نبيلة مجدى تكتب:فى ذكرى رحيله .. "درويش.. قصيدتى التى لم تنته.. رسائل منى إليه

الأحد، 09 أغسطس 2015 09:00 م
نبيلة مجدى تكتب:فى ذكرى رحيله .. "درويش.. قصيدتى التى لم تنته.. رسائل منى إليه محمود درويش
كتبت نبيلة مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"من يكتب حكايته يرث أرض الكلام ويملك المعنى تماما"، هكذا تنبأ الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش، والذى يوافق اليوم الذكرى السابعة لرحيله، فى قصيدته "قال المسافر للمسافر: لن أعود كما"، بأنه سيبقى حيا ما حيت كلماته يقرأها الجميع بعد رحيله، فيوهبون له حياة تلو الأخرى.

"من أنا لأخيب ظن العدم"، هكذا تسائل درويش الشعر فى قصيدته الأخيرة، "لاعب النرد" التى حملت لمريديه خلاصة تجربة اتسعت فيها رؤاه وعباراته، على عكس ما قال الصوفى النفرى "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة".

"لاعب النرد" كانت قصيدته الأخيرة وربما الأولى، فهى القصيدة "السيرة" التى بث فيها محمود دوريش من روحه فاستحالت نصا "مبرئا من كل عيب"، بدأه بإعلان سلامته مم قد يصيب شاعرا مثله من تكبر على قرائه، فخاطبهم متسائلا:"من أنا لأقول لكم ما أقول لكم؟" ليفاجئهم مرة أخرى ببيت يقول "أنا مثلكم أو أقل قليلا" تدهشك العبارة فتظن إنه تجرد لتوه من كل ما أثقل قلبه وذاكرته، ليعد إلى يوم مر إلى الحياة للمرة الأولى "مثلنا أو أقل قليلا" وربما هكذا أراد أن يرحل عنها أيضا.

"لاعب النرد" هى القصيدة التى اتحد فيها محمود درويش مع ذاته وتجرد منها فى آن واحد، يخبرك فيها بمن كان وكيف أصبح، ثم يعترف بأن كل ما كانه "مصادفة" وكل حال أصبح عليه كان "مصادفة" كذلك، و"مصادفة" عشقناه كيفما كان وكيفما أصبح، وإن لم يكن له دورا بما "كان أو سيكون".

وحين يأخذ محمود دوريش بيديك بين حروف قصيدته إلى بيته القائل "لا دور لى فى حياتى إلا إننى عندما علمتنى تراتيلها، قلت هل من مزيد وأوقدت قنديلها ثم حاولت تعديلها؟"، فتجيبه "لا دور لى فى قراءاتى إلا إننى عندما علمتنى شعرك قلت لك:هل من مزيد؟ فوجدته فيه كل نص وتعديله، كل صورة وانعكاسها، كل حرف ورسمه وكل كلمة وصدى امتدادها.

تسكنك القصيدة فتصير جزءا منها، ولا يفصلك عن اتحادك بها سوى بيته "كان يمكن ألا يحالفنى الوحى" فتضحك ساخرا وكيف لا يحالفك الوحى وأنت الوحى الذى لا ينقطع، وبينما يقول هو "إن القصيدة رمية نرد على رقعة من ظلام تشع وقد لا تشع فيهوى الكلام"، تجيبه بملء قلبك "تشع" ولا وجود "لقد"، كف عنى أذاك.

يتمكن منك شعورا لا يوصف بـ"الامتلاء" بذلك القائل "لا دور لى فى القصيدة غير امتثالى لإيقاعها"، فتمثل أمام حروفه خاضعا، حامدا شاكرا كل "امتثال" له، وعندما يقدم لك "تعويذته" السحرية فى قوله "هكذا تولد الكلمات أدرب قلبى على الحب كى يسع الورد والشوك"، تؤمن على كلماته قائلا: "وها أنا ذا أدرب عينى أولا"، فينقلك من خضوعك أمامه كمريد يتلقى أولى حروف أبجديته من درويشه إلى اعتراف بأنك "قد بلغت الكبر" وقد وسدتك حروفه منذ بدء القصيدة، فيكمل جميله عليك ويقول "ولست أنا من أنا الآن إلا إذا التقت الاثنتان أنا وأنا الأنثوية"، فأبلغ كمالى وأقول بكل ما أوتيت من قوة على احتمال بلاغته "وأنا الأنثوية".


موضوعات متعلقة..



فى "مكتوب على الجبين".. جلال أمين يفتح النار على زملاء الدراسة والمثقفين والمفكرين










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة