كريم عبد السلام

عيد القمح فى الفرافرة

السبت، 07 مايو 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رددنا كثيرا عبارة جبران خليل جبران «ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر»، ونحن نرفع شعار التصنيع والإنتاج فى الخمسينيات من القرن الماضى على سبيل الحكمة الهادية المرشدة، ورددنا نفس العبارة ونحن نتجه إلى التصنيع العسكرى بعد حرب يونيو 1967 كمن تعلم الدرس من الكارثة وعاهد نفسه على عدم السماح بتكرارها، كما رددها العقلاء منا، فى سياق التحذير، عندما اتجه السادات إلى سياسات الانفتاح السداح مداح دون جدوى، ورفعتها صحف المعارضة ورواد نهضتنا الصناعية والزراعية فى وجه مبارك عندما قرر اعتماد سياسات الخصخصة غير الرشيدة وبيع المصانع خردة وتشريد العمال بالمعاش المبكر، على اعتبار أنها الحل الوحيد للاقتصاد، فى الوقت الذى كانت فيه الصين الشيوعية تجرى أكبر عملية تحول فى تاريخ الإنتاج وتسمح بقيام الشركات الخاصة والتجمعات الصناعية الخاصة جنبا إلى جنب مع تطوير نظام الإنتاج الزراعى والصناعى المملوك للدولة لتحقق ما نراه الآن ونعتبره معجزة غير مسبوقة.

هل هناك علاقة بين هذه المقدمة التاريخية المؤلمة والعنوان الذى أريد الكتابة فيه وعنه ؟ بالطبع، لأن التوجه لإنشاء مجتمعات زراعية جديدة فى مناطق ظلت متروكة ومهملة لعقود طويلة، لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، هو أمر يستحق التأمل والالتفات والتشجيع، فكم ناضلنا لتحقيق هذا الهدف دون جدوى، وكم نادينا أن الخطورة الحقيقية على بلدنا ألا ننتج رغيف العيش الذى نأكله، وكانت الإرادة السياسية غائبة لنظل رهنا بالمعونات وببورصات القمح العالمية ومافيا الاستيراد التى تجلب أردأ الأنواع بما فيها السامة التى تدمر صحة المصريين.

الآن نحن أمام أمل جديد يتحقق فى منطقة الفرافرة وسهل بركة ويبشر بقيام مجتمع زراعى موازٍ يخرج بنا من وادى النيل الضيق، كما يقربنا من تحقيق حلم إنتاج رغيف العيش الذى نأكله، فالمرحلة الأولى من المشروع منحتنا عشرة آلاف فدان من القمح باستخدام موارد مائية تعتمد على تدوير مياه الصرف الصحى والصناعى والأمطار مع استخدام آليات رى حديثة، وتبشرنا المرحلة الثانية فى منطقة سهل بركة باستصلاح وزراعة 21 ألف فدان جديدة بالقمح ليشهد الموسم المقبل حصاد 31 ألف فدان جديدة بمنطقة الفرافرة كلها منزرعة قمحا.

وإذا أضفنا ذلك إلى السياسات الجديدة التى تعتمد توريد المزارع لمحصوله من القمح بالسعر العالمى، والتوسع فى إنشاء صوامع جديدة بمساعدة الشقيقة الإمارات لنصل إلى سعة تخزين تبلغ مليون ونصف المليون طن من القمح، وتجاوز المساحة المنزرعة بالقمح حاجز الثلاثة ملايين فدان سنويا، والنزول بالاستيراد إلى مادون الأربعة ملايين طن، سنجد أننا نسير ولأول مرة فى طريق التحرر من تبعيتنا الغذائية للدول الكبرى ونحمى اقتصادنا الزراعى من تسرب مليارات الدولارات فى استيراد الغذاء ونشجع المزارعين على اتباع سياسات زراعية تنموية رشيدة.

هذه السياسة الرشيدة التى تعمل على الاكتفاء الذاتى من القمح من خلال الزراعة وتقليل الاستيراد وإنشاء الصوامع للتخزين، لا يجب أن تنسينا الحلم الموازى الذى تعلقنا به منذ عامين تقريبا، وأعنى به مشروع إنشاء المركز اللوجستى العالمى للحبوب وتجارة السلع الأولية فى دمياط، فبحسب المشروع الذى تم الإعلان عنه منذ العام ونصف، يمكن أن تتحول مصر من أكبر دولة مستوردة للقمح فى العالم إلى مركز تجارى إقليمى وعالمى لإعادة تصدير ما يصل إلى 65 مليون طن من الحبوب، تخيلوا النقلة المذهلة التى يمكن أن تتحقق فى ظرف عامين، وهو ما يفرض علينا إعادة طرح السؤال: ماذا تم فى هذا المشروع القومى الضخم؟ ماذا يعطله؟! ولماذا لا نشهد إجراءات على الأرض لتفعيله، بينما إسرائيل تسرق الفكرة وتدشن مشروعا موازيا فى ميناء أشدود على البحر المتوسط؟ وهل تنجح تل أبيب فى تدشين مشروعها والترويج له عالميا قبل أن يرى المركز اللوجستى النور فى دمياط؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة