محمد محمد السعيد عيسى يكتب: عفريت الشمس

الإثنين، 06 يوليو 2015 02:00 م
محمد محمد السعيد عيسى يكتب: عفريت الشمس صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما كنت صغيرا فى سن السابعة من عمرى كنت معتادا على الذهاب مع أصدقائى كى ألعب لعبة البلى، وهى لمن لا يعرفها عبارة عن مجموعة من الكرات الزجاجية الملونة الصغيرة جدا يمسك كل لاعب بمجموعة منها ويتم تحديد على الأرض مكان صغير على شكل دائرة بواسطة طباشيرة ثم يضع كل لاعب بليتين أو ثلاثة فى الدائرة التى تسمى صينية ثم يتم تحديد خط الوقوف على بعد ثلاثة أمتار من الصينية. يقف كل لاعب ومعه بليته ليرمى بها بقوة تجاه الصينية وعندما يحدث التصادم بين بليته وبقية البلى الموجود فى الصينية يخرج عدد من البلى خارج الصينية وكل ما يخرج يصبح ملكا للرامى وهكذا.

كنا نستمتع كثيرا بهذه اللعبة على الرغم من بعض المنغصات التى قد تحدث نتيجة الشجار الدائم بين اللاعبين عن مشروعية الرمية هل كانت رمية صحيحة أم حدث غش من الرامى، ولكن كان أشد ما يحيرنا هو سرقة البلى من الصينية، كان معنا أحد الأولاد أطلقنا عليه اسم العفريت من شدة ذكائه وقدرته على التخفى ومهارته الكبيرة فى اللعب.

وفى أحد الأيام هجم علينا مجموعة من الأولاد من الشارع المجاور لنا وسرقوا كل ما معنا من بلى بالإكراه ولم ينفع معهم قوة أو عنف لأنهم كانوا أكبر منا فى العمر. فجلسنا نبكى حالنا وضعفنا حتى جاء العفريت وعرف منا القصة، فقال لنا ما رأيكم لو رددت لكم ما سلب منكم وزيادة؟، فقلنا له نتمنى ذلك نحن معك ولكن كيف؟، فقال أولا تعطونى عشرين بلية مقدم ثم يكون لى عشرين أخرى بعد أن تنتهى العملية، وأحتاج خمسين قرشا لشراء مستلزمات المعركة، فوافقنا وجمعنا له كل ما يريد.

ذهب العفريت واشترى مجموعة من البالونات وكان يعبئ كل واحدة بالمياه ويعطينا ثم قال لنا سأذهب لأرى ما يفعله الأولاد فى الشارع المجاور وعندما تسمعون صفارتى تهجمون عليهم هجمة رجل واحد لنرشهم بالماء ونخطف منهم ما معهم من بلى ثم نرجع مسرعين إلى بيوتنا وننام هذه الليلة تحت الأسرة ولا ننزل الشارع قبل ثلاثة أيام.

وبالفعل ذهب العفريت وأطلق صفارته وانطلقنا إلى أرض العدو كى ننتقم ونأخذ بثأرنا على غفلة كما فعلوا معنا ولكن العجيب أننا وجدنا الأولاد الآخرين مستعدون تماما ومعهم أيضا بالونات مليئة بالمياه مثلنا وكانت حرب طاحنة، وأثناء الاشتباك كنت ألاحظ العفريت وهو يلتقط بسرعة البلى الذى يسقط منا ومنهم ويضعه فى كيس ضخم ويسرق صينية الأولاد ثم يهرب مسرعا دون أن يلاحظه أحد غيرى.

وبعد أسبوعين قابلته وأنا ذاهب مع والدى إلى السوق وكان هو أيضا مع والده، فذهبت معه لنلعب سويا وصارحته بأننى قد رأيته وهو يأخذ البلى ويهرب.. فضحك وقال لى كلكم أغبياء وأنا ضحكت عليكم.. فقلت له كيف؟، قال أنا من خطط لكل ذلك وأنا من أرسلت لكم الأولاد من البداية وأخذت منهم أربعين بلية كمكافأة ثم عدت لكم وخططت لكم الثأر منهم وأخذت منكم أربعين بلية أخرى ثم أثناء العراك أخذت كل ما معكم وما معهم..

فقلت له غاضبا سأقول للأولاد وسوف يضربوك.. فقال لى مبتسما لن تستطيع فكل واحد منهم الآن منشغل بثأره من الآخر وكل واحد فيهم يريد منى مساعدته لكى أنتقم له من الآخر.. وهنا ضحكت وقلت له صدق من سماك بالعفريت يا عفريت.. ثم عدنا مسرعين إلى أهلنا قبل أن تغيب الشمس علينا ولكن العجيب فى هذا اليوم أن الشمس بدت وكأنها لن تغيب.. وكأنها تستعد كى تشرق ولكن هذه المرة من المغيب.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة