حزب النور فى طريقه لحكم مصر عبر البرلمان.. الحزب السلفى الأكثر تماسكا فى هيئاته الداخلية.. نظم 10 قوافل لعلاج فيروس سى وحملات دروس خصوصية مخفضة.. والأحزاب المدنية توقف حملاتها الدعائية

نقلا عن العدد اليومى

تعطى المادة 146 من الدستور للحزب الفائز بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية حق تشكيل الحكومة، وهو نص يعنى أن أيا من الأحزاب القائمة على الساحة السياسية حاليا يمكن أن يكون هو من يشكل الحكومة القادمة بعد إجراء الانتخابات النيابية، وبالنظر إلى تحركات وأنشطة الأحزاب فى المشهد السياسى، يأتى حزب النور «السلفى» فى صدارة الأحزاب التى تتحرك بقوة نحو حصد أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان القادم، مما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان رئيس الحكومة القادمة من الحزب السلفى ووزراؤها من أعضائه؟ كما يثير التساؤل عما إذا كان «النور» سيكرر تجربة حزب الإخوان التى انتهت إلى فشل ذريع بعد فوزه بالأغلبية فى أول انتخابات نيابية بعد ثورة 25 يناير 2011؟!

علاقة متذبذبة

يمكن وصف علاقة حزب النور بالمحيط السياسى من حوله بأنها غير ثابتة، فوقت تولى جماعة الإخوان الحكم، تقرب الحزب السلفى لجموع الأحزاب المعارضة للجماعة والتى كانت تحت مظلة جبهة الإنقاذ الوطنى، أما بعد سقوط حكم الإخوان، فقد اختلفت علاقة النور بالأحزاب وخاصة بعدما اقترب الموعد المحدد لإجراء الانتخابات البرلمانية فى المرة الأولى قبل أن يصدر حكم قضائى ببطلان إجراءاتها، حيث أعلنت أحزاب كبرى مثل الوفد بأنها تقدر حزب النور لمشاركته فى 30 يونيو ولكنها لا يمكن لها التحالف معه.

وعلى الرغم من إعلان الأحزاب السياسية فى أكثر من مرة تشكيل قائمة انتخابية موحدة لجموع القوى المدنية، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، ولم تتفق سوى على رفض دعوة «النور» للمشاركة فى مشاورات تشكيل تحالفاتها، فيما كشف رئيس الحزب السلفى الدكتور يونس مخيون، فى تصريحات له عن أن لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بالأحزاب، والذى دعاها فيه لتوحيد جهودها الانتخابية لم يشهد أى اعتراض من تلك الأحزاب على وجود حزب النور ضمن التحالف.

حزب النور أعلن أكثر من مرة على لسان قياداته أنه لا يرفض الدخول فى تحالفات انتخابية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما أعلن أيضا أن خوضه الانتخابات فى تحالف هو القاعدة الأولى، بينما خوضه فى الانتخابات منفردا يمثل القاعدة أو الأولوية الثانية، ورغم ذلك لم يدخل خلال الفترة الماضية فى أى تحالف انتخابى، فلم يدع لقائمة الجنزورى أو قائمة فى حب مصر أو قائمة تحالف الوفد المصرى، وفشلت جموع هذه التحالفات وربح حزب النور من عدم مشاركته فى اجتماعات صباحية ومسائية لتحالفات لم تبق منها إلا الأسماء.

خلاف الحزب السلفى لم يكن مع الأحزاب المدنية فقط، فعلى الرغم من المرجعية الإسلامية لـ «النور» إلا أن علاقته بالأحزاب التى تنطلق من نفس المرجعية «الإسلامية» مقطوعة بشكل تام، ودخل الحزب السلفى فى خصومة مع جموع الأحزاب الإسلامية التى كان متحالفا معها فى 2012 بعد عزل الدكتور محمد مرسى من الحكم، حيث أيد ودعم خارطة الطريق بينما دخلوا هم فى التحالف الداعم للإخوان.

نادر بكار مساعد رئيس حزب النور عبر عن استيائه من مطالبة البعض بعدم دعوة النور للقاءات والاجتماعات المهمة قائلا: بعض الأحزاب تسعى لإقصاء حزب النور من الحياة السياسية بأى شكل من الأشكال، ويهاجم الحزب بصفة مستمرة، ويطالب بإقصائه فى كل ندوة سياسية أو مؤتمر أو مناسبة، مشيرا إلى أن أحزابا أخرى لا تجد حرجا فى التعامل والجلوس والتنسيق مع حزب النور، وحين تُسأل عن علاقتها بالحزب، تُنكر جلوسها مع النور، وتدّعى أن هناك خلافا.

الواضح من رصد الفترة الماضية وبحسب الخبراء أن حزب النور السلفى يضع الانتخابات البرلمانية نصب عينيه كهدف أول، ويتحرك نحو القبة على كل الأصعدة، ويعلن بشكل مستمر أنه مستعد لخوض الانتخابات البرلمانية بغض النظر عن الشكل النهائى لقانون الانتخابات، وظهر استعداد حزب النور لخوض انتخابات البرلمان، بعدما فتحت اللجنة العليا للانتخابات أبوابها أمام الأحزاب والأفراد الذين سيخوضون الانتخابات، ولكنها تأجلت نتيجة الأحكام القضائية، حيث تقدم النور بأول قائمة انتخابية، كما كان أول حزب يتقدم بقوائمه الأربعة على مستوى الجمهورية وأسماء جميع مرشحين على المقاعد الفردية، كما قام «النور» بتشكيل مجمعات انتخابية على مستوى الجمهورية فى جميع المحافظات، كما شكل مجمعا مركزيا لفرز الأسماء بينما انشغلت الأحزاب المدنية بقوانين الانتخابات وتوقفت حملاتها الدعائية وهدد بعضها بعدم المشاركة فى انتخابات مجلس النواب .

كعب داير

حزب النور أيضا من أكثر الأحزاب التى تعتمد على الحملات الانتخابية القائمة على الانتشار فى الشارع المصرى، وبعد سقوط الإخوان، أصبح «النور» يوصف بأنه الحزب الأقوى فى التواصل مع الشارع عبر حملات جماهيرية تستهدف المساعدة فى حل أزمات المواطنين وتوصيل أصواتهم للأجهزة المختلفة.

وتبنى حزب النور القيام بـ 6 حملات خلال الأسابيع الماضية، وبينها حملة الدروس الخصوصية المخفضة، عبر مراكز يقوم الحزب بإنشائها والاستعانة ببعض المعلمين الذين ينتمون له لإعطاء دروس خصوصية للتلاميذ فى الشهادات التعليمية المختلفة، وتركزت أنشطة الحزب فى هذا الشأن تحديدا فى محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة والقليوبية وبنى سويف والفيوم.

كما دشن حزب النور حملة علاج فيروس سى، من خلال الاستعانة باللجنة الصحية للحزب، ونظمت الحملة التى نظمها النور خلال الأسبوعين الماضيين ما يزيد على 10 قوافل تحاليل طبية لمكافحة فيروسىّ «سى وبى» تركزت فى محافظات الصعيد وخاصة قنا والفيوم، كما أعلن الحزب أيضا عن تدشين حملة التبرع بالدم، وتركزت فى محافظات غرب الدلتا، والإسكندرية، وأقام حزب النور حملة لتنظيم الأسواق الخيرية، تجوب جميع محافظات الجمهورية ويقوم على الإشراف عليها لجنة التخطيط والمتابعة، فيما يتولى تنفيذها أمناء الحزب فى المحافظات، كما نظم الحزب حملة ضد الإدمان، شملت توزيع بوسترات تتضمن كيفية مواجهة الإدمان، وتركزت هذه الحملات أيضا فى محافظات الصعيد، كما دشن الحزب خلال شهر مارس الماضى أيضا حملة لمساعدة وزارة الصحة فى حملات التطعيم ضد مرض شلل الأطفال.

السلفيون والإخوان.. الإخوة الأعداء

العلاقة بين حزب النور الذى يضم أكبر تجمع منظم للسلفية وجماعة الإخوان المسلمين متوترة على طول الخط، فقبل 30 يونيو كان حزب النور هو الأقوى فى معارضة الإخوان، حتى إنه تبنى ملفا أطلق عليه «أخونة مصر» وكشف فيه للرأى العام خطة الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية، فيما تصاعدت حالة العداء بعدما أعلن حزب النور دعمه لخارطة الطريق والتى بموجبها سقط حكم الإخوان.

واتخذ العداء بين الجانبين أشكالا مختلفة بعد ذلك، وصلت إلى حد التهديدات وتوجيه رسائل إلى قيادات النور والدعوة السلفية بقتلهم وكانت الرسالة الموجهة إلى نائب رئيس الدعوة السلفية الشيخ ياسر برهامى هى الأشهر فى هذا الشأن، إلى جانب محاصرة منزل نادر بكار مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، ومحاصرة المسجد الذى كان يلقى فيه برهامى درسا فى العمرانية.



واستعان النور بوزارة الداخلية لمواجهة شغب واعتداد عناصر جماعة الإخوان على القيادات السلفية، وبدأ فى تقديم بلاغات ضد أعضاء الإخوان المعتدين على قيادات الحزب فى عدد من المحافظات، والتى وصلت لما يقرب من 50 بلاغا بأقسام شرطة مختلفة، وتركزت اعتداءات الإخوان على حزب النور فى محافظة الجيزة وبالتحديد فى قرية كرداسة حيث التواجد الإخوانى الكثيف، بجانب الهرم والعمرانية، إلى جانب بعض الاعتداءات على قيادات الحزب ببنى سويف، وتنوعت الاعتداءات من تكسير للسيارات والاعتداء على المحلات التى يمتلكها بعض أعضاء النور، إلى زرع القنابل أمام منازلهم وكانت آخر واقعة بالتحديد نهاية شهر إبريل الماضى فى قرية بنى مجدول بكرداسة حيث زرع بعض الأعضاء قنابل أمام منزل أحد أعضاء الحزب وانفجرت قبل خروجه من المنزل.

النور والخارج.. علاقات خاصة

النور من أكثر الأحزاب ذات التواصل مع الخارج، عبر لجنة العلاقات الخارجية التى يتولى رئاستها عمرو مكى، مساعد رئيس حزب النور، كما يعد حزب النور من أكثر الأحزاب التى ترسل وفودا شعبية للتواصل مع الخارج سواء مع الجاليات المصرية أو مسؤولين بالدول الغربية، وكان «النور» هو الحزب الوحيد المشارك فى الوفد الشعبى الذى ذهب إلى ألمانيا قبل أيام من زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لتوضيح حقيقة ما تشهده مصر من تحول ديمقراطى، حيث مثل عمرو مكى الحزب خلال هذا الوفد.



كما يحتفظ حزب النور بعلاقات وطيدة مع بعض المسؤولين بالسفارات الأجنبية، ولعل اللقاء الذى تم منذ شهور بين مساعد رئيس حزب النور لشؤون العلاقات الخارجية عمرو مكى مع القنصل الأمريكى فى الإسكندرية هو الأبرز فى هذا الشأن، وكذلك لقاء حزب النور بلجنة حكماء أفريقيا حيث كان الحزب الوحيد الذى التقى لجنة الحكماء منفردا لشرح حقيقة ما يحدث فى مصر وعلاقاتهم بجماعة الإخوان.
كما ينضم حزب النور دائما لقائمة الأحزاب التى تلتقى المسؤولين الأجانب الذين يأتون لمصر للقاء الأحزاب، ولعل آخرها لقاء السفير البريطانى وأعضاء البرلمان البريطانى مع الأحزاب، حيث مثل نادر بكار القيادى بالحزب وفد النور الذى التقى السفير البريطانى وشرح له حقيقة ما تشهده مصر من تطورات.

«النور» واتهامات التمويل الخارجى

دائما ما يعلن حزب النور أن الموارد المالية لديه ضعيفة وأنه لا يعتمد على تمويل جهة معينة، ويعتمد على اشتراكات أعضائه فقط فى تمويل نشاطات الحزب بالمحافظات والتى تتكلف الكثير، ويواجه الحزب اتهامات عديدة من جانب بعض الأحزاب المنافسة بأنه يتلقى تمويلا من بعض دول الخليج، وهو الأمر الذى ينفيه الحزب بشكل دائم ويؤكد أنه لا يتلقى أى تمويل خارجى ويعتمد على نفسه فى تمويل أنشطته ويواجه منافسيه بقاعدة «البينة على المدعى».

ويقول الدكتور شعبان عبدالعليم، عضو المكتب الرئاسى لحزب النور إن الحزب يعتمد على أعضائه والاشتراكات التى يدفعها الأعضاء فى تمويل الحزب ونشاطاته، إلى جانب تبرعات بعض الأعضاء للحزب، مضيفا أن الحزب يعتمد أيضا فى دعم مرشحيه والدعاية الانتخابية على تمويل بعض أنصار مرشحيه، موضحا أن الحزب يعتمد دائما على النشاط الجماهيرى والانتشار فى الشارع للتغطية على ضعف الموارد المالية.

ويتواجد فى حزب النور بعض رجال الأعمال وعلى رأسهم سيد مصطفى خليفة نائب رئيس الحزب، إلى جانب أنصاره بالقاعدة الشعبية فى بعض المحافظات وعلى رأسها الإسكندرية التى يعتمد عليها الحزب فى توسيع أنشطته الجماهيرية من فترة لأخرى.

عبدالمعبود: لن نتصرف مثل الإخوان

يقول المهندس صلاح عبدالمعبود، عضو المكتب الرئاسى لحزب النور فى تصريحات صحفية سابقة، إن الحزب يرفض سياسة الاستحواذ التى كانت تنتهجها جماعة الإخوان فى وقت سابق خلال فترة حكمها، وأنه يبحث عن التشاركية، فيما يؤكد رئيس الحزب الدكتور يونس مخيون إن النور وفى حال حصوله على الأغلبية سيسعى إلى أن يشكل حكومة توافقية ولن يسعى على الإطلاق إلى إقصاء أى أحد، فيما يؤكد خبراء وسياسيون أن حزب النور يعد الأكثر استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء من حيث المرشحين وأعدادهم وكذلك قوائمه الانتخابية، كما أنه من الأحزاب الأكثر تماسكا فى الشارع والأقل من حيث التعرض لأزمات داخلية.


ويقول الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن حزب النور يعد الأكثر استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة من حيث التواجد على الأرض بحملات جماهيرية ضخمة، وهو ما يمهد لأن يحصل على نصيب الأسد عن باقى الأحزاب الأخرى «إلا أنه لن يحصل على نفس نسب المقاعد التى حصل عليها فى الانتخابات الأخيرة»، لافتا إلى أن «النور» هو أقل الأحزاب تعرضا للأزمات الداخلية، كما أنه يتميز بالتماسك الداخلى ولديه قدرة كبيرة على التواصل مع الشارع، وعلاقته بالأحزاب جميعها جيدة.

ويشير الدكتور يسرى العزباوى، الخبير بالنظم الانتخابية إلى أن حزب النور هو الأكثر نشاطا فى الشارع، والصراع الذى تشهده الأحزاب يصب فى صالحه، لافتا إلى أن النور كان أول حزب ينتهى من قوائمه الانتخابية، ويعد الأكثر تأهيلا لمرشحيه والأكثر تجانسا وهو ما سيفيده بشكل كبير فى الانتخابات البرلمانية وحصد المقاعد.



ورأى الدكتور مختار الغباشى، نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تعدد القوائم الانتخابية يفيد كثيرا حزب النور باعتبار أن قائمته لا تضم ممثلين لأحزاب أخرى وجميع مرشحيه شخصيات متوافقة مع برنامج الحزب، مضيفا أن الحزب الأكثر تواصلا فى الشارع هو الحزب الذى سيتمكن من أن يحصل على أغلبية المقاعد فى البرلمان، منهيا بالقول أن حزب النور حتى الآن ناجح فى هذه النقطة ما يمهد لنجاحه فى البرلمان.

موضوعات متعلقة..

- حزب النور يعقد دورات تدريبية لنسائه قبل الانتخابات البرلمانية