إهمال الدولة فى "قضايا الدولة".. كيف قضت محكمة القضاء الإدارى بعدم الاختصاص فى ترسيم الحدود بين مصر وقبرص وحكمت ببطلان اتفاقية الحدود بين مصر والسعودية ؟.. ومن يحدد مفهوم الاختصاص ومعنى السيادة؟

الخميس، 23 يونيو 2016 05:51 م
إهمال الدولة فى "قضايا الدولة".. كيف قضت محكمة القضاء الإدارى بعدم الاختصاص فى ترسيم الحدود بين مصر وقبرص وحكمت ببطلان اتفاقية الحدود بين مصر والسعودية ؟.. ومن يحدد مفهوم الاختصاص ومعنى السيادة؟ تيران وصنافير
تحليل يكتبه : محمود سعد الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- المحكمة قالت فى حيثياتها: «مقدمو الدعوى قدموا خرائط ومستندات.. ومحامى الحكومة لم يقدم ولا ورقة وطلبنا منه كثيرا فتجاهلنا»



 تاريخ المستشار يحيى دكرورى، القاضى بمجلس الدولة وصاحب الحكم الشهير الخاص بجزيرتى تيران وصنافير، يكشف امتلاكه العقل والمنطق والفلسفة الحكيمة لتطبيق روح القانون، والقراءة الأولى لحيثيات حكمه تتضمن المزيد من الدلالات على ذلك.

من بين أبرز العبارات التى وردت فى حيثيات حكم تيران وصنافير أن المحكمة لم تعول إلا على  المصادر والمراجع الرسمية قبل إصدارها الحكم دون المراجع الخاصة وغير الرسمية، خاصة أن أرض الوطن ملك للأمة المصرية كلها، وأنها لا تسجل فى شهر عقارى كعقارات الأفراد وإنما سجلت فى سجل التاريخ.

السؤال هنا إذا كان الحكم صدر ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتى بموجبها سيتم نقل ملكية جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، فهل كان هذا الحكم بعد دراسة وفحص كل الأوراق الرسمية الخاصة بتيران وصنافير، والإجابة لن أحسمها أنا ولكن سأذكرها من واقع حيثيات المحكمة.

• • المفاجأة أن ممثل هيئة قضايا، الدولة محامى الحكومة، لم يقدم ورقة واحدة للمحكمة عن اتفاقية تيران وصنافير، حتى أن القاضى طلب رسمياً منه فى جلسة سابقة أن يقدم نص الاتفاقية أو محاضر الجلسات السابقة للتوقيع على الاتفاقية، إلا أن ممثل الحكومة تجاهل تماما طلب المحكمة، والأغرب أن المحكمة أجلت الدعوى لكى يقدم ممثل الحكومة الأوراق، وتكاسل ممثل الحكومة بل إن المحكمة أنذرت ممثل الحكومة بتطبيق غرامة عليه فى حال عدم تقدمه بالأوراق، ولم يقدم الأوراق وتحول الإنذار إلى غرامة فعلية، وبدا واضحا أن ممثل الحكومة يمتنع عن تقديم الأوراق.

وبالتالى باتت المحكمة أمام أحد أطراف الدعوى الأصليين غير متعاون مع المحكمة وغير مهتم بتقديم أية أوراق للمحكمة، فى حين أن الطرف الآخر قدم صورا من كتاب المستشرف الفيلندى جورج أوغست فالين وخريطة لأطلس ابتدائى تضم تيران وصنافير وأطلس المملكة العربية السعودية لا تتضمن تيران وصنافير، وكتاب تاريخ سيناء لنعوم بك شقير، وكتاب الدراسات الاجتماعية للصف الثالث الأعدادى يضع تيران وصنافير ضمن حدود مصر.

والأصل أن المحكمة تحكم دائما بما لديها من أوراق وبما تتضمنه الدعوى من مستندات وما قدم إليها من حقائق، فهنا كانت عقيدة المحكمة ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود، والسؤال مرة أخرى، لماذا البطلان، لأن الحكومة لم تقدم كل الأوراق القانونية، لم تقدم شهادة مفيد شهاب وهدى جمال عبدالناصر ولا الوثائق المتبادلة بين وزير الخارجية السعودى أمير الفيصل وعصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصرى فى بداية التسعينيات عن نية مصر، وطلب السعودية استعادة الجزيرتين، ولم تقدم المذكرة الفنية التى أعدتها الحكومة المصرية وقتها بأحقية المملكة العربية السعودية تاريخيا وجغرافيا فى استعادة الجزيرتين، لأن مصر كانت تمارس عليها السيادة لفترة من الوقت، ولكن المليكة سعودية خالصة وحتى سيادة مصر عليها كانت بالاتفاق مع السعودية وأن مصر لم يكن لديها مانع من عودة الجزيرتين للسعودية وكانت الحجة الوحيدة، اختيار الظرف الزمنى المناسب.

• • إذن المقصر الأساسى فى صدور حكم مثل هذا هو ممثل هيئة قضايا الدولة الذى بدا واضحا من حيثيات المحكمة، أنه سبب ضيقا للمحكمة واستفزازا لها، حتى أن المحكمة وصفته فى حيثياتها قائلة: «غيبت جهة الإدارة المدعى عليها نفسها عن الدفاع الموضوعى عن الاتفاق الذى وقعت عليه واعتصمت بالصمت فى هذا المجال، وإذا كان من الجائز للأفراد فيما بينهم أن يلجأوا إلى حيل الدفاع يلتمسون من ورائها مصلحتهم الشخصية فإن ما يجور للأفراد فى هذا الشأن لا يليق بجهة الإدارة، لأنها لا تقوم على شأن شخصى، ويتعين أن يكون رائدها الصالح العام فى كل عمل تأتيه حين تختصم أو تختصم أمام القضاء، لاسيما حيث يتعلق النزاع بشأن وطنى يمس كل مصرى ويتصل بتراب الوطن وهو ما كان يستوجب الهمة فى الدفاع لإظهار الحقيقة أمام محكمة مصرية، وهى جزء من السلطة الوطنية وأمام شعب مصر صاحب السيادة الذى تعمل باسمه كل سلطات الدولة».

 أعتقد من يقرأ تلك الفقرة فى الصفحة الخامسة عشرة من حيثيات الحكم يصل إليه مدى الضيق الذى كان فى صدر المحكمة من ممثل الحكومة، وبالتالى الحل أن الحكومة تقدم للمحكمة الإدارية العليا، الدرجة الأعلى فى التقاضى، كل الأوراق القانونية الخاصة بتيران وصنافير، وهو الأمر الذى أعلن عنه المستشار مجدى العجاتى وزير الدولة للشؤون القانونية فى مؤتمر صحفى أمس الأربعاء بمجلس الوزراء.

جانب آخر يتطلب الأمر الإشارة إليه فى ضوء فهم أبعاد حكم المحكمة، الحكم تضمن جزأين، الثانية بطلان اتفاقية ترسيم الحدود، أما الأولى ومحل المناقشة هو رفض الدفع الخاص بعد اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، فالأصل أن محكمة القضاء الإدارى لا تختص بمناقشة أى أمر يتعلق بأمور السيادة المصرية وتحديدا اتفاقيات ترسيم الحدود.

• • المثال العملى هنا أن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، تقدم أحد المواطنين بطعن عليها أمام القضاء الإدارى، وقضت المحكمة وقتها بأنها غير مختصة بنظر تلك الدعوى، واللافت أن القاضى يحيى دكرورى طرح فى حيثيات حكمه تفسيرا جديدا لفكرة السيادة أنها أمر نسبى ومرن، ويختلف من واقعة لأخرى ومن دعوى لأخرى باختلاف الزمان والمكان والظروف، وبالتالى فتح لنفسه الباب القانونى لمناقشة موضوع الدعوى وليس الشكل فقط، وهذا حقه.

ولكن فى نفس الإطار تجاهلت الحيثيات حق مجلس النواب المنصوص عليه فى الدستور لمناقشة كل الاتفاقيات باعتبار أن المجلس هو معبر الإرادة الحقيقية وصوت الشعب المصرى.
المدهش هنا، لماذا تضعنا الحكومة فى حرج، لماذا يعول ممثل الحكومة أمام المحكمة على سند قانونى واحد فقط وهو عدم الاختصاص.

• • وإذا كان قادة القوات المسلحة، وهم الأكثر حرصا على كل شبر من تراب الوطن، هم من شكلوا اللجان ودرسوا الأوراق القانونية لتيران وصنافير وانتهوا بعد ساعات عمل طويلة إلى أنها من حق المملكة العربية السعودية، لماذا تورطنا الحكومة، ولا تقدم أى ورقة للمحكمة، فيترتب عليها أن يصدر حكم ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بيت مصر والسعودية، والحكم كما ذكرنا من قبل الحكم بما هو موجود بأوراق الدعوى، ومن ثم ترتب الأمر فى إحراج لكل من قال إن الحق مع السعودية فى تيران وصنافير وكأنهم خانوا بلدهم ووافقوا على بيع الأرض أو التنازل عنها لدولة أخرى على غير الحقيقة.

الوضع الآن يحتاج لمزيد من طمأنة الرأى العام الذى يثق فى جيشه وقيادته السياسية والمؤمن أنهم لن يفرطوا فى شبر واحد من تراب الوطن، و

أعلم تماما أنه بعد هذا الحكم، قد تهتز بعد النفوس باعتبار أن محكمة مصرية قضت ببطلان تيران وصنافير، إذن هنا أمر ما خطأ، والخطأ كما قلت من قبل يتمثل فى محامى الدولة الذى تقاعس عن تقديم أى أوراق الاتفاقية وتاريخ الجزيرتين والمراسلات بين مصر والسعودية.



العدد اليومى









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

احنا نقسم البلد نصين

عدد الردود 0

بواسطة:

ابراهيم المصرى

يامحمود قضايا الدولة ماعندهاش مستند يؤيد سعودية الجزر !!

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد صقر

الكسل والاهمال والرجل الغلط في المكان الصح

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال

طول العمر كانت الدولة غائبة فى قضايا الدولة

عدد الردود 0

بواسطة:

سيد

على الحكومة عدم استفزاز المحكمة

عدد الردود 0

بواسطة:

العنتبلي

الله المستعان

عدد الردود 0

بواسطة:

المستشار صالح بدوى

المحكمة هى من اخطاءت و خلطت بين الامر السيادى و الامر الادارى...و ليس الدولة

عدد الردود 0

بواسطة:

عاشق لمصر

لأنه لا توجد مستندات أصلا، وما يشاع خيال!

عدد الردود 0

بواسطة:

حسن

انا مع راي رقم 1

عدد الردود 0

بواسطة:

يوسف إبراهيم

الجهل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة