ناجى عباس

السيسى يحدث تغييرًا جديدًا فى أوروبا وألمانيا

الأحد، 05 أبريل 2015 08:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تغير الموقف الأوروبى من مصر وحكومتها ورئيسها؟.. ولماذا حضرت أوروبا بقوة فى مؤتمر شرم الشيخ سياسيًا واقتصاديًا؟ وما هى أسباب ذلك؟.. وهل حدث تغير فى مصر وسياساتها ونظام الحكم فيها دفع الحكومات الأوروبية لتغيير موقفها؟ أم أن عناصر إقليمية ودولية طفت على السطح من جديد وفرضت هذا التغيير؟.. وما هى تداعيات ذلك اقتصاديًا وسياسيًا، وكيف سينعكس الموقف برمته على الحرب على الإرهاب والإرهابيين من جهة والموقف من جماعة الإخوان المحظورة باعتبارها جماعة إرهابى -وفق التوصيف المصرى الرسمى- من جهة أخرى؟.

أسئلة عديدة فرضها مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى بحضوره ونتائجه، هذا هو ما فرض نفسه على الإعلام الغربى منذ انتهاء المؤتمر قبل أسبوعين حتى الآن، أسئلة تستوجب البحث بحيادية مطلقة للتوصل إلى إجاباتها الصحيحة، ليس فقط لكى تستطيع الحكومة المصرية تقدير الموقف برمته بشكل واقعى بل أيضًا لاستثمار ما حدث على نحو صحيح.

ولنعد للبداية..
انطلاقًا من الحوارات والمعلومات التى حصلت عليها قبل وأثناء وبعد المؤتمر، وما طرحته على متخصصين فى الشأن المصرى بعدد من العواصم الأوروبية -خاصة برلين باعتبارها القاطرة الأوروبية- يمكن إيجاز الموقف فى أن هناك موقفًا ألمانيًا جديدًا من مصر والسلطة فيها والرئيس عبد الفتاح السيسى، موقف بُنى على أساس مستجدات إقليمية ودولية، وفرض نفسه أوروبيًا بعد أن تبنته ألمانيا.

الموقف الألمانى -وبالتالى الأوروبى الجديد- تحدده ثلاث محاور وفرضته ثلاث مستجدات.. أمنية واقتصادية وسياسية، ويمكن تلخيصه وفقًا للمعلومات المتاحة فى أن الموقف الأوروبى والألمانى الجديد ليس وليد المشاركة فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى، لكنه نتيجة تحليل دقيق للمستجدات والتطورات فى منطقة الشرق الأوسط عمومًا وتداعيات ما يحدث فى سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر (سيناء والمنطقة المحاذية لليبيا) تحديدًا، وانعكاسات ذلك كله على المصالح الأوروبية - الألمانية فى المنطقة، وذلك فى ضوء حالة عدم اليقين بشأن ما يحدث على نحو متسارع فى دول المنطقة، وتأثير ذلك لاحقًا على دول أوروبية بعينها.

يضاف إلى ذلك أن الموقف الألمانى - الأوروبى الجديد فرضته كل المستجدات الحاصلة ليس فقط فى منطقة الشرق الأوسط بل أيضًا علاقة ما يحدث هناك بالتهديدات المتزايدة من الإرهاب والإرهابيين، والمعلومات المؤكدة بشأن أعداد الألمان والأوروبيين منهم، والتعاطف المتنامى معهم من المسلمين الألمان والجاليات الإسلامية فى أوروبا، كما أن هذا الموقف الجديد من مصر وحكومتها ينطلق - بعد تقييم ألمانى أوروبى شامل - لما يحدث منذ سيطرة الإرهابيين على مناطق متعددة فى العراق وليبيا واليمن وسيناء، من أن خط الدفاع الأول لوقف اتساع نفوذ الإرهابيين ووقف خطرهم على المصالح الألمانية والأوروبية يبدأ عمليًا وإجبارًا من مصر من خلال تدعيم الاستقرار فيها ومساعدتها على تحجيم سطوة الإرهاب، وذلك انطلاقًا من فرضية متفق عليها فى أوروبا تقول إن استعادة الاستقرار وتدعيمه فى مصر سينعكس بشكل مباشر على وقف تنامى الإرهاب وانتقاله إلى أوروبا، هو ما أكد عليه نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد زيجمار جابرائيل الذى شارك فى المؤتمر الاقتصادى.
الأمر الأخر أن استقرار مصر غير ممكن مع استمرار الأوضاع الاقتصادية السيئة، باعتبارها المدخل الأول للمتطرفين فى كسب تعاطف وتأييد المزيد من المصريين، خاصة هؤلاء الذين بدءوا يفقدون ثقتهم فى حدوث تغيير اقتصادى حقيقى ينعكس إيجابيًا على أوضاعهم المتردية، كما أن الموقف الأوروبى - الألمانى وإن كان ينطلق داخليًا من الأطر الأمنية والاقتصادية السياسية لدول الاتحاد الأوروبى عامة إلا أنه مرتبط إلى حد بعيد بشكل كبير بالموقف الدولى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، مع التأكيد -وفق تقدير الموقف الحالى لألمانيا تحديدًا- على أن تنامى التطرف فى مصر سيقوى من شوكة التطرف والمتطرفين فى المنطقة برمتها بما فيها إسرائيل.

يضاف أيضًا أن الموقف الأوروبى - الألمانى الجديد أستند على رغبة شعبية عارمة فى ألمانيا بالدرجة الأولى فى وقف تنامى الإرهاب على الأراضى الألمانية، مهما كان الثمن، وبالرغم من أن هناك أصواتًا سياسية - ألمانية من حزب الخضر والحزب الليبرالى تطالب بعدم تجاهل ما يحدث فى مصر على صعيد حقوق الإنسان، إلا أن هناك قناعة لدى المراقبين فى ألمانيا بأن موقف الحزبين المنتقد لموقف الحكومة الألمانى الإيجابى الجديد من مصر وحكومتها ورئيسها، يتجاهل بشكل كبير المصالح الألمانية الأمنية والاقتصادية على السواء، بل ويتناقض مع مواقف الحزبين السابقة، حين كانا مشاركين فى التحالف الحكومى من قضايا حقوق الإنسان فى دول أخرى عديدة، فى الصين مثلاً -ففى حين وافق الحزبان خلال مشاركاتهما فى حكومات التحالف -حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين مع الخضر- جيرهارد شرودر مع يوشكا فيشر، أو حكومة التحالف المسيحى مع الليبرالين- أنجيلا ميركل وجيدو فيسترفيله- على ضرورة تأسيس علاقات اقتصادية وسياسية متوازنة وتطويرها مع الصين، بدعوى أن ذلك سيؤدى عاجلاً أو آجلاً إلى تغير فى الموقف الصينى فى قضايا حقوق الإنسان، وهو نفس الموقف الأمريكي، تبارى بعض أجنحة الحزبين بمبالغات كبيرة فى التهويل من خروقات حقوق الإنسان فى مصر، وهو ما لم تجد له لجان التخطيط السياسى داخل حزبى التحالف الحكومى الحالية أساسًا يستدعى التضحية بالمصالح الألمانية الأمنية والاقتصادية.

الموقف الألمانى بنى اقتصاديًا على أن الخسائر التى فرضتها قرارات تحالفية سواء فى أوروبا أو مع الولايات المتحدة بشأن الموقف فى أوكرانيا أضرت كثيرًا بمعظم الشركات الألمانية العاملة فى موسكو، وأن شيئًا شبيهًا لا يجب أن يتكرر مرة أخرى فى مصر أو الدول التى سيعاد بناء اقتصادها بشكل كبير، بسبب ما خلفته الحروب والنزاعات الأهلية فيها، خاصة أن البدائل المتوفرة لمحاصرة خسائر الشركات الألمانية فى موسكو واليونان محدودة، فضلاً عن أن الأغلبية داخل لجان التخطيط السياسى للتحالف الحكومى الألمانى تعتقد أن الدول العربية الغنية حسمت موقفها منذ زمن لصالح السيسى، وأن الاستثمارات العربية ستتزايد فى مصر فى الفترة المقبلة بسبب تنامى خوف منطقة النفط العربية -باستثناء قطر- من وصول الإرهابيين إلى دولهم انطلاقًا من اليمن أو غيرها، هذا علاوة على المراهنة الخليجية الكبيرة على الجيش المصرى حال وجود تهديد إيرانى حقيقى.

وبالرغم من أن الموقف الألمانى - الأوروبى الداخلى مؤيد بشكل عام لعلاقات متوازنة مع مصر، ودفع السيسى لمراعاة أكبر لحقوق الإنسان إلا أن الإعلام اأالمانى - الخاص تحديدًا - لديه موقف مغاير نتيجة المصالح التى تربطه بدول عربية بعينها، ويتعمد المبالغه بشكل كبير فى إبراز السلبيات وإغفال إيجابيات الحكم الجديد فى مصر.

المؤكد أن مصر بعد المؤتمر الاقتصادى باتت أكثر ثقة فى إمكانياتها ما سينعكس بالضرورة على علاقاتها الدولية، وهو ما تراه روسيا والصين أيضًا، ولذا فأن الرأى الغالب فى المانيا الآن عدم ترك البوابة المصرية أمام روسيا والصين فقط، ومحاولة المزاحمة على الفوز بجزء من الاستثمارات التى ضخها وسيضخها العرب فى السنوات المقبلة فى مصر.

سياسيًا يمكن إيجاز تقدير الموقف الألمانى الأوروبى الجديد فى أن هناك نتائج سياسية لا يمكن تجاهلها ما حدث فى مصر، وهى بمجملها لا تقل أهمية عن النتائج الاقتصادية والأمنية المباشرة .. نتائج لا يمكن للغرب إغفالها بسبب الاتفاق العام عليها من بعض أهم حلفاء ألمانيا فى المنطقة، مثل السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعمان، وبداية فقد حسم الدعم الخليجى كل ما يتعلق بمستقبل الدور السياسى والعسكرى والأمنى الذى ينتظره الخليجيون من مصر فى المرحلة المقبلة، وهو دور يصب فى مصلحتهم المباشرة، الأمنية والسياسية والاقتصادية أيضًا، خاصة أنهم مصرون هذه المرة كما ذكروا على أن تكون التنمية فى مصر مستدامة، وهذا يعنى أن كل المراهنات على تغير فى الموقف السعودى بعد وفاة العاهل السعودى السابق قد تبخرت فى المدى المنظور على الأقل.

وبحسب الألمان فالموقف الخليجى من الحكومة المصرية مفهوم بشكل كامل من ألمانيا، فهو يعزز مساعى السيسى بدعم غير مسبوق من أجل النهوض اقتصاديًا، وهو ما يعزز موقفه الداخلى أيضًا ويساهم فى عزل الخصوم السياسيين، وبالتالى استعادة مصر لدورها إقليميًا فى مواجهة الإطماع الإيرانية كما يفهمها الخليجيون، وتلجم كل دعاوى التغيير فى منطقة الخليج خاصة من أنصار إيران .

فى ضوء ذلك كله ترى ألمانيا أن مصر على الطريق الصحيح، وأنها ستصل إلى مرفأ السلامة بمساعدة من الخليجين والروس والصينين أيضًا، وأن من مصلحة ألمانيا أن تساهم فى عودة الاستقرار لمصر عبر التنمية والتى سيشعر بها المواطن المصرى، لتنعكس إيجابيًا أيضًا على صورة المانيا بشكل عام فى المنطقة ليس فقط فى مصر بل فى كل الدول الداعمة لها.

فى كل الأحوال تغيرت بشكل كبير صورة السيسى فى أوروبا وألمانيا، ويمكن دفعه عبر علاقات متوازنة إلى تحسين تلك الصورة عبر اعتماده بشكل متزايد على المعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك فى ظل القبول الشعبى العارم الذى يتمتع به، وهو أمر تتفق فيه الرؤية الألمانية مع حلفائها فى أوروبا خاصة فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
الإعلام الألمانى من جانبه يراوح بين تأييد كامل للتغيرات التى أصابت الموقف برمته استشعارًا من تنامى خطر الإرهاب والإرهابيين فى أوروبا، ويفترض دعم الرئيس المصرى لمساعدته فى وقف الإرهاب، والثانى ما زال اسير الرؤية القديمة المتأثرة بالدعاية الإخوانية بألمانيا والإعلام التابع والمستفيد من جماعة الإخوان وأموال قطر، لكن الأمر الإيجابى للغاية هو أن أغلب الشعب الإمانى يرى فى موقف حكومته الجديد من مصر فرصة حقيقة ليس فقط لتحجيم الإرهاب المتنامى فى ألمانيا، بل أيضًا للابتعاد عن الموقف الأمريكى غير المفهوم هنا والداعم للإرهاب والإرهابيين فى الشرق الأوسط.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد حليل

مليونير

فين الموضوع

عدد الردود 0

بواسطة:

جينفر لوبيز

أهلا بك استاذ ناجى

الأستاذ ناجى عباس إضافة رائعة لليوم السابع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة