صبرى الديب

مصر.. وحتمية "القانون الرادع"

الخميس، 13 أغسطس 2015 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أؤكد أنه رغم الشجاعة المفرطة التى أبدتها القيادة السياسية الحالية فى مصر، من تحدٍ للنفس فى مواجهة كل المؤامرات الداخلية والخارجية التى تحيط بالبلاد، والدخول لإنجاز عدد من المشروعات القومية الضخمة دفعة واحدة، مثل مشروع قناة السويس الجديدة الذى تم تدشينه بالفعل، والمشروع القومى للطرق الذى سيتم الانتهاء من المرحلة الأولى منه خلال أيام، ومشروع الضبعة النووى الذى سيعلن الرئيس خلال أيام البدء فيه وتوقيع العقد لإنشاء 4 محطات نووية دفعة واحدة مع الجانب الروسى.. إلا أننى أرى أن هناك جانبًا آخر يحتاج من القيادة السياسية إعلان الحرب عليه وهو تلك الظواهر السلبية والأمراض الاجتماعية، التى توغلت فى جسد المجتمع المصرى وأصبحت بمثابة الأوبئة، مثل (سرقة المال العام ـ والغش ـ والتسيب ـ والاعتداء على حقوق الغير).

وجميعها أمراض تحولت من كثرة حدوثها إلى أحداث عادية لا يقف عليها المواطن المصرى كثيرًا، فى الوقت الذى يعد وقوع أى منها من تلك التجاوزات ـ ولو مرة واحدة ـ بمثابة (الكارثة) فى مجتمعات أخرى .. لدرجة أنه أصبح من العادى أن نسمع عشرات المرات عن مسئول كبير أو صغير قام باختلاس أو تبديد ملايين الجنيهات، لا لشيء سوى أن القانون القاصر سوف يمكنه من امتلاك ثروة طائلة من أموال الشعب، فى مقابل سنوات قليله قد يقضيها خلف القضبان.

وأصبح من العادى أن نقرأ عن وجود مئات الأدوية والأغذية المغشوشة بالأسواق، لدرجة أن التسيب والقصور التشريعى فى محاسبة هؤلاء أدى بالبعض إلى إنتاج أدوية تحت بئر السلم، وإنتاج أدوية من المفترض أنها تعالج أدوية مزمنة وخطيرة مثل السرطان، خالية تمامًا من المادة الفعالة.. بل وطرح أغذية مسرطنة، وغير صالحة للاستخدام الآدمى، ووصول حد الجشع إلى حد ذبح الحمير والكلاب وبيع لحومها للمصريين، والقانون عاجز.

كما أصبح من العادى أن نشاهد من يغتصب على أراضى الدولة، ويعتدى على الأراضى الزراعية، ويحتل الشارع العام، وغيرها من الظواهر، التى أصبح وقوعها يسبب إحباطًا للشعب، ويعطى انطباعًا لدى المواطن العادى بأن الدولة، أو الحكومة، أو المسئول، يحمى ويمارس نوعًا من التواطؤ مع كل من يقوم بمثل هذه التجاوزات، التى تمثل تحديًا كاملاً للمجتمع وهيبة الدولة، فى مقابل رادع ضعيف.

أؤكد أن استمرار وجود مثل هذه الظواهر السلبية يعطى انطباعًا للمواطن العادى بأن مصر لم تتغير، وأن من يحكم يعلم ولا يبالى، بل ويحمى.. وأصبح لا خلاص ولا رادع للقضاء على مثل هذه الاوبئة الاجتماعية سوى بـ(قوانين رادعة) تقضى بشكل أبدى بمجرد صدورها على تلك الأوبئة التى استفحلت، وأصبحت تستنزف موارد البلاد، اكثر من السرطان والالتهاب الكبدى الوبائى .

لقد مرت الصين ومنذ سنوات وتحديدًا فى عام 1781 بتجربة مريرة عرفت تاريخيًا بـ(حرب الأفيون) نجحت فيها بريطانيا فى جعل الشعب الصينى بأكمله مدمنًا للأفيون، وعندما تحول الأمر إلى ما يشبه الكارثة، أصدر الإمبراطور الصينى "يونج تشينج" مرسوما فى عام 1829 بتحريم استيراد المخدرات من الخارج، فلجأت بريطانيا إلى استخدم كل السبل لتهريب الأفيون إلى الصين، لدرجة أنهم نجحوا فى الوصول بحجم التهريب إلى 272 طنًا من الأفيون فى العام الواحد إلى داخل الأراضى الصينية، فى الوقت الذى كان الشعب الصينى يلجأ فيه من شدة الإدمان إلى كل الحيل فى مقابل الحصول على الأفيون، لدرجة أن الأغلبية منهم كانوا يرهنون بيوتهم وحقولهم من أجل الحصول على المخدر، فلم تجد القيادة الصينية وقتها سوى اللجوء إلى (القانون الرادع) لإنقاذ البلاد والشعب من تلك الكارثة الاجتماعية .. فأصدر الإمبراطور الصينى مرسومًا بإعدام كل من (يزرع، أو يهرب، أو يتاجر، أو من يتعاطى الأفيون) فاختفى الأفيون وتعافى الشعب فى أقل من يوم وليله، وتحولت الصين إلى ما هى عليه الآن.

سيدى الرئيس، لم يعد هناك خلاص للتعافى من أوبئة (سرقة المال العام ـ والغش ـ والتسيب ـ والاعتداء على حقوق الغير) سوى بـ(قوانين رادعة) دون الالتفات سوى إلى مصلحة هذا البلد. وليذهب الفاسدون إلى مزبلة التاريخ.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

م سعيد

مين يطبق القانون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة