أحمد إبراهيم الشريف

الثقافة والمناطق الحدودية

الأحد، 27 مارس 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعل الأزمة المثارة فى الفترة الأخيرة، حول منطقة حلايب وشلاتين والجدل المفتعل من قبل السودان، حول أحقيتها فى هذه المنطقة المصرية منذ قدم التاريخ، وبالكشف عن دور الدول الغربية الاستعمارية فى صناعة هذه الأزمات بين العالم العربى، كل هذا يفتح الباب واسعا للبحث عن دور الثقافة متمثلة فى وزارة الثقافة للاهتمام بهذه المنطقة البعيدة عن القاهرة / العاصمة، وبالتالى دورها فى الاهتمام بكل المناطق الحدودية والواقعة على الأطراف البعيدة من جغرافية مصر مثل سيوه وسيناء والنوبة.

فى البداية نحدد أن الأمر يحمل خطورة كبرى، وأن التعامل معه يجب أن يتجاوز فكرة الحديث والتمنى، بل يجب على الحكومة أن يكون لها موقف أكثر جدية فى التعرض لمثل هذه التعقيدات، وعليها أن تمنحها جانبا أكبر من التركيز حتى لا يتفاقم الأمر، ونجد أنفسنا فى مواجهة مع ذواتنا، ونشعر تدريجيا بالقطيعة مع إخواننا فى هذه المناطق.

جانب آخر مهم، هو أن هذه المناطق المصرية لها طبيعتها الخاصة وتنوعها الثقافى المختلف، الذى يتطلب بدوره طرقا مختلفة فى التعامل معها، ويحتاج لاستراتيجيات ثقافية مغايرة لما هو معهود من المؤسسات الثقافية، التى إما أن تكون غائبة تماما وغير موجودة، وإما أن تكون «منه فيه» بمعنى أن تعتمد على الندوات الداخلية التى لا تقدم جديدا، بل تزيد الأمر سوءا، عندما لا يجد الشباب الناشئ فى هذه المناطق أى جديد أو مختلف عن الذى نشأوا فيه، وهنا تنقطع علاقاتهم بالعالم المحيط المركزى، وبالتالى يسعى كل واحد منهم للبحث عن مفهوم خاص به عن الانتماء لهذا الوطن، وهنا تكمن الخطورة.

إذن الثقافة المطلوبة للتعامل مع هذه المناطق تحتاج حساسية معينة تقوم على المشاركة، مثلا لماذا لا يتم افتتاح مركز ثقافة حلايب وشلاتين ويتم فيه عقد مؤتمر ثقافى كبير يحضره كل أدباء مصر الكبار، وتتم تغطية إعلامية كبرى له، ولماذا لا يحدث ذلك فى سيناء وفى السلوم وفى سيوه والنوبة، ولماذا لا يتم استدعاء أبناء هذه المناطق للمشاركة فى المؤتمرات التى تقيمها العاصمة، ليس على أساس أنهم «كوتة» يعبرون عن هذه المناطق التى جاءوا منها، لكن بصفتهم مثقفين مصريين لهم صوتهم الثقافى الذى يكمل الصورة المصرية العامة.

الانتماء ليس أغنية نرددها ونطالب الآخرين بأن يرددونها وراءنا، لكنها إحساس عاطفى ومادى أيضا ينبع من التعامل المباشر مع الوطن، يجب أن يشعر ابن الحدود أنه جزء من المركز، وأنه جزء من المتن، وأن الهامش الذى يسكن فيه ليس أكثر من خط رفيع قوى يربطه بقلب الوطن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة