مفوضية اللاجئين تنفض يدها من السوريين فى مصر.. ترفض علاج الأمراض المزمنة وتكتفى بـ85 جنيهاً نفقة علاجية.. ومستشفى واحد يستقبل جميع المرضى.. وشباب سوريين ومصريين ينظمون قوافل طبية والمشكلة فى الأدوية

الجمعة، 10 يوليو 2015 10:32 ص
مفوضية اللاجئين تنفض يدها من السوريين فى مصر.. ترفض علاج الأمراض المزمنة وتكتفى بـ85 جنيهاً نفقة علاجية.. ومستشفى واحد يستقبل جميع المرضى.. وشباب سوريين ومصريين ينظمون قوافل طبية والمشكلة فى الأدوية المصاب السورى ساهر
تحقيق سماح عبدالحميد- أحمد أبوحجر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...


تخنقه حرارة الغرفة المرتفعة فيستيقظ من نومه تتصبب قطرات العرق على جبينه، يصيح على عمته لتفتح له نوافذ غرفته لاستنشاق بعض الهواء، لكنها لا تجيب بسبب خروجها من المنزل فلا يجد حلا أمامه سوى انتظار عودتها بسبب عجزه عن الحركة.

ساهر شاب سورى لم يتجاوز عمره ستة عشر عاما، أصيب أثناء تفريق قوات الأمن لإحدى التظاهرات بجوار منزله بمنطقة ريف حمص بطلقات نارية فى ظهره وقدمه، ليبدأ رحلة معاناة استمرت منذ أربع سنوات وحتى الآن، وانتهت بكونه قعيدًا لا يقوى على الحركة.

اليوم السابع -7 -2015

اضطر للخروج من سوريا هربًا من الحرب إلى لبنان، ومنها إلى مصر، حيث وصل كلاجئ منذ عامين مع عمته الوحيدة التى بقيت معه من عائلته لتتولى رعايته، ومنذ ذلك الوقت تدهورت حالته الصحية بشكل كبير.

ساهر يعد حالة من مئات اللاجئين السوريين الذين يواجهون مشاكل فى العلاج خاصة بعد تخفيض المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالقاهرة من استحقاقاتهم فى العلاج، فضلا عن رفضها التدخل فى علاج اللاجئين المصابين بأمراض مزمنة.

يقول ساهر: «بعد ما جيت مصر حالتى تدهورت كتير كنت محتاج لعلاج طبيعى على الأقل ثلاث مرات فى الشهر ورعاية طبية ولكن لم يحدث هذا، وحصل لى مضاعفات كتير وتقرحات فراش واحتباس بولى»، ويكمل خلال العامين الماضيين لم تساعدنا المفوضية فى العلاج سوى أنها ساعدت فى إجراء عملية واحدة لإزالة تقرحات الفراش التى أصابت جسدى، لكنها تجددت مرة أخرى وتزايدت بشكل كبير».

ويضيف ساهر: «ناقشنا المفوضية أكثر من مرة حول مساعدتنا فى العلاج أو حتى المساعدة فى سفرى لإحدى دول إعادة التوطين بسبب تدهور حالتى بشكل كبير»، معلقا: «فى سوريين كتير حالتهم أفضل من حالتى، ومع ذلك تم تسفيرهم إلى دول إعادة التوطين، أما أنا فرغم أن وضعى أصعب لا يوجد أى رد فعل».

معاناة ساهر لا تتوقف عند عدم قدرته على المشى فقط، ولكنها تمتد إلى عدم قدرته حتى على استخدام كرسى متحرك، لأن التقرحات التى أصابت جسده لا تمكنه من الجلوس، وعن ذلك يقول: «الدكتور فى مستشفى مصطفى محمود التى ترسلنا إليها المفوضية قال لى منذ شهر إنى أحتاج إلى عملية ضرورية لعلاج هذه التقرحات ولم يتم إجراؤها حتى الآن».

ينتهى الحديث لكن لا تنتهى المعاناة، لكنه يقول: «آمل فى الوقوف على قدمى والعودة إلى طبيعتى الأولى، فأنا ضعيف وأحتاج إلى إجراء عملية زرع خلايا جزاعية ولكن الأهم بالنسبة لى الآن هى التقرحات التى ملأت جسدى».

المفوضية تخفض قيمة العلاج


نذير القاق، منسق منظمة الصحة العالمية للسوريين بمصر ومسؤول الملف الطبى قال إن عدد السوريين فى مصر يتراوح بين 250 إلى 300 ألف لاجئ، منهم 131 ألفا فقط مسجلون بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

وأكد القاق أن كل الأسر لديها أزمة فى نقص التمويل الخاص بالأدوية، وهو ما استغربه بالرغم من أن مؤتمر المانحين الأخير أعطى للمفوضية خمسة مليارات، والمفوضية حجتها الدائمة عدم وجود تمويل.
وأشار إلى أن المبلغ الذى تمنحه المفوضية للاجئين فيما يخص العلاج كان فى البداية يصل إلى 800 جنيه وتم تقليصه إلى 400 ثم إلى 200 حتى وصل إلى 85 جنيهًا فقط.

المعاناة التى يعيشها اللاجئون هنا لا تقتصر فقط على نقص التمويل، ولكن حتى المستشفى الذى يتعاملون معه تابع للمفوضية، مستشفى واحد فقط يضطرون للذهاب إليه، بالإضافة إلى أنهم فى كثير من الأحيان يضطرون إلى الذهاب أكثر من مرة للحصول على أدويتهم وفقا لما ذكره القاق.

وتابع: «هناك سوء معاملة للسوريين من قبل المفوضية بمصر»، لافتا إلى أن المفوضية ترى أن عندهم عجزا فى الأموال، بينما الحقيقة أن هناك سوءًا فى إدارة الأموال التى يحصلون عليها.

اليوم السابع -7 -2015

وتساءل: «كيف تخفض المفوضية مساعداتها للاجئين على الرغم من ثبات الأموال وتقلص أعداد اللاجئين؟ »كاشفًا عن انخفاض أعداد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية بنحو 30 ألف فرد خلال العامين الأخيرين، فبعد أن كانوا 160 ألفا أصبحوا 131 ألفا فقط.

وأشار منسق منظمة الصحة العالمية للسوريين بمصر إلى وفاة عدد كبير من اللاجئين المصابين بأمراض مزمنة، كاشفًا عن أن البعض الآخر منهم يحتاج إلى إجراء عمليات عاجلة، بسبب وجودهم على قوائم الانتظار لفترات طويلة، لافتا إلى أن الظروف التى يواجهها السوريون من صعوبة فى المعيشة تدفعهم جميعا إلى التفكير فى الهجرة غير الشرعية حتى وإن كانت خطرًا على حياتهم، إلا أنهم يرون أنه حل للتخلص من أوضاعهم السيئة هنا حتى لو انتهى الأمر بموتهم فى عرض البحر.

أبوبسام فى انتظار فقدان البصر


أمام منزل بأحد أحياء مدينة 6 أكتوبر الذى امتلأ بأعداد كبيرة من الأسر السورية لدرجة تجعلك تشعر بأنك فى حى سورى، جلسنا فى انتظار الحاج أبوبسام، الذى وصل إلينا متكئًا على عكازه مرتديا نظارة سوداء ومعه صديق يساعده فى المشى وعبور الشوارع.

يبدأ أبوبسام فى سرد تفاصيل معاناته مع المرض، قائلاً: «أزمتى أنى مصاب بعدة أمراض البداية، كانت بإصابته بمرض خبيث فى الأمعاء فى سوريا، وقمت بإجراء عملية لاستئصال جزء من الأمعاء وبسبب ظروف الحرب جئت إلى مصر فى فبراير عام 2012».

رحلة معاناة أبوبسام طويلة، فبمجرد وصوله إلى مصر اكتشف أنه أصيب بمرض خبيث فى كليته، وقد ساعدته المفوضية فى إجراء عملية لإزالة الكلى حتى لا ينتشر المرض، إلا أن صحته تدهورت وأصيب بانحسار شديد فى البصر، وعن ذلك يقول: «أنا حاليا مش بقدر أعدى شارع لوحدى ولا بقدر أشوف ملامح الناس بشكل واضح، أنا نظرى عندى أهم حاجة حاليا.. المفوضية خفضت قيمة العلاج ليصل إلى 85 جنيهًا فقط فى حين أننى أحتاج إلى قطرات عين للحفاظ على مستوى البصر الذى وصلت له، سعرها يصل إلى 300 جنيه فى الشهر».

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فزوجته أيضًا مصابة بأمراض مزمنة، فهى مريضة بارتفاع فى ضغط الدم وروماتيزم فى مرحلة متقدمة جدا بما يعرف بمرض تصلب الجلد، وتحتاج إلى إجراء أشعات بنحو 1200 جنيه، «ونحن لا نملك هذا المبلغ والمفوضية دائما ما تؤكد أنه ليس لديها أموال لتغطية هذه الأمراض».

مؤتمر المانحين وفر أربعة مليارات لدعم اللاجئين


المؤتمر الدولى الثالث للمانحين لتخفيف الأزمة الإنسانية، الذى عقد فى شهر مارس الماضى تعهدت فيه الدول المانحة بتوفير ما يقرب من أربعة مليارات دولار، وهو ما دفع اللاجئين السوريين فى بعض الدول إلى انتظار تحسن فى حالتهم.

اليوم السابع -7 -2015

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون أن مجموع التعهدات المقدمة من الدول المانحة خلال المؤتمر الدولى الثالث للمانحين فى سوريا بلغ 3.8 مليارات دولار، وقال «مون» فى كلمته الختامية للمؤتمر الذى استضافته الكويت شهر مارس الماضى، إن هذه القيمة تفوق ما سجله المؤتمر الأول للمانحين، حيث بلغ وقتها مجموع التعهدات نحو 1.5 مليار دولار، وتخطى كذلك مجموع التعهدات فى المؤتمر الثانى عندما بلغ 4.2 مليارات دولار.

أم محمد تحتاج لعلاج شهرى 380 جنيهًا


لم يكن محمد الشواء أحسن حالا من سابقيه، فالشاب الذى لم يكمل عقده الرابع بعد أجبرته الظروف على ترك عمله والاعتناء بوالدته التى لا تقوى على مجابهة مرضها بمفردها، حيث تبلغ من العمر نحو 77 عاما وتعانى العديد من الأمراض منها الالتهاب الرئوى ومياه على الكلية، بالإضافة إلى إصابتها بمرضى السكرى وضغط الدم العالى.

يضطر محمد بين الحين والآخر إلى الخروج للبحث عن عمل يكفى احتياجات والدته المسنة من الدواء التى تقدر روشتة العلاج الخاص بها بنحو 380 جنيه شهريا.

يجد الشاب بارقة أمل تعينه على توفير احتياجات والدته الشهرية من الدواء والعرض على الأطباء فى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التى تقوم بتقديم خدماتها العلاجية للاجئين السوريين المقيمين فى مصر والمسجلين لدى المفوضية والتى تقدر بنحو 400 جنيه شهريا، بالإضافة إلى صرف سلة غذائية للفرد تقدر بنحو 200 جنيه.

باب الأمل الذى فتحته المفوضية أمام محمد الشواء بدأ تدريجيا فى الانغلاق شهرا تلو الآخر بعد قرار المفوضية تخفيض نفقات العلاج التى تقدمها للسوريين إلى 300 جنيه ثم تخفيضها مرة أخرى إلى 200 جنيه ثم لتستقر أخيرا عند الرقم 100 يتحمل منها المريض 15 جنيها، ما يعنى أن المفوضية تدعم المرضى ب85 جنيها علاجا وأدوية شهريا.

وبعد أن كان محمد الشواء يصرف العلاج من المفوضية لوالدته أصبح لا يستطيع الحصول إلا على ثلاثة أدوية مختلفة أو دواء لا تتجاوز قيمته 85 جنيها.

ضاق الحال بالشاب ووالدته فقرر النزول بحثا عن عمل يكفيه ويستطيع توفير الدواء لوالدته ففؤجئ بقرار آخر من المفوضية بتخفيض قيمة السلة الغذائية المقررة له لتصل إلى نحو 120 جنيها بعد أن كانت فى السابق 200 جنيه.

اليوم السابع -7 -2015

يستفسر محمد عن سبب ذلك فلا يجد ردا شافيا من مسؤولى المفوضية إلا «هو دا العلاج الموجود لدينا».

ولمحمود رفعت قصة أخرى، فالرجل البالغ من العمر نحو 60 عاما ويتواجد فى مصر منذ نحو ثلاث سنوات أجبرته ظروف الحرب على مغادرة مدينته حمص والاستقرر بمدينة 6 أكتوبر بمصر، وهو يعانى أيضا العديد من الأمراض، حيث أجرى عملية قلب مفتوح بسوريا قبل مغادرته، وأجرى ثلاث عمليات بالقاهرة زرع قرنية للعين اليسرى ومياه بيضا وليزك بالعين اليمنى.

وأجرى محمود عملياته الثلاث بعيدا عن متابعة مفوضية اللاجئين فأجراها ضمن إحدى الجمعيات الأهلية التى تقدم دعما للسوريين بالقاهرة، كما يحتاج إلى نحو 220 جنيها كعلاج شهرى خاص بعمليته الأولى القلب المفتوح، بالإضافة إلى علاج لعينيه التى اجرى فيها ثلاث عمليات.

كغيره من السوريين المسجلين فى قوائم مفوضية اللاجئين إلا أنه يجد صعوبة فى الحصول على علاجه كاملا منها بدعوى «الإمكانيات المتاحة لدينا لا تسمح بأكثر من ذلك.. رصيدنا أوشك على النفاد، نحتاج لدعم نقدى ولا نستطيع تلبية أكثر من ذلك للاجئين» هكذا تأتى الردود من مسؤولى المفوضية.

راكان البالغ من العمر نحو 55 عاما يعانى من الإصابة بضغط الدم ومرض السكرى يعانى هو الآخر من قرارات المفوضية، فالرجل الذى يعول أسرة مكونة من ستة أفراد انقطع عنه الراتب الشهرى الذى لا تتجاوز قيمته 650 جنيها منذ أربعة أشهر تقريبا. ما يعانيه راكان مع المفوضية لم يتوقف فقط عند انقطاع الراتب ولكنه فوجئ برسالة على هاتفه المحمول: «نأسف أن نعلمك باستبعاد ملفكم من قوائم المساعدات بناء على نتيجة مقابلة إعادة التقييم للطعن فى الاستبعاد من المساعدات الغذائية»

وبحسب راكان فإن القسيمة الغذائية أو الكوبون انخفض سعره إلى 120 جنيها قبل أن يتم قطعها عنه تماما هو وفرد آخر من أفراد أسرته، بالإضافة إلى تخفيض نفقات علاجه الشهرى التى تتجاوز 200 جنيه، ويكمل راكان: «تم إيقاف ملفى على الرغم من كونى مسجلا بالمفوضية، فتقدمت بتظلم لكن دون جدوى».

وتساءل عن أسباب إيقاف راتبه والكوبون الغذائى، فجاءه الرد بأن المفوضية تجرى إعادة تقييم لأوضاع السوريين بالقاهرة من أجل معرفة من يستحق الراتب والكوبون من عدمه، وعلى هذا الأساس يتم المنح أو المنع.

اليوم السابع -7 -2015

ويكمل: على الرغم من وجود التقييم فإنه تم استبعادى من الحصول على الراتب فى حين أن لى جيرانا يعملون موظفين بشركات وآخرين قاموا بفتح مشروعات صغيرة فى مصر وعلى الرغم من ذلك لم يشملهم قرار الاستبعاد، وهو ما يعنى أن هناك أخطاء بالتقييم الدورى الذى تجريه المفوضية، ثم يأتيه الرد من مسؤولى المفوضية «دا القانون بتاعنا ودا اللى بين إيدينا ودا اللى متوفر».

الفرق التطوعية لا يمكنها تحمل العبء


اللجوء إلى الفرق التطوعية لتحسين حال اللاجئين السوريين فى مصر كان أحد الحلول التى لجأوا إليها إلا أن هذه الفرق تواجه أيضا ضغطًا كبيرا بسبب زيادة أعداد المعتمدين عليها وقلة التبرعات أحيانا.

شاهر رجوب، أحد مؤسسى فريق الطوارئ السورية التطوعى، قال إن وضع اللاجئين السوريين يزداد سوءا يوما تلو الآخر، والكثير من الفرق التطوعية يحاول مساعدتهم فى تغطية نفقات العلاج خاصة بعد تخفيض المفوضية العليا للاجئين قيمة الدعم الصحى إلى 85 جنيهًا فقط، ولكن العبء كبير جدا على الفرق التطوعية.

وأوضح الرجوب أن فريق الطوارئ السورية مكون من شباب سوريين ومصريين قرروا المشاركة فى الأعمال التطوعية لمساعدة اللاجئين وبدأوا بتنظيم قوافل طبية وبدأوا بعلاج بعض الحالات التى تزايدت أعداها يومًا تلو الآخر.

وأضاف شاهر، أن عدد الحالات التى يتولى الفريق رعايتها طبيا حاليا وصل إلى 200 حالة، لافتا إلى أنهم يقومون بعمل بحث على الأسر المتقدمة للتأكد من حاجتها للعلاج.

وأشار إلى أن بعض الأسر لا يكفيها نهائيا مبلغ الـ85 جنيهًا الذى حددته المفوضية، لافتا إلى أن بعض الأسر تكون قيمة علاجها الشهرية 400 جنيه أو ما يفوق ذلك، فكيف لهم أن يكفيهم هذا المبلغ الضئيل؟
وأوضح أنه أحيانا ما يحدث تعثر لفرق الإغاثة التطوعية، لافتا إلى أنه بالنسبة لفريقهم لديهم 55 حالة فى الملف الطبى، ومنذ شهرين لم يتمكنوا من توفير العلاج لهم لأن الأدوية التى يحصلون عليها من خلال التبرعات توقفت بسبب العبء الكبير.

اليوم السابع -7 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة