علا الشافعى تكتب: "بركة يقابل بركة".. الفيلم السعودى المشارك فى مهرجان القاهرة السينمائى.. العمل يطلق صرخة جيل كامل يرغب فى التحرر الفعلى من قيود المجتمع السعودى فى قالب فنى كوميدى "غير مبتذل"

الخميس، 17 نوفمبر 2016 11:00 ص
علا الشافعى تكتب: "بركة يقابل بركة".. الفيلم السعودى المشارك فى مهرجان القاهرة السينمائى.. العمل يطلق صرخة جيل كامل يرغب فى التحرر الفعلى من قيود المجتمع السعودى فى قالب فنى كوميدى "غير مبتذل" فيلم "بركة يقابل بركة"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"بركة يقابل بركة".. هذا هو اسم الفيلم السعودى الذى سيشارك فى مسابقة "آفاق عربية" ضمن الدورة الـ38 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وأيضًا هو الفيلم الذى دخل القائمة الطويلة فى مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبى، كما سبق عرضه فى مهرجان قرطاج السينمائى، وسينما زواية.

 

وبالطبع سبق وأن شاهدنا أفلامًا سعودية للمخرجة هيفاء المنصور ومنها: "نساء بلا ظل"، و"وجدة"، وهى أفلام تحدثت عن المجتمع السعودى، ولكن من خلال وجهة نظر نسوية، وما تتعرض له السيدات والفتيات فى المجتمع السعودى من قهر ورفض لأبسط حقوقهن. فيلم "وجدة" مثلًا كان حلم تلك الفتاة الصغيرة بأن تقود  دراجة، وهناك أيضًا المخرجة عهد كامل وغيرهن جيل من المخرجين والمخرجات السعوديين تشكلت ملامحه، وتلقى دراسته فى الخارج سواء بأمريكا أو بأوروبا، وحققت هذه التجارب حالة تراكمية لعدد من الشباب الموهوبين فى السينما السعودية، ولكن يظل فيلم "بركة يقابل بركة" للمخرج محمود الصباغ هو أول فيلم يحمل قدرا كبيرًا من الصدق والمكاشفة حول المجتمع السعودى والـ"لاءات" التى تحكم كل التفاصيل وأبسطها حتى فيما يتعلق بالمشاعر الإنسانية البسيطة من رغبة فى التعارف.

 

201614526_1-1
مشهد من الفيلم
 

المخرج محمود صباغ درس فى نيويورك، وقدم عددًا من الأفلام الوثائقية، إلا أنه فى عمله الروائى الأول، قدم فيلمًا عبر بحق عن أزمة الكثيرين من الجيل الجديد فى السعودية، شباب وفتيات يرغبون فى التغيير، خصوصًا فى ظل التطور التكنولوجى الرهيب، فالعالم كله يتغير وهؤلاء الشباب يتعاطون مع مفردات التغيير والتطوير، ولكن المجتمع ثابت وراكد ويخضع لقوانين وتقاليد من المفروض أن يكون عفا عليها الزمن.

 

المفارقة أن محمود، وفى شجاعة نادرة، عقد مقارنة بين المجتمع السعودى الآن وما كان يحدث فى الماضى من خلال لقطات أرشيفية تم اختيارها بذكاء وتوظيفها داخل دراما الفيلم، وهى اللقطات التى أكدت أن السعودية فى فترة من تاريخها عرفت السينما والمسرح والتليفزيون، ومعارض الفنون التشكيلية، وعروض الأزياء، كما عرفت مضيفات الطيران والتلميذات اللاتى كن يكشفن عن وجوههن وشعورهن، مؤكدا أن جيل آبائه عاصر كل هذا ولم يحدث أن انفلت المجتمع، فى حين أنه وجيله يعانون من حالة التراجع المجتمعى الذى يتنافى مع المنطق والعقل والمشاعر الإنسانية.

 
ggg
مشهد من الفيلم

 

تبدأ أحداث الفيلم مع بركة يجسده الفنان "هشام فقيه" موظف بلدية جدة الملتزم، والذى يعيش فى حى متواضع، وينتمى لعائلة بسيطة، تلك المشاهد واللقطات للحى الذى يسكن فيه بجدة هى مشاهد تجعلنا نرى سعودية أخرى لا نعرفها وتختلف عن الصورة النمطية والذهنية التى اعتادنا التعاطى معها وتناقلها، الذى يحلم بالفتيات، و"بيبى" "فاطمة البنوى" ابنة الطبقة الثرية، التى تخجل من اسمها الأصلى "بركة"، وتعد من نجمات السوشيال ميديا والتى يعجب بها بركة بشدة ويحاول التواصل معها بكل الطرق ولكن التقاليد الحاكمة للمجتمع تقف بينهما دائما كل ذلك من خلال كوميديا الموقف والتى تفجر الضحك فى صالة العرض، وبالتوازى يعرى بركة الموظف البسيط الفساد والبيروقراطية فى مجتمعه ويكشف عن الفساد ومتلقى الرشاوى.

 

ويركز محمود من خلال المونتاج المتوازى عن كشف عالم المهمشين الذين يعيشون فى إحدى أحياء جدة الفقيرة، وعالم بيبى تلك الفتاة الثرية المرفهة، ومن خلال الكوميديا الصارخة والتى نستطيع أن نطلق عليها كوميديا سوداء يكشف محمود عن حجم التناقضات التى تحكم وتتحكم فى المجتمع السعودى بوعى شديد ومن خلال لقطات ذكية وكثفة وبعيدا عن المتاجرة بذلك، ويرصد ذلك المجتمع الرجعى الذى يغض الطرف عن التحرش، لكنه لا يتوقف عن سن التشريعات السياسية والاجتماعية المُقيدة للحريات، فالمواعدة بين الجنسين ممنوعة مثلا، وقيادة السيدات للسيارات محظورة، وظهور وجه المرأة مُحرم، وتمثيل النساء مكروه - لذلك نشاهد البطل والذى يمارس هواية التمثيل فى أوقات فراغه وهو يقدم دور أوفليا فى العرض المسرحى هاملت  للتحايل على تحريم مشاركة المرأة  فى التمثيل - فى مشهد يفجر الكثير من الضحك والسخرية المريرة الأبطال رجال والجمهور كله من الرجال  وللتغلب على تلك اللاءات، وغيرها، يضطر الشباب إلى التحايل على المجتمع، ومراوغة شرطة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، "بيبى" الفتاة التى تكره حتى اسمها بركة وتكتفى باسم الدلع "بيبى" لا تجد متنفس لها سوى موقع التواصل الاجتماعى "إنستجرام" لتتحرر، وتُطلق فيديوهاتها، وصورها التى تخفى وجهها، نزولا عن رغبة مجتمع مُغلق يُحرم ظهور وجه وجسد المرأة، بوصفها "عورة".

 

barakah-meets-barakah
بركة يقابل بركة

 

"بركة يقابل بركة" للمخرج السعودى محمود صباغ، هو فيلم ينتصر لإرادة الحياة ويطلق صرخة جيل كامل يرغب فى التحرر الفعلى والحقيقى بعيدًا عن التحرر فى العالم الافتراضى على وسائل التواصل الاجتماعى، أو اللجوء إلى حياة مزدوجة نمارس ما نرغب فى الخفاء وفى العلن نؤدى الدور الذى يرسمه لنا المجتمع تماما، وهو فيلم جيد أيضا على المستوى الفنى.









الموضوعات المتعلقة

علا الشافعى تكتب: احكى يا قرطاج

الإثنين، 31 أكتوبر 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

البداية

العجز فى الموازنة ظهر مع بداية التحرر والفكر المتفتح بالرغم من خطط المملكة لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد كليا على النفط وبالرغم من ارتفاع الاسعار من 30 الى 45 دولار للبرميل .. انتبهوا وراجعوا أنفسكم حتى ترجع البركة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة