فوز ترامب.. انتصار للاقتصاد وخصم من رصيد جماعات الإسلام السياسى

الأربعاء، 09 نوفمبر 2016 07:33 م
 فوز ترامب.. انتصار للاقتصاد وخصم من رصيد جماعات الإسلام السياسى ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية
تحليل يكتبه: محمد محسن أبو النور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بفوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب البالغ من العمر سبعين عاما، يقف العالم على حافة تغيير عميق فى تركيبته البنيوية وتعاطيه مع التفاعلات الطارئة والراهنة فى السياسة الدولية فى مرحلة يكاد فيها الصراع الكونى ينتقل من إقليم الشرق الأوسط إلى أماكن صراع أخرى، على رأسها الصراع المحتمل والمترقب فى إقليم جنوبى شرق آسيا.

قطعة اللحم على مائدة أمريكا

فى كلمته بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدا واضحا عزف ترامب المتعمد على أوتار الاقتصاد، وهو الأمر الذى انصب تركيزه عليه أيضا فى أغلب أحاديثه الصحفية فى أثناء الحملة الانتخابية وحتى فى المناظرات التى عقدها أمام منافسته الديمقراطية.

ترامب يعرف الأمريكان أكثر من غيره، على ما يبدو، وبالرغم من خبرته السياسية شبه المعدومة فى دوائر صنع القرار الدولتية؛ إلا أنه بفضل خبرته المالية كواحد من التايكونات الاقتصادية يدرك جيدا أن المواطن الأمريكى لا يهمه فى الأساس سوى قطعة اللحم الواجب توافرها فى كل وجبة على مائدة طعامه، بغض النظر عن نظرته إلى العالم الخارجى وهيمنة بلاده على مقدرات الكوكب ونفوذها وقواها الناعمة وتأثيرها فى دوائر صنع القرار فى أغلب أقاليم العالم.

ففى الوقت الذى تواجه فيه بورصات وول ستريت فى أمريكا تحديا كبيرا إزاء الصعود المتنامى بوتائر ثابتة للاقتصاد الصينى مع العلاقات الوثيقة القائمة بين تحالف الدول الأعضاء فى مجموعة بريكس (البرازيل ـ روسيا ـ الهند ـ الصين ـ جنوب إفريقيا) أدركت النخبة الأمريكية أن الوقت قد حان لأن تحل معادلات الاقتصاد محل توازنات السياسة وتعقيداتها، وهى النقطة التى لم تلتفت إليها كلينتون صاحبة التاريخ السياسى المفعم بالتناقضات.

 

أفضليات صينية روسية

الواضح للعيان أن النموذجين الصينى والروسى فى الاقتصاد باتا أقرب إلى تحقيق إنجازات على أرض الواقع بعيدا عن مؤشرات النمو وانعكاساتها على كل الطبقات فى المجتمع، حتى مع العقوبات الدولية المفروضة على روسيا التى تمتلك نصف تريليون دولار من الاحتياطى النقدي، إضافة إلى اكتساح المشروع الصينى الاقتصادى العالم برمته وهو أمر حذر منه الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيسكون فى كتابه "الفرصة السانحة" عام 1992.

تتفق فى أهمية التركيز الأمريكى على مواجهة المشروع الاقتصادى الصينى الباحثة الأمريكية روبين ميريديث، فى كتابها المهم "الفيل والتنين" الذى ركز على ضرورة وضع آليات للحد من النفوذ المالى الصينى العالمي، واختارت عنوانا فرعيا لكتابها عميق المغزى: "صعود الهند والصين ودلالة ذلك لنا جميعا".

لم تعجب السياسات التى انتهجها أوباما تجاه المحور الصينى ـ الأمريكان وخاصة دوائر السياسة العليا فى واشنطن ونيويورك، ولذلك وجدنا أن ولايات كانت تدين بالولاء فيا مضى إلى الحزب الديمقراطى منحت أصواتها إلى الجمهورى ترامب، وما الغضب الشعبى فى الأوساط الأمريكية على الاستقبال المهين لأوباما فى بكين إزاء قمة العشرين الأخيرة إلا تكريسا لتلك الحالة التى لم تدركها كلينتون ولم تقدر تداعياتها على مسار المنافسة الانتخابية.

الرغبة الصينية والروسية فى فوز ترامب عكسها إلى حد كبير القرد "ملك التوقعات" الذى رجح فوز دونالد ترامب، حيث تم وضع مجسمين للمرشحين لسباق البيت الأبيض، ليبادر القرد بالقفز وتقبيل المرشح الجمهورى، دون الالتفات لمنافسته هيلارى كلينتون.

الأمر نفسه تقريبا حدث فى موسكو حيث توقع الدب القطبى الروسى "فيليكس" بحديقة حيوان "أويف روتشى" بمدينة كراسنويارسك الروسية، فوز ترامب ومال برأسه ناحية اسم ترامب، ليعكس الحالة المزاجية العامة لدى بلاده وأفضلياتها فى اختيار من سيجلس فى المكتب البيضاوى بواشنطن.

خصم من جماعات الإسلام السياسى

الدلالة الرئيسية فى فوز ترامب، والتى ستكون أحد أبرز التداعيات على الإقليم، هو ما ستؤول إليه حال جماعات الإسلام السياسى فى المنطقة والتى كانت فيما مضى تحظى بدعم من الأوساط الديمقراطية فى أمريكا، وعلى رأسها بالتأكيد جماعة الإخوان التى دعمتها كلينتون فى السنوات الأربع التى تولت فيها المسؤولية بـ"Department of State" أو الخارجية الأمريكية (2009 ـ 2013).

كلينتون التى أعلنت بشكل صريح فى مذكراتها التى نشرتها تحت عنوان "خيارات صعبة" وتناقلت وسائل الإعلام حديثها عن علاقاتها بجماعة الإخوان المسلمين، أنها "اتفقت مع الإخوان على الاعتراف بتنظيم الدولة". وقالت بالحرف الواحد: "کنت قد زرت 112 دولة فى العالم وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء بالاعتراف بالدولة الإسلامیة حال إعلانها فورا وفجأة تحطم کل شىء"، فى إشارة منها إلى التغيير التراجيدى الذى تم فى مصر صيف 2013.

وبالتالى فإن صعود ترامب المعادى تلقائيا إلى الجماعات الراديكالية بتصنيفاتها وتنويعاتها المتباينة، سيشكل خصما فوريا كبيرا من الرصيد المتراكم لدى تلك الجماعات لدى السياسية الأمريكية بشكل مبدئى ما سيصب فى صالح مؤسسات الدول وجيوشها التى تنخرط فى مواجهات مصيرية مع تلك الجماعات وعلى رأسها مصر وسوريا.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة