ميرنا محسن المنشاوى تكتب: أبناؤنا فى خطر

الإثنين، 24 أكتوبر 2016 12:00 ص
ميرنا محسن المنشاوى تكتب: أبناؤنا فى خطر صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

يتجنب الكثير من النازحين إلى التحضر العقاب الجسدى لأطفالهم؛ ظنا منهم أنه الوحيد التارك أثرا غافلين عن بعض ألوان التعذيب النفسى والتى قد تحدث فجوات لا يغنيها رأب الصدع.

 

فما أن يبدأ الطفل فى تكوين شخصيته الخاصة حتى يبدأ أبواه فى استثارته باستخدام وسائل المقارنة مع أقرانه من أقرباء أو أصدقاء أو ما شابه والتقليل من نتائجه بيد أنهما يزايدان فى مديح الشخص المقارّن وكل هذا ليس إلا رغبة منهما فى تنشئة شخص قادر على المنافسة كى ينهب طرق النجاح نهبا، لكن الحقيقة هى العكس تماما.

 

تدريجيا ما تتضاءل ثقة الطفل فى نفسه منصرفا عن أهدافه لا يأبه بنتائجه متحولا إلى نتائج ذلك المقارَن يقتفى أثره فى كل أمر سواء فى طريق الحق أم غيره، فتراه يتجه بناظريه نحو المرآة فما هو إلا فأر فى قرارة نفسه، عاجز أمام ذلك الفهد، متخلف عن ركب السباق.

 

خطأ جسيم يرتكبه الآباء كل يوم ليوغروا صدر طفلهم تجاه من أحب حتى يصير عدوانيا ،فيتحول حثيثا إلى قنبلة موقوتة أن لها أن تنفجر بل وربما يسخر كل السبل للانتقام من ذلك الوغد الذى سلبه كل الأضواء.

 

لو توقف الأمر عن هذا الحد لهان، ولكن تتولد مأساة جديدة ألا وهى جلد الذات، فيبدأ الطفل فى محاسبة نفسه أقسى الحساب ساخطا على قدراته المتضائلة وقد تتفاقم لديه ألوان التعذيب النفسى خاصة إذا كانت مصحوبة بكثرة العتاب.

 والآن كم مرة امتدحت فيها نتيجة طفلك لا جهده المبذول ؟

عندما يحقق الطفل نجاحا يرى والديه إلى جواره والفخر يشملهما، ووقتما يخفق فى منافسة أو امتحان لا يرى منهما إلا العتاب ،وقتها سيتوصل إلى أنهما لا يحبان منه إلا نتائجه دون الالتفات إلى جهده المبذول وهذا سيزيد الطين بلة بل سيضاعف من معدلات اكتئاب الطفل.

من هنا تغيير ثقافاتنا الموروثة فى تنشئة أطفالنا لأمر مُلّح ،إذ لابد للطفل - خاصة فى سن مبكرة - أن يتعلم كيف يرسم هدفا خاضعا لقاعدة (سمارت) ملائما لقدراته الخاصة لا لقدرات غيره، يتعلم كيف يخلق روح التنافس مع نفسه مقارنا نتائجه مع أهدافه وإن تراخى أو تخلف عن تحقيق الهدف المنشود، يحق لنا حينها لومه كى يلتفت إلى أهدافه من جديد.

 

هدف الطفل لابد وأن يكون ماثلا أمام عينيه فى كل حين فمثلا لو رسمت له والدته شجرة على حائط غرفته وكل هدف يحدده تحت إشرافها يسطره على ورقة تتخذ شكل ثمرة التفاح وهناك شجرة أخرى جدباء ،كلما حقق هدفا ينقل الثمرة من الشجرة الأولى إلى المجاورة ثم يقارن عدد الثمار فى الناحيتين، وقتها سيشعر الطفل بشيء من المسئولية، محاولا إثبات ذاته أمام والديه، وربما يتحسن الوضع لو تزامنت معه مكافأة بسيطة وقت تحقيق النتيجة.

وقد يخطيء بعض الآباء - تجنبا لعقبة المقارنة بالإسراف فى مديح طفلهم على كل صغيرة وكبيرة كى يضاعفوا من معدلات ثقته بنفسه، ولكن أكد الخبراء مؤخرا أن المغالاة فى امتداح الطفل تربك مفاهيمه عن الأهداف والنجاحات فينشأ على المهمات الهينة، بل سيتأفف لاحقا من كل مهمة شاقة بيد أن المديح الزائد عن الحد يزيد معدلات الغرور لديه فيتراخى عن التطوير من ذاته.

ولا أعنى بعدم المقارنة أن ينأى الطفل بنفسه عن ذويه ولكن المنشود هو بعد تحقيق هدفه أن يلتقط بعدسته الخاصة صورة شاملة عن محيطه كى يحدد موقعه من الإعراب فيعيد النظر فى أهدافه أن كانت ستودى به أم سيبلغ بها مراده.

فتنوع الفكر واختلاف طرق الآباء فى توجيه أهداف أبنائهم سيخلق لونا جديدا من الإبداع، إذ لا جدوى من استنساخ أجيال موحدة ف فكر عقيم لمجرد ثقافة فرضت علينا قيودها.

تربية الطفل القائمة على النقاش الخالى من العبارات السلبية والنصيحة المصحوبة بالترغيب لا الترهيب، تمنح الطفل حالة من السلام الداخلى فلا يملك ضغينة لغيره فيشارك برأيه ويكتسب من خبرات أقرانه وذلك يعطيه متسعا كى يبرع فى مجال هو من اختاره.

سيدرك طفلك لاحقا أن لكل هدف واجب عليه تحقيقه وبدلا من مقارنته مع شخص آخر سيبدأ هو فى وضع حجر الأساس منتظرا قرينه كى يدعمه بلبنة من طينة أخرى حتى تكتمل بناية الإبداع.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة