د.يسرا محمد سلامة تكتب: همسات روحانية

الخميس، 02 يونيو 2016 12:10 ص
د.يسرا محمد سلامة تكتب: همسات روحانية طيارة تغادر المطار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرٌ منَّا يتمنى أنْ يخوض تجربة الاغتراب، أنْ يحيا بعيدًا عن وطنه أولاً، وأسرته ثانيًا، ولسان حاله عندما يسرد أسبابه "فى السفر سبع فوائد"، واعترف أنى من هؤلاء الذى تمنوا العيش بعيدًا، لأسباب عديدة جميعها لا يمت بصلة لفكرة أنَّ للسفر سبع فوائد، لكنى جلست مع نفسى فى لحظة هدوء، وبدأت أقص عليها الرواية، رواية الغربة، ما الشكل الذى ستصبح عليه حياتى وما الفائدة الكُبرى التى سأجنيها من وراء الاغتراب.

الحكاية ستبدأ، مع أول يوم سفر، أمكث وحيدة فى غرفة فندق مُثقلة بأفكار كثيرة حول افتقادى لأسرتى، والتعب الذى أشعر به من جراء السفر، والخوف من السير فى المدينة الكبيرة التى لا أعلم عنها شيئًا، وكيف سأتدبر حالى من البحث عن مسكنٍ مُناسب، إلى تَحمل مسئوليتى كاملة، وبعد كل هذه الأسئلة أجدنى مُلقاة على سريرى نائمة مع أهل الكهف.
وبعد أن أتمكن من إيجاد المسكن الملائم – نوعًا ما – تبدأ دورة الحياة اليومية، أو إنْ صح القول "دورة تحمل المسئولية"، المسئولية التى كنت ألقيها على عاتق والدتى، فيجب على أن "أنعى هم نفسى"، فأنا من سأطعمها، وأقوم بكل الواجبات الأخرى من كّى للملابس بعد غسيلها – طبعًا – ودفع الفواتير المُستحقة من كهرباء ومياه، وإيجار الشقة، والتسوق وإحضار ما يلزم البيت، وما يلزم احتياجاتى الخاصة، والهم الأكبر الاستيقاظ مُبكرًا؛ من أجلِ العمل أو الدراسة، أمور عدة لم أكن أتخيل ولو للحظة أنى سأعانى منها، أو أقوم بها.
وبعد فترة من العذاب النفسى والجسماني، تظل تردد بينك وبين نفسك يا الله ألهذا الحد والدتى كانت تحمل عنى أشياء قد تبدو أنها بسيطة لكنها مع تكرارها، لتصبح روتينًا يوميًا لم تعد بسيطة أبدًا –بل كبيسة وكبيسة جدًا– فتقول نعم أريدك يا أمي، أريد حياتى الأولى لا تلك التى أردتها وبشدة، فخسرت معها كل ما هو جميل لكنى لم أتنبه وقتها لمدى جماله وروعته.
الأمنيات دائمًا ما تتعلق بفكرة أنها التنفيس الأول والرئيس عن همومنا، وما نتكبده من مشقة الحياة – لكن – أمنية الاغتراب تحديدًا لن تكون صائبة أبدًا إذا ما كان هدفك منها التخلص فقط من حياتك الشقية العابسة فى بلدك، والمثل الذى يقول "الغربة كُربة" سيتأكد لا محالة وأنت تعيش وحيدًا بعيدًا عن أهلك، حتى لو جلست فى سكن مأهول بغيرك، فالنفس الذى يخرج من أى فرد من أسرتك وأنت معهم بالدنيا وما فيها، وجدتنى بعد كل هذه "الهمسات" أو لنقل "الشخبطة النفسية"، أتيقن من أنَّ أى أمنية أريدها لن تتحقق ويكون لها معنى، إلا إذا تشاركتها مع وطنى الأصغر أسرتي، وساهمت بها فى عملٍ ينفع وطنى الأكبر "مصر"، عودوا أنفسكم على تحقيق أمنياتكم هنا، فمن هنا فقط يبدأ الحلم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة