صبرى الديب

مكافحة الإرهاب لا حرية التعبير

الثلاثاء، 07 يوليو 2015 09:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعتقد أنه لا يوجد مصرى محب لتراب هذا البلد قد يعترض أيا من الجهود الأمنية والقانونية، التى تقوم بها الدولة لوقف الهجمة الإرهابية الشرسة، التى تتعرض لها مصر بمساعدة قوى داخلية وخارجية لا تريد لهذا البلد التعافى والانطلاق اقتصاديا وتنمويا، بما يحقق طموحات كل المصريين.. ولكننى ومعى كل مصرى مخلص عاش مرحلة النضال مع الأنظمة السابقة من أجل الحصول على مكتسبات فى مجال حرية الرأى والتعبير، من الممكن أن يتفق مع كثير من مواد مقيدة للحريات ضمن مشروع قانون "مكافحة الإرهاب"، الذى وافق المجلس الأعلى للقضاء عليه منذ أيام، خاصة أنها تعصف بكامل المكتسبات، التى نجح المجتمع ومعه الجماعة الصحفية فى انتزاعها على مدار سنوات، بل وتعيدنا إلى الوراء لسنوات.

ولعل الغريب فى أمر القانون أن يورط جهابذة التشريع الحكومى وعلى رأسهم المستشار إبراهيم الهنيدى، النظام فى مواد بتلك الصيغة ومثل هذه القيود، وهم يعلمون أنها لن تقبل لا من الجماعة الصحفية أو الأحزب أو السياسيين، وأنه سوف تثير عاصفة غضب فى وجة كل من يوافق عليها، ولا سيما أنها تأتى بعد ثورتين قام بهما المصريون من أجل الحصول على مزيد من الحريات والمكتسبات فى مجال حرية الرأى والتعبير.

أعتقد أن الأمر يستدعى التدخل السريع من رئيس الحكومة بإعادة النظر فى مشروع القانون بالكامل من جديد، وإعادة طرحه على الجماعة الصحفية ممثلة فى نقابة الصحفيين، والأحزاب، والقوى السياسية، على أن يكون هذا الطرح فى صورة حوار مجتمعى يتم التوافق من خلاله على صياغة تخرج بقانون يساعد الدولة فى القضاء على الإرهاب، ولا يمس بالمكتسبات، التى حصل عليها المجتمع والجماعة الصحفية فيما يتعلق بحريه الرأى والتعبير على مدار سنوات.

أعتقد أن التسرع فى إقرار القانون من الحكومة ورفعه للرئيس تمهيدا لإصداره، سوف يتم فهمه على أنه سوء نوايا من النظام، ومحاولة للعودة بحرية الرأى إلى الخلف، وسيزيد دون شك من الغضب الذى أبداه الصحفيون والقوى السياسية والحزبية.

كما أنه قد يسبب حرجا كبيرا للنظام فى حالة الطعن عليه دستوريا، خاصة أن هناك شبه إجماع من الدستوريين على أن القانون قد يكون غير متوافق مع مواد الدستور، ويمكن الطعن عليه وإبطاله بسهولة، خاصة فيما يتعلق بالمواد "26 و27 و29 و33 و37"، التى تخالف الدستور في المادتين 70 و71 بشكل صريح.
كما أنه من غير الطبيعى أن تنص (المادة 33) من القانون المقترح، على أن (يعاقب بالحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أى عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية)، ورغم أننى ضد أى نشر يخالف الحقيقة، إلا أننى أرى أن المادة جاءت متناقضة، حيث افترضت من حيث الركن المادى للجريمة، أن يكون النشر لمعلومات غير حقيقية، ومخالفة للبيانات الرسمية، وهذا يعنى أن هذه المادة تفرض أن البيانات الرسمية هى الحقيقة، فى حين أن كثيرا من البيانات الرسمية يتم نشرها ويتضح فيما بعد أنها غير صحية، وتقوم الصحف بنشر البيانات والأحداث الصحيحة، أى أن المادة تناست أن وظيفة الصحافة هى كشف الحقيقة للرأى العام.
كما غاب عن المشرع أيضا، أن هذه المادة جاءت مخالفة تماما للدستور الذى يقضى بـ (إلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر) ولا أعتقد أنه قد يضار النظام فى حالة استبدال النص باستبدال عقوبة الحبس بالغرامة، لأن المادة بشكلها الحالى سوف تجلب العار للنظام أمام العالم، وستظهره على أنه يقوض الحريات ويقضى على حرية التعبير.

كما أنه من غير المعقول أن يأتى نص المادة 37 ليحظر تسجيل أو تصوير وقائع جلسات المحاكمات أو بثها عبر وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة أو على شبكات الاتصالات، أو التواصل الاجتماعى أو أية وسيلة أخرى، ما لم تأذن المحكمة.. ولا أدرى كيف لم يدرك المشرع فى هذا الأمر أن الأصل فى مسألة المحاكمات فى أى قضية هو (حرية النشر ما لم تحظر المحكمة النشر فى القضية) فى حين أن النص، الذى جاء به القانون جعل (الحظر هو الأصل، والإتاحة هى الاستثناء)، وهو ما يخالف الدستور بشكل كامل.

أؤكد أن إعادة النظر فى مواد القانون وطرحه لحوار مجتمعى تشارك فيه نقابة الصحفيين والأحزاب والقوى السياسية والدستوريين، لن يضير النظام فى شىء، بل سينقذه من من أزمة دولية ومعارك داخلية، قد تفقده كثيرا من القوى المتعاطفة معه فى الداخل والخارج.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة