها السلبى فى الظهور والاتساع بمرور الزمن، وتطور تلك الوسائل وانتشارها.

والخطير فى هذه القضية هو حجم التأثير الكبير والعميق وسرعة التغيير الذى تحدثه تلك الوسائل المعاصرة فى مستوى التدين والثقافة والسلوك والمفهومات والذوق العام على شبابنا وفتياتنا، فمحاولات التغريب كانت تسير فى مجتمعاتنا ببطء شديد، ولم يكن دعاة التغريب يحلمون بحدوث التغيير إلا بعد أجيال عدة، أما بعد انتشار تلك الوسائل الإعلامية والثقافية فمكاسب التغريب صارت أكبر كثيرًا مما كان يحلم به أولئك، فالتغيير فى الأخلاق والمفهومات أصبح الآن يحدث عبر جيل واحد مرة أو مرتين.
وهذا التغيير السريع والتأثير الفوضوى الكبير يؤدى إلى إخفاق العمل التربوى فى المجتمع، ويسبب له الإرباك والتهدم، وتتفسخ الروابط بين الأجيال، ويرى كل جيل لنفسه الحق فى التبرؤ من الجيل الذى سبقه، والاستقلال عن مفهوماته وأجوائه، حتى يفقد الوالدان القدرة على التفاهم مع أولادهما، ويقعان فى حيرة فى اختيار نوع التوجيه المناسب لهم، ويعجزان عن السيطرة على تصرفاتهم وتقويمها، بل ربما لا يجدان الوقت لممارسة التوجيه والتربية، سواء فى المواقف أو الأقوال، ليس لانشغالهما، بل لأن أولادهما لا وقت لديهم، لانشغالهم بالدش والكمبيوتر أو الإنترنت!.. وللحديث بقية غداً إن شاء الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة