أحمد إبراهيم الشريف

الثقافة الغائبة فى المدارس الخاوية

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«اعتبره قلب وراح، اعتبره قصر جراح، واتهد على اللى بانيه»، لكم أن تتخيلوا أن هذه الأغنية قيلت بإذاعة مدرسة فى صعيد مصر، حتى تدركوا أننا لسنا فى حاجة للقول إن الجرعة الثقافية الموجودة فى مدارسنا بمستوياتها المختلفة لا تتناسب مع عدد التلاميذ ولا عدد المدارس الموجودة فى مصر، وخطورة هذا الأمر تكمن فى ألا أحد من المسؤولين يرى فى ذلك أية خطورة مستقبلية على المجتمع، لأنهم لو رأوا لغيروا.
 
كانت الأغنيات التى تقال فى المدارس قبل ذلك تتمثل فى «دع سمائى فسمائى محرقة» أو «لى أخ مجند اسمه محمد» أو«مدرستى يا مدرستى» أو «طلع البدر علينا»، وغيرها من الفنون التى تتناسب وعالم المدرسة، الذى من المفروض أنه يسعى لبناء شخصية التلميذ الوطنية والدينية.
 
ومنذ سنوات قليلة ماضية، ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، كانت المدارس بإمكاناتها القليلة تهتم بفنون المسرح فى المناسبات، فلا يمر عيد الأم أو المولد النبوى الشريف إلا بنصوص مسرحية تقدم على خشبة بسيطة ويحضر الجميع وعلى رأسهم أهالى التلاميذ، الذين كان معظمهم أميون لا يجيدون القراءة والكتابة فيقضون يوما جميلا موقنين بأهمية مشاركة أبنائهم فى هذه الأنشطة الثقافية.
 
الآن، بكل سهولة، يمكن القول: إن المسرح انتهى تماما من المدارس، وعن تجربة ذاتية فى الصعيد، التلاميذ فى المدارس الحكومية، أصبحوا لا يعرفون كلمة مسرح سوى من التليفزيون بمعناه التجارى البحت، القائم على الضحك والسخرية والتقليل من الآخرين.
 
أما المكتبات المدرسية، فأصبحت خاوية على عروشها، وأعتقد أنه لم يعد هناك ما يسمى بحصة المكتبة، وبالتأكيد اختفت «مدرسة المكتبة» التى كانت تجمع التلاميذ حولها، وتقرأ لهم قصة جديدة، ويظل التلاميذ يفكرون فيها حتى الحصة المقبلة، كما اختفت حصة الرسم أو تراجع دورها، ولم تعد قادرة على اكتشاف المبدعين والفنانين.
 
أما المسابقات الثقافية بين المدارس فى قراءة القرآن والغناء والرسم والأسئلة العامة تراجعت أيضا ولم تعد منهجا أساسيا تقدمه وزارة التربية والتعليم وتتابعه وتعرف نتائجه، لكنها أصبحت اجتهادات شخصية من بعض مديرى المدارس، الذين يملكون رؤية شخصية لتطوير التلاميذ.
 
وخطورة هذه الغيابات الثقافية الكثيرة فى المدارس أنها سوف تصنع جيلا «جافا» مثل صخرة لم يرققها الماء، وبالتالى سيكون هذا الجيل واقعا تحت تأثير ثقافات الآخرين المختلفين عنا أو المتطرفين، الذين يملكون قدرات تأثيرية متعددة، وذلك لأننا لم نسمح لهذا النشء باختبار الأفكار والتعرف عليها عن قرب حتى يعرف الحقيقى من الزائف، وتركناه خاويا مثل مدينة خربة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة