سر البيانات الثلاثة الراسمة لخريطة مستقبل ليبيا.. مصر تحتضن لقاءات ليبية هدفها بناء الدولة الموحدة والمستقرة.."حوارات القاهرة" اتفقت على حرمة الدم ومواجهة دولارات المتآمرين وميليشيات قطر وتركيا

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016 09:00 ص
سر البيانات الثلاثة الراسمة لخريطة مستقبل ليبيا.. مصر تحتضن لقاءات ليبية هدفها بناء الدولة الموحدة والمستقرة.."حوارات القاهرة" اتفقت على حرمة الدم ومواجهة دولارات المتآمرين وميليشيات قطر وتركيا سر البيانات الثلاثة الراسمة لخريطة مستقبل ليبيا
كتب يوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما يميز التحركات المصرية تجاه الملف الليبى، أنها تعتمد على منهج ومبدأ التوافق بين الأشقاء الليبيين.. الوسيلة كانت الاستماع لكل ملاحظات وأراء الأشقاء، والهدف هو البحث عن حلول ناجزة وسريعة تصل بنا إلى ليبيا الموحدة، والمستقرة والتى تقوم على استيعاب الجميع دون تهميش أو إقصاء لأحد .

 

مصر بخلاف دولاً أخرى عربية وإقليمية أفسدت الوضع الليبى، ونشرت الفساد والقتل والدمار والإرهاب أيضاً على الاراضى الليبية، مصر خيارها هو استقرار ليبيا وكل الدول العربية، بينما دول أخرى اختارت أن تنفق مليارات الدولارات لتتهدم ليبيا وتتحول إلى مأوى للجماعات الإرهابية، مصر اختارت طريق الحوار بين الليبيين، لكن دولاً أخرى فى المنطقة وعلى رأسها تركيا وقطر كان طريقهم مختلف، وهو طريق الدمار بتسليح الليبيين حتى يتقاتلوا وتتحول ليبيا إلى بركة دماء تغزى التطرف والإرهاب فى المنطقة.

 

سر البيانات الثلاثة الراسمة لخريطة مستقبل ليبيا (1)
 

ففى أقل من أسبوعين، شهدت القاهرة لقاءات مكثفة بين شخصيات ليبية تمثل كافة الأطياف والتوجهات السياسية والاجتماعية الليبية، شهدت صدور 3 بيانات، تمثل خارطة طريق يسير عليها الليبيين.. بيانات ثلاثة نتاج لحوارات معمقة بين الليبيين، وبحضور شخصيات مصرية مسئولة وعلى قدر من الفهم والإدراك للتعقيدات السياسية والجغرافية أيضاً فى ليبيا، لكنهم قرروا السهر ومواصلة العمل بحثاً عن نتائج إيجابية تحقق الهدف، على رأسهم بطبيعة الحال الفريق محمود حجازى رئيس أركان القوات المسلحة والمكلف بالملف الليبى من قبل القيادة المصرية، ومعه السفير المصرى فى ليبيا محمد أبو بكر، وعلى مدار أسبوعين نجحت القاهرة فى استقبال مختلف الفصائل والأطياف الليبية سعياً للاتفاق على ثوابت واضحة أهمها الحفاظ على كل ما يتعلق بوحدة التراب الليبى ووحدة جيشها، وإن ليبيا دولة مستقلة لا تقبل التقسيم ويجب الحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية واحترام سيادة القانون ورفض كافة أشكال التهميش وإعلاء المصالحة الليبية وتعظيم حالة التوافق.

 

الفريق محمود حجازى رئيس أركان القوات المسلحة
الفريق محمود حجازى رئيس أركان القوات المسلحة

 

البداية كانت يومى 12و13 ديسمبر الجارى حينما اجتمع عدد من الشخصيات الليبية المهتمة بالشأن العام بالقاهرة، حيث دار حوار مفتوح بينهم حول الأوضاع الراهنة بليبيا، أكدوا خلاله  على تثمين الدور الذى تلعبه مصر من منطلق مسئوليتها التاريخية فى الحفاظ على وحدة واستقرار وسلامة ليبيا، وإدانة العمليات الإرهابية التى وقعت فى مصر التى استهدفت زعزعة أمنها واستقرارها.

 

السفير المصرى فى ليبيا محمد أبو بكر
السفير المصرى فى ليبيا محمد أبو بكر

 

وفى اليوم الختامى للاجتماع صدر بيان يمكن اعتباره الأهم، كونه يرسم آلية مستقبلية للتحركات الليبية بمساندة ودعم مصر للحل السياسى، والخروج من حالة الانسداد السياسى الذى تشهده ليبيا حالياً، وهو البيان الذى يطلق عليه "بيان لقاء القاهرة 13 ديسمبر"، والذى شهد أتفاق الليبيين على الثوابت الوطنية المتمثلة فى وحدة التراب الليبى وحرمه الدم، وأن ليبيا دولة واحدة لا تقبل التقسيم، ووحدة الجيش الليبى، إلى جانب شرطة وطنية لحماية الوطن والاضطلاع الحصرى بمسئولية الحفاظ على الأمن وسيادة الدولة، ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدوله الليبية ووحدتها واحترام سيادة القانون، وضمان الفصل بين السلطات وضمان تحقيق العدالة، وترسيخ مبدأ التوافق وقبول الآخر ورفض كافة أشكال التهميش والإقصاء، رفض وإدانة التدخل الأجنبى وأن يكون الحل بتوافق ليبى، تعزيز وإعلاء المصالحة الوطنية الشاملة، المحافظة على مدنية الدولة والمسار الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة.

 

ثوابت مهمة أتفق عليها الليبيين، شكلت الأساس لوضع أطر التحرك وآلياته لتنفيذها، وبعدها كان الدور على وضع مقترحات محددة لتجاوز أزمة الاتفاق السياسى، والوصول به إلى الاتفاق الوطنى، فدارت مقترحات الحضور حول تعديل لجنة الحوار بشكل يراعى التوازن الوطنى وإعادة النظر فى الفقرة المتعلقة بتولى مهمات القائد الأعلى للجيش، وهى نقطة مهمة شكلت عقبة خلال توقيع اتفاق الصخيرات الأخير الذى كان يتضمن استبعاد المشير خليفة حفتر من قيادة الجيش الوطنى الليبى،، إضافة إلى معالجة المادة الثامنة من الأحكام الإضافية من الاتفاق السياسى، وبما يحفظ استمرار المؤسسة العسكرية واستقلاليتها وإبعادها عن التجاذبات السياسية، وكذلك إعادة النظر فى تركيبة مجلس الدولة ليضم أعضاء المؤتمر الوطنى العام المنتخبين فى 7 يوليو 2012، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسى وآلية اتخاذ القرار لتدارك ما ترتب على التوسعة من إشكاليات وتعطيل.

 

 بيان القاهرة فى 13 ديسمبر كان البداية، وتبعه اجتماعات أخرى ضمت مجموعة كبيرة من السياسيين والإعلاميين والمثقفين والكتاب الليبيين، أنتهت بصدور بيان ختامى، الاثنين الماضى، هو الثانى منذ بدء اللقاءات الليبية على الاراضى المصرية، وميزة هذا البيان أنه جاء مكملاً لبيان 13 ديسمبر، ومحدداً أيضاً لـ12 بندًا تم التوصل إليها، وتدور حول التعبير عن عميق شكرهم وامتنانهم لما تقوم به مصر من أدوار مجردة لحل المشكل الليبيى والمساعدة فى إخراج ليبيا من واقعها الحالى إلى واقع أفضل يرتضيه شعبها، و دعم ما جاء فى بيان لقاء القاهرة فى 13 ديسمبر 2016 م مع الأخذ فى الاعتبار ببعض الملاحظات، ووضع مشروع خطاب إعلامى يدعو إلى تكوين حاضنة شعبية داعمة وضاغطة تلزم المؤسسات الشرعية بالأخذ به وتطبيقه، مع العمل على تطوير وسائل الاتصال بالرأى العام العالمى لتكوين قوة ضاغطة على أصحاب القرار فى المجتمع الدولى حتى يلتزموا بالمخرجات الواردة فى لقاء القاهرة.

 

كما تضمن بيان "الأثنين" الدعوة إلى التوافق والمصالحة الوطنية، ووضع قانون وطنى للعدالة التصالحية، ودعم وسائل الإعلام الوطنية المهنية الجادة وإدانة وسائل و أجهزة الإعلام التى تتبنى خطاب الكراهية والتحريض على العنف والإرهاب والتأكيد على رفض هذه التوجهات والعمل على إيقافها وحرمانها من البث بالطرق القانونية، وتأكيد الانحياز لثقافة الحوار والالتزام الأخلاقى بحق الاختلاف فى إطار السعى للتوافق ورفض لغة التخوين، مع العمل على تعزيز الثقة فى اختيارات الشعب الليبيى والتأكيد على الشرعية التى يرتضيها الليبيون، كما أتفق البيان على تاسعا:سبر أغوار الرأى العام الوطنى لتحديد النقاط الواردة ببيان لقاء القاهرة الأول ووضع آليات لتطبيقه ومسميات تعبر عن إرادة الليبيين و خياراتهم، وتكثيف الجهود الإعلامية للتوفيق بين المتخالفين بشكل ثنائى أو جماعى ودفعهم للجلوس على مائدة الحوار، واقتراح تأسيس تنسيقية برئاسة محمود البوسيفى للإعلام والثقافة، من أجل التواصل المفتوح مع اللجنة المصرية لدعم ليبيا فى متابعة تنفيذ ما تم التوافق عليه ووضع أسس ثقافة التنوير ومواجهة العنف السياسى، وإعلان التضامن مع الإعلاميين الذين يتعرضون للتنكيل ومواجهة من يتعرض لهم قضائيا والدفاع عن حرية إبداء الرأى وضمان عودة المهجرين منهم.

 

فى اليوم التالى لبيان المثقفين والكتاب والإعلاميين الليبيين، استضافت القاهرة أيضاً لقاء جمع الفريق محمود حجازى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى، بحضور وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، وأعضاء اللجنة المصرية المعنية بليبيا، وهو اللقاء الذى صدر عنه البيان الثالث، متضمناً تأكيد رئيس مجلس النواب الليبى على عدة أمور تمثل خارطة طريق للحل السياسى، تبدأ باعتزام عقيلة صالح الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب الليبى يتم خلالها مناقشة الشواغل والنقاط محل الخلاف بالاتفاق السياسى المشار إليها ببيان القاهرة الصادر يوم 13 ديسمبر 2016 والعمل على تسويتها فى إطار المصلحة الوطنية العليا دون إقصاء أو تهميش وبما يضمن الحفاظ على وحدة التراب الليبى وحرمة الدم، مع العمل على تعزيز وإعلاء جهود المصالحة الوطنية الشاملة وصولاً إلى حل توافقى ليبى / ليبى بعيداً عن التدخلات الخارجية بما يضمن الحفاظ على المؤسسات الليبية الشرعية وفى مقدمتها (مجلس النواب والجيش الليبى)ـ، فضلاً عن دعم التحركات المصرية الرامية لتقريب وجهات النظر بين الليبيين بما يساهم فى إعادة بناء هيكل الدولة الليبية، مع دعوة المجتمع الدولى لاحترام رغبات الشعب الليبى.

 

بالتأكيد فأن البيان الثالث لن يكون الأخير، لأن العمل لازال مستمراً، والحوارات قائمة، وستشهد القاهرة خلال الأيام المقبلة تحركات مصرية هدفها الأساسى هو التوصل إلى تسوية توافقية تعيد الأستقرار مرة أخرى إلى الجارة الغربية انطلاقًا من العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين وانطلاقًا من الدافع الوطنى الذى تتحصن به مصر دائماً وهى تعمل من أجل الحفاظ على استقرار جيرانها وأشقائها.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة