رمضان العباسى

حكومة بذاكرة السمكة

الثلاثاء، 05 مايو 2015 11:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أكثر من عام تعهدت الحكومة وأقسمت بأغلظ الأيمان أن قانونى الانتخابات وتقسيم الدوائر سيلبيان طموحات وتطلعات المصريين ويحققان أحلام الشباب فى الوصول إلى البرلمان من خلال تصَغير الدوائر، حتى يتمكنوا من تجاوز نظام العصبية ومواجهة لعبة توزيع الزيت والسكر والمال، وبعد شد وجذب وصراخ واتهامات بين لجنة إعداد القانون والأحزاب خرج المولود للنور، ولكنه كان مشوها ومبتورا، فسرعان ما سقط فى بئر الطعن وتكالب عليه الجميع حتى انكشفت عوراته وعادت العملية الانتخابية إلى نقطة الصفر.

وبدلًا من تجاوز الأخطاء والقفز فوق العقبات واختيار النبلاء فى وضع التشريعات والاستعانة بأصحاب الرأى السديد، والفعل الرشيد والقول الحكيم، اخترعت الحكومة الحوار الوطنى وعقدت عدة اجتماعات حضرها عدد من الشخصيات الكرتونية والمناضلين التليفزيونيين الذين لاعلاقة لهم بالشارع من قريب أو بعيد، وانتهت -المكلمة– كما تنتهى الكثير من اجتماعات الحكومة بكلام معسول ومسكنات للمواطنين.

وبعد أن تأخر القانون عن الميعاد، الذى حدده رئيس الجمهورية وإخلال اللجنة بالوعد، الذى قطعته على نفسها فى إنجازه خلال شهر ولد قانون جديد يحمل العديد من علامات التعجب والاستفهام وغاب عنه كل الوعود، التى تحدثت عنها الحكومة وكأنها لاتملك سوى ذاكرة السمكة ولا تتذكر ما قالته بالأمس وما وعدت به المواطنين، فقد عاد القانون إلى العهد البائد فى تشكيل الدوائر الانتخابية وتجاهل كل ما طلب به الشعب من تضيق الدوائر الانتخابية لتمكين الشباب فى الوصول إلى البرلمان، ولكن يبدو أنه كان مجرد أوهام مثلما كانت جلسات الحوار الوطنى مجرد استعراض تليفزيونى لبعض الشخصيات، التى تجاوزها الزمن وعصفت بها الأحداث.

قانون تقسيم الدوائر الانتخابية جاء محملًا بعلامات التعجب والاستفهام التى تفتح الباب للطعن عليه من جديد، حيث نجد محافظة مثل القليوبية زاد عدد المقاعد بها بواقع خمسة مقاعد لتصبح 25 مقعدًا بدلًا من 20 وزاد عدد المقاعد بمحافظتى المنيا والجيزة أربعة مقاعد لكل منهما، بالإضافة إلى زيادة عدد المقاعد بسيناء بالرغم من عدم اعتراض المحكمة الدستورية على المحافظات الحدودية، مما يثير الشكوك والتساؤلات حول تصميم بعض الدوائر لصالح شخصيات بعينها، كما كان يفعل الحزب الوطنى، كما عادت اللجنة تتوسع فى مساحات الدوائر حتى جعلت محافظة مثل السويس دائرة واحدة، وكأنها كانت بيع الأحلام للمواطنين، لم تكتف اللجنة بذلك، بل تم زيادة عدد المقاعد إلى 600 نائب فى ظاهرة لامثيل لها فى العالم ليصبح المجلس الأكبر عددًا متخطيًا مجلسى الشيوخ والنواب الأمريكيين معا، ومتفوقا على مجلس النواب الهندى، الغريب أن الدولة العاجزة عن إصدار قانون انتخابات يتوافق مع الدستور تواصل سن القوانين الأخرى وكأنها تريد أن تجعل المجلس مجرد استاد للمتفرجين، وليس مجلسا للرقابة والتشريع، ولكن يجب أن تدرك الحكومة أنها إذا كانت تملك ذاكرة السمكة فالشعب يملك ذاكرة الفيل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو رامي

ذاكرة الفيل والسمكة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة