وفاء التلاوى تكتب: ضيوف على الرحمن وضيوف على الدنيا

السبت، 23 مايو 2015 02:24 ص
وفاء التلاوى تكتب: ضيوف على الرحمن وضيوف على الدنيا ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعم الملك لله وحده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يقول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَرِث الْأَرْض وَمَنْ عَلَيْهَاوفاء التلاوى تكتب: ضيوف على الرحمن وضيوف على الدنيا

وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) سورة مريم أية 40، ولكن كيف يرث الله الأرض والكون كله له وهو مالكهم؟ هذا لأن الله هو المالك الأعلى للكون ومن فيه، وقد ملك من خلقه من ملك فى هذه الدنيا أما فى الآخرة فليس لأحد ملك على شىء، ولا يملك الإنسان من أمر نفسه شيئًا حتى جوارحه وأعضائه لا يملك منها شيئا قال تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النور 24 صدق الله العظيم

فالأمر كله لله تعالى ولذلك يرد الملك إلى مالكه الأعلى ولا أحد يرث هذا الملك غيره وقوله تعالى (وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) فلا يتوقف الأمر على أنه يأخذ منهم ملكهم فقط ولكن يحاسبهم أيضًا على أعمالهم فهم أيضًا فى قبضة ملكية الله لهم فنحن نملك كل الأشياء التى فى قبضتنا ظاهريًا فقط فى هذه الدنيا ويرجع كل شيء للمالك الوحيد وهو الله خالق الناس أجمعين.
فنحن جميعًا ضيوف على الرحمن وضيوف على الدنيا بما فيها فلنكن ضيوفا خفافًا فنحن لا نملك من الدنيا شيئًا ولا نملك حتى النفس الذى نتنفسه وحتى أولادنا فلزات أكبادنا فهم أيضًا ضيوف على الدنيا يعيشون عندنا ولهم حق الضيف من الرعاية والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة فنحن لا نملكهم بل نرعاهم ونربيهم ونخاف عليهم حبًا لهم وعطفًا وحنانًا من الله قد أودعه الله فينا ولذلك أوصى الله بالوالدين إحسانًا ولم يوصينا بأولادنا فهو يعرف أنهم قرة أعيننا ولا يهدأ لنا بالا حتى نطمئن عليهم وعلى أحوالهم، فلا تغرنا الدنيا فنحن لا نملكها ومن تصور أنه ملكها فقد أخطأ وليعيد حساباته فمهما كثر ماله فهو ليس ملكًا له فهو يعطيه لغيره كى يشترى أشياء مهمة له ومهما اشترى بها من أملاك وقصور ليسكنها فهى أيضًا ليست ملكًا له ولن يأخذها معه فى قبره، وقد يسكنها غيره بعد مماته ويرثها. وقد يأخذها أيضًا من لا يستحقها، وأذكر أنه عندما انتشر مرض الطاعون فى مصر كان الميراث يتنقل بين أفراد الأسرة الواحدة خمس مرات أو أكثر فعندما يموت الأب يرثه ابنه ويموت الابن يرثه عمه ويموت العم يرثه أخوه وهكذا فقد مات العديد من أبناء مصر وسكانها فى ذلك الوقت.

حفظنا الله وإياكم من كل شر. فلا تغرنك الدنيا بمتاعها وجمالها فكل هذا زائل ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام. فمن يعرف هذه الحقيقة فلن يبخل على نفسه أبدًا بالعطاء وتقوى الله فهو المتبقى له بأخذ الحسنات من الله وتكون فى ميزان حسناته كى يدخل الجنة بفضل من الله ونعمة منه. فلا قيمة لما نملكه فى يدنا من مال أو بنين أو أملاك أو أراضٍ فكلها ملك لله وحده وكل هذا زينة الحياة الدنيا والأخرة خير وابقى قال تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) 45 الكهف ومن يعرف ذلك فلن يكون بخيلاً على نفسه أبدًا أو أولاده أو من يعيشون من حوله وليسعد معهم فى حياته وليتصدق عليهم جميعًا ببعض من ماله الذى لا يملكه بل أعطاه الله له وسيحاسبه عليه فيما أنفقه وهذا خير له من أن يتصدق عليه الأهل به بعد مماته.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا عمر بن الخطاب: مَالِى وَلِلدُّنْيَا، وَمَا لِلدُّنْيَا وَمَالِى، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مَثَلِى وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِى يَوْمٍ صَائِفٍ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا فحقا الملك لله وحده مالك الملكوت رءوف رحيم بعبادة يؤتى الملك لمن يشاء ويعز من يشاء ويزل من يشاء بيده الأمر كله من قبل ومن بعد.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة