حسام شاكر

مذاق الموائد

السبت، 04 يوليو 2015 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما تسلم سيدة بسبب مائدة فتيقن أن سمات الدين الإسلامى تختلف عن غيره فقد مرت امرأة مجرية أمام مائدة رمضانية بجوار المقاولون العرب، وجلست عليها تظنها مطعمًا مفتوحًا فأخذت تطلب من الأطعمة والمشروبات المثلجة على غير العادة، التى تقدمها المائدة للصائمين فأحضروها لها رغم عدم توافرها، فلما فرغت من أكلها همت بدفع الثمن فأخبروها أن هذه مائدة، وليست مطعما وهو نوع من التكافل الاجتماعى عند المسلمين فانصرفت متعجبة من هذا الفعل ثم عادت بعد أسبوع بصحبة زوجها تسأل عن صاحب المائدة، وتقول له أريد أن أعلن إسلامى فلما سألها عن السبب قالت: إن هذا الدين الذى يدعو أتباعه لهذا التكافل الاجتماعى لهو دين أولى بالاتباع وقد كانت هذه المرأة تطوف أوروبا نظرا لطبيعة عمل زوجها باعتباره رجل أعمال فظل هذا الموقف قابعا فى ذهنها فكانت تأتى كل عدة أعوام ومعها أشخاص جدد يعلنون إسلامهم على هذه المائدة.

هذا الموقف يستدعينا للعودة إلى التاريخ للتجول فى الطرقات بحثا عن تاريخ الموائد لإرواء عطشنا من هذا العبق العامر بالتعاون والتراحم، فالبداية عندما كان صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة وقدم إليه وفد من الطائف قد اعتنقوا الإسلام فكان يرسل لهم إفطارهم وسحورهم مع بلال بن رباح واقتدى به الخلفاء بعد ذلك حتى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أعد دارا للضيافة يفطر فيها الصائمون الوافدون ومرت الأحوال كذلك يتسابق المسلمون لإطعام أشقائهم إلى أن جاء الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية فى مصر فأقام أول مائدة رحمن فى السنة الرابعة لولايته بمعناها الحالى من جمع للناس بصورة كبيرة، حيث جمع القواد والتجار والأعيان على مائدة حافلة فى أول أيام رمضان وخطب فيهم "إننى لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم فى حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب، ولكننى وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم فى رمضان، ولذلك فإننى آمركم أن تفتحوا بيوتكم وتمدوا موائدكم وتهيئوها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير المحروم" ثم أخبرهم بأن هذه المائدة ستستمر طوال أيام الشهر الكريم، وقد تعلم المصريون منه فأخرج الناس أطعمتهم إلى الشوارع ليؤجروا فى عابر السبيل، وأطالوا الموائد ليجلس عليها عدد كبير من الصائمين، مثلما كان يفعل الفاطميون فقد كانت المائدة تمتد لأكثر من مائتى متر ولم يقتصر الأمر على ذلك فكان مع الإفطار يتم توزيع الحلويات وإن شئت فقل يوسع صاحب المائدة على المفطر فيهديه الشنط الرمضانية المعبأة بالأرز واللحوم والزيوت.

مثلما كان يفعل بعض حكام المماليك بصرف رواتب إضافية لأرباب الوظائف، ولحملة العلم والأيتام، ولا سيما من السكر، حيث تتضاعف كمية المستهلك منه فى هذا الشهر، ولحرص المسلمين على إقامة هذه الموائد فإن الطرقات والأزقة والحوارى والمساجد لاتخلو منها مهما كانت هناك أزمات مالية فهى البركة، التى يمنحها الأغنياء للفقراء والغرباء وهى المنحة التى يتبارك بها المسكين ويسعد بها ابن السبيل ولأن الكرم فى هذه الموائد يزداد فتخرج الأسر بأكملها لتناول الإفطار فى الموائد وتقف السيارات على الطرقات للجلوس عليها فى جو من الألفة والمحبة لاتعرف فيه الضيف من المضيف فقد اشتق لها الناس اسما من أسماء الله الحسنى يبرهن على التراحم والتكافل فقالوا عليها "موائد الرحمن"
* المنسق الإعلامى لجامعة الأزهر.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

كريم الجمال

جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

على أبوالمكارم

معلومات قيمة

ياااه دا أحمد بن طولون طلع حكاية

عدد الردود 0

بواسطة:

نور الدين كامل

ماأفضل هذا التكافل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة