في بحث علمى لرئيس جامعة الأزهر: نظرية صدام الحضارات تدفع للهيمنة وإقصاء الآخر

الجمعة، 28 أكتوبر 2016 03:00 ص
في بحث علمى لرئيس جامعة الأزهر: نظرية صدام الحضارات تدفع للهيمنة وإقصاء الآخر الدكتور ابراهيم الهدهد رئيس جامعة الازهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أكد الدكتور ابراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر، فى بحث علمى عن الإسلام والتعايش السلمى أن الإسلام يؤمن بتعدد الحضارات، ويقرها ويرسخ الإيمان بذلك فى قلوب أتباعه، مشيرا إلى أن سيرة الرسول العطرة جسدت ذلك، وتعاطت معها، واقعا عمليا فالتقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضارى للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وتم دائما وأبدا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنسانى عام وبين ماهو خصوصية حضارية".

 

وأكد الهدهد فى بحثه الذى ألقى فى المؤتمر التاسع عشر لحوار الثقافات والأديان لفريق حزب الشعب الأوربى مع الكنائس والمؤسسات الدينية بفينيسيا، أن الخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية بما يعود على الإنسان والبشرية بالخير والفائدة، والاتجاه نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات الراهن، عكس نظرية (صدام الحضارات) التى تدفع الطرف المتسلح بـإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة ونفى الآخر والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى أن نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضارى.

 

وأشار الهدهد إلى أن الأزهر يؤمن أن الانعزال والتقوقع والانغلاق على الذات فى عالم اليوم الذى تحول إلى قرية صغيرة بحكم التطور التقنى الهائل فى تكنولوجيا الاتصال أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة هو بحد ذاته عملية تكريس لهيمنة الحضارة الكاسحة وهو طريق التبعية الحضارية الذى يفقد كل أمة خصوصيتها الحضارية ويحولها إلى مجرد هامش للحضارة الكاسحة".

 

 

وأوضح الهدهد أن الإسلام أكد لأتباعه أن التعدد والتنوع من سنن الله فى كونه، وأن جوهر رسالته عدم إكراه الناس على دين واحد فالتعدد سنة من سنن الله تعالى: فى الكون، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات}. وقال أيضا  (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم  وقال أيضا (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغي. . .) .

 

ونص القرآن الكريم على أن الإيمان بالرسل والكتب السماوية شرط كمال إيمان المسلم، فى قوله ـ تعالى: ـ (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله) "بيد أنه لا يجوز أن يفهم هذا التسامح الإنسانى الذى جعله الإسلام أساسا راسخا لعلاقة المسلم مع غير المسلم على أنه انفلات أو استعداد للذوبان فى أى كيان من الكيانات التى لا تتفق مع جوهر هذا الدين. فهذا  التسامح لا يلغى الفارق والاختلاف ولكنه يؤسس للعلاقات الإنسانية التى يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصوصيات العقائدية والحضارية والثقافية، لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصوصيات أن تمنع التفاعل الحضارى بين الأمم والشعوب والتعاون فيما بينها".

 

وبين الهدهد الإسلام جاء رسالة رحمة إلى الناس كافة، قال الله ـ تعالى: ـ (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)  ودعوته مرتكزة على تنوع الشعوب والتعدد المجتمعى، ولا سبيل إلى الالتقاء إلا بالتعارف والتعاون وقد جاء ذلك فى قوله : ـ تعالى: ـ ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)  وأن دعوته ترتكز على التسامح، والحوار لا الصدام، والتعايش لا التناحروقد جاءت نصوص القرآن والسنة المطهرة معلنة عن ذلك بكل وضوح فقد أمر الله نبيه بالعفو والصفح عن غير المؤمنين به قال الله تعالى :" وقيله يارب إن هؤلاء قوم لايؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون "،كما أمر الإسلام أتباعه بالجدال الحسن مع أهل الكتاب قال : ـ تعالى: ـ ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) (العنكبوت/ 46 ) كما أمره بالصفح الجميل ( فاصفح الصفح الجميل )، ويقول : ( خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض على الجاهلين )،وقوله ـ تعالى: ـ ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لايرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون ) .

 

كما أمر القرآن أتباعه بالبر بأهل الكتاب، (  لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

 

وجاء فى صحيح البخارى أن جنازة مرت فقام النبى ـ صلى الله عليه وسلم: ـ وقمنا فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودى فقال: أوليست نفسا؟ إذا رأيتم جنازة فقوموا" إن الأصل فى الإسلام السلم والحرب استثناء، وهو صريح قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقوله : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) وقد نهى رسول الله ـ صلى الله ـ عليه وسلم: ـ عن تمنى القتال، ودعا الصحابة إلى ذلك حين قال: ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموه  فاثبتوا واذكروا الله كثيرا)  ومن ثم فهو يعتبر الحرب خرقا للسلام وجريمة ما لم تدع إليها حالات معينة تبيحها وتكون فيها عادلة ومشروعة.

 

وقال الهدهد إن من نتائج ثقافة التعايش التى أكد الإسلام عليها بقاء الآثار والكنائس والمعابد حتى ما يخص أتباع الديانات غير السماوية، وذلك فى البلاد التى فتحها المسلمون على مر التاريخ، فى كل البلاد، ومن يفعل غير ذلك من داعش وغيرها يبرأ منه الإسلام، وهو ناتج عن فهم مغلوط مشوه عن الإسلام.

 

وختم الهدهد بحثه موضحا أن الأزهر الشريف أكبر وأقدم مؤسسة دينية إسلامية فى العالم، يمتلك من الدراسات والأفكار ما يمكنه من طرح الرؤية الإسلامية، وبيان علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات السماوية، وليس من هدف الأزهر ولا من رسالته تحويل غير المسلمين للإسلام، وإنما هدفه شرح حقيقة الإسلام، وإن دوره هو الحفاظ على نقاء شريعة الإسلام والدفاع عنها مؤكدا بأن الإسلام لايحمل عداء للعقائد الأخرى، وأن الأزهر الشريف يدين العنف والإرهاب،و قد أوجد الله الناس من نفس واحدة، والاختلاف فى العقائد من طبيعة البشر، والعقائد لاتباع ولاتشترى،ولا إكراه على العقائد، وإن الاختلاف لايمنع التعاون ولا التعارف، إن جميع الأديان السماوية اتفقت على أمرين إخلاص العبادة لله وحده والتحلى بمكارم الأخلاق، ولم يختلف أحد على أهمية الكلمة الطيبة فى حياتنا جميعا.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة