علا الشافعى تكتب: مأزق صناع «حارة اليهود» فى مواجهة الدعاية الإسرائيلية

الجمعة، 19 يونيو 2015 10:14 ص
علا الشافعى تكتب: مأزق صناع «حارة اليهود» فى مواجهة الدعاية الإسرائيلية علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إسرائيل تستغل المسلسل فى الترويج لـ«الصهيونية».. والعمل يتحدث عن مواطنين مصريين عاشوا فى القاهرة وانتموا إلى هذا الوطن



يهود مصر كانوا جزءًا من نسيج المجتمع.. بعضهم تمسك بمصريته ومعظمهم ترك مصر فى عصر عبد الناصر



اليهود تمتعوا بتسامح مطلق عندما عاشوا فى مصر.. وخرجوا منها لأسباب متعددة منها الصراع من «إسرائيل»



لا يمكن لأحد أن يزايد على «قومية وعروبية» العدل.. والمسلسل يدافع عن قيم التسامح والتعايش المصرية



ثأر العرب ليس مع اليهودية كديانة.. لكنه موجه ضد «إسرائيل» و«الصهيونية»



هناك وبجوار شارع الموسكى تقع «حارة اليهود».. تتبع الحارة حاليا حى الجمالية القديم.. هى ليست مجرد حارة صغيرة، بل إن مساحتها وامتدادها يعادل حيًا كاملا يضم حوالى 360 زقاقاً وحارة.. الحى كان منقسما بطريقة «طائفية» على شياختين، واحدة لليهود «الربانيين»، وواحدة لليهود «القرائيين». وكان اليهود يعيشون فيه فى القرن الماضى، حيث تناقصت أعدادهم تدريجياً لأسباب مختلفة من حوالى 360 ألفا حتى تقلص الآن إلى أقل من 20 يهوديا.

كانت الحارة تضم 13 معبدًا يهوديًا لم يتبق منها غير 3 فقط، وهى «معبد موسى بن ميمون»، و«معبد أبو حاييم كابوسى» فى درب نصير، و«معبد بار يوحاى» فى شارع الصقالبه، كانت المنازل تتجاور مسلمين ومسيحيين ويهودا، وحتى الآن لا تزال بعض المنازل فى تلك الحارة تحمل نجمة «داود السداسية».. تلك الحارة التى كانت مثالا على التعايش بين جميع الأديان.

يقول د. محمد أبو الغار مؤلف كتاب: «يهود مصر من الازدهار إلى الشتات»، إن حارة اليهود لم تكن مقصورة على اليهود فقط لكن سكنها أيضا كانوا أعدادًا كبيرة من المسلمين والمسيحيين، وأن سكان الحارة كانوا مرتبطين بالحارة لسببين، هما الدخل المحدود، والقرب من مصادر أكل العيش بالنسبة للحرفيين الذين كانوا يعملون فى الصاغة، وكان اليهودى الذى تتحسن حالته المادية، يترك الحارة وينتقل إلى عابدين، أو باب اللوق، أو باب الشعرية أو العباسية أو مصر الجديدة.

تلك الحارة التى كانت جزءًا أصيلًا من تاريخ مصر، أوحت إلى المؤلف مدحت العدل بصياغة عمله الدرامى بعنوان «حارة اليهود» وهو العمل الذى أثار جدلا كبيرا قبل عرض الحلقات الأولى منه، حيث اهتمت به الصحافة الإسرائيلية وأفردت له عددا كبيرا من الصفحات والتعليقات والتوقعات وكان جزء كبير من تلك المتابعات يؤكد على انتظارهم بشغف لذلك العمل والذى يرصد حالة التعايش والتسامح التى كان يعيش فيها اليهود بمصر فى تلك الفترة، حيث أكد بعض الباحثين فى إسرائيل أن «المسلسلات المصرية، التى تُنتَج سنويًا للترفيه عن ملايين المسلمين فى شهر رمضان، كانت فى كثيرٍ من الأحيان منصة لتوجيه النقد اللاذع إلى إسرائيل ومعاداة السامية، ورغم أن الدراما السورية سبق وقدمت الكثير من الأعمال التى تقدم الشخصية اليهودية والتى كانت تعيش فى دمشق القديمة وتعد جزءا من المجتمع السورى مثل «طالع الفضة» (2011)، «حدث فى دمشق» (2013)، «بواب الريح» (2014)، إلا أن عادة ما تنتظر الصحافة الإسرائيلية للأعمال المصرية بشغف أكبر، خصوصا وأن أغلب الأعمال الدرامية المصرية كان يقتصر ظهور اليهود فيها على الأعمال التى تتناول التجسس، أو الأعمال التى تتناولهم من ناحية ارتباطهم بالصراع مع (إسرائيل).

ومنها أعمال أثارت جدلًا كبيرًا ووصل الأمر إلى احتجاجات إسرائيلية ضدها ومنها مسلسل «فارس بلا جواد» للفنان محمد صبحى، وهو العمل الذى أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين، وسحب إسرائيل لسفيرها آنذاك، خصوصا أن العمل وجه انتقادات لاذعة للسياسة الصهيونية وناقش ما يعرف ببرتوكلات صهيون، وأيضا العمل الدرامى الذى قدمه النجم عادل إمام «فرقة ناجى عطا الله»، والذى يدور حول مجموعة من الأشخاص يخططون لسرقة بنك داخل إسرائيل.. ولم يخرج العمل عن «الستريو تايب» المعروف عن الشخصية اليهودية.. والسخرية منها على طريقة الزعيم.
وبكل المقاييس يعتبر «حارة اليهود» نقلة نوعية فى تاريخ الدراما المصرية، خاصة فيما يتعلق بفكرة تناول تواجد اليهود فى البلاد، وما دار بعد تلك الحقبة من توترات عميقة، فى أعقاب قيام ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر وتأميم قناة السويس.

وتراهن بعض الصحف الإسرائيلية على أن مسلسل حارة اليهود ينصف الشخصية اليهودية فى الدراما المصرية وللمرة الأولى وهو ما يفسر ذلك الاهتمام من الصحف الإسرائيلية، وهو الاهتمام الذى وضع صناع العمل فى مأزق درامى حقيقى.. فالدراما التليفزيونية المصرية طوال تاريخها تعمل على تنميط الشخصية اليهود، فهو دائما ذلك الشخص الماكر الخبيث والذى يجب أن يتحدث «بخنفان» فى معظم الوقت ونتيجة لذلك وللحس الوطنى المقاوم للتطبيع أصبح الجمهور يتعاطى مع تلك الشخصية بكل أريحية.. وهذا هو المأزق الأول الذى يواجه صناع العمل.. والذين سيقدمون بالتأكيد شخصيات حية من لحم ودم يهودية، البعض منهم كان يعشق تراب مصر، وأصر على ألا يغادرها والمأزق الثانى هو الكيفية التى تتعاطى بها الصحافة الإسرائيلية مع العمل.. وهو ما لا يجب أن يلتفت إليه صناع العمل والذى لا يستطيع أحد التشكيك فى انتمائهم أو توجهاتهم السياسية.. العمل يحمل تحديا كبيرا لكل العاملين فيه بدءا من الصياغة الدرامية بما لها وما عليها للدكتور مدحت العدل وأيضا الرؤية الإخراجية وإدارة الممثلين والأزياء والديكور.. وكل ما أتمناه وأنتظره أن تكشف مزيدا من الحلقات الدرامية عن سماحة حقيقية وقيم أصبحت غائبة عن مجتمعنا وأهمها قبول الآخر، وكيف كانت مصر فى سابق تاريخها تشهد تعايشا مثاليا بين جميع الديانات والجنسيات، وبالتأكيد يملك الدكتور مدحت القدرة على فرز الشخصيات اليهودية المصرية المخلصة وأولئك من تحولوا إلى مناصرة الصهيونية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الاء

اليهود

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة