صبرى الديب

الاتفاق النووى الإيرانى وسياسة الأمر الواقع

الأربعاء، 22 يوليو 2015 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن الاتفاق النووى الذى أبرمته إيران منذ أيام مع المجموعة الدولية 5+1 قد فرض واقعًا جديدًا بمنطقة الشرق الأوسط قد تمتد آثاره لسنوات بما منحة لطهران من فرصة تاريخية لفرض سياسات قد تنعكس بالسلب أو الإيجاب على كل دول المنطقة، طبقًا لهوى سياسات الدولة الفارسية التى يؤكد الواقع أنها تلعب بالفعل دور الفاعل والمحرك الأول للأحداث فى دول عربية مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين حيث فتح الاتفاق الباب مفتوحًا على مصراعيه للخروج من عزلتها الدولية، وإقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وهى العلاقات التى قد تأتى على حساب العلاقات الأمريكية مع دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، التى تخشى من وجود مباركة أمريكية للنفوذ الإيرانى فى منطقة الخليج مستقبلًا، يسمح بتهديد إيرانى لكل دول الخليج، ويسمح بمزيد من التمدد للمذهب الشيعى فى المنطقة.

فى الوقت الذى تخشى فيه مصر من ذات التمدد الإيرانى الشيعى، وتدخل إيران بشكل أكثر قوة لدعم نفوذ الطائفة الشيعية فى مصر، ولا سيما أن تلك القضية كانت محورًا لتحركات أمنية مصرية خلال الشهور الأخيرة، أسفرت عن اعتقال أحد أشهر الرموز الشيعية فى مصر، ثم الإفراج عنه، للحد من نشاطات الشيعة المصريين الداعمة للانتشار المذهب الشيعى فى مصر خلال الشهور الأخيرة بدعم مباشر من طهران.. لا سيما وأن قضية التشيع كانت منذ بداية عصر مبارك تمثل حجر الأساس فى منع إقامة علاقات مع طهران، فى الوقت الذى حاولت إيران طوال هذه السنوات تقديم كل ما فى استطاعتها لإقامة علاقات طبيعية مع مصر، إلا أن التخوف من التمدد الشيعى فى مصر، مع عدم رغبة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية فى عدم وجود مثل هذا التقارب، منع كل الأنظمة المصرية منذ قيام الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 من إقامة أى علاقات مع إيران.

ولأن المواقف تبدلت بحكم تبعات الاتفاق النووى الجديد، وأصبح من المرجح أن تكون العلاقات الأمريكية الإيرانية على حساب العلاقات الأمريكية العربية، فقد سعت الدول العربية وعلى رأسها مصر إلى تحركات غير تقليدية، بعضها معلن وصريح وأخرى خلف الكواليس، وجميعها تصب فى تغيير السياسات العربية تجاه كثير من الدول التى تخشى الاتفاق النووى مع إيران فى المنطقة، وذلك من أجل تكوين جبهة فى وجه التمدد الإيرانى فى المنطقة، فعلى عكس كل التوقعات أعادت مصر سفيرها فجأة إلى إسرائيل، بعد 3 سنوات من سحبه، وأرسلت السفير "عاطف سالم سيد الأهل" إلى تل أبيب، مخالفة لكل توقعات المحللين، بأن مصر قد تتباطئ فى إرسال سفيرها الجديد، كنوع من الضغط لإعادة المفاوضات حول عملية السلام المجمدة مع الفلسطينيين. ولا أعتقد أن الخطوة المصرية بإعادة السفير إلى تل أبيب جاءت من أجل عيون إسرائيل، ولكنها فى رأيى جاءت لسببين هامين، أولهما (توقع الدبلوماسية المصرية مما قد تسفر عنه المفاوضات الإيرانية مع مجموعة 5+ 1). والسبب الثانى، هو أنه كان لابد مصر من تدعيم علاقاتها بإسرائيل فى تلك المرحلة، حتى تحتفظ بميزتها كـ(وسيط) أبدى ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التى تمسك مصر فيها بكل خيوط اللعبة منذ سنوات، وتستند عليها كمصدر قوة فى علاقاتها المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتى حاولت (قطر) بالتحديد سحب هذا الدور من مصر خلال السنوات الأخيرة.

وخوفا من علاقات أمريكية إيرانية على حساب دول الخليج، سعت كل من المملكة العربية السعودية، والبحرين، والكويت، وعدد من صناع القرار فى لبنان أيضا، إلى فتح علاقات دولية تجهض أى تحرك إيرانى سلبى اتجاه دول الخليج فى حالة وجود سياسة أمريكية تبارك التحرك الإيرانى فى هذا الاتجاه.

أؤكد أن الاتفاق النووى سوف يفرض واقعًا جديدًا بالمنطقة قد تمتد آثاره لسنوات قد تنعكس بالسلب أو الإيجاب على كل دول المنطقة، طبقًا للسياسات التى ستقدم عليها الدولة الفارسية، التى أعتقد أن مؤشراتها السلبية قد بدت أكثر وضوحًا بإعلان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى خطابه بمناسبة عيد الفطر أن إيران لن تتخلى عن أصدقائها فى كل من سوريا والعراق واليمن والبحرين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة