براء الخطيب

مذكرات راسب ثانوية عامة..عن لشبونة وعشق البرتغال «16»

السبت، 04 أبريل 2015 10:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«ها هى البرتغال تفقد آخر مستعمراتها تحت الثورات الشعبية التى اجتاحتها، وتحت ضغط الإنجليز وغيرهم، وها هم يحتفلون بفريق كرة القدم الذى لم يحصل سوى على المركز الثالث، يا له من هوان».
هذا ما قاله «ألبرتو» وهو يهم برفع زجاجة النبيذ إلى فمه، بمثل هذا الكلام المغلف باليأس ونفاذ الصبر، وربما بالكراهية كان «ألبرتو» يتحدث إلى أن كف تمامًا عن الكلام.

فيما كنت أنا ما أزال لم أكمل بعد شرب الثلث الأول من زجاجتى، وكنت ألاحظ الألم المكبوت داخله ينعكس فى ارتعاشات شفتيه وتقطيبة حاجبيه، وأظن أنه لن يلوم أحد نصف بحار متدرب على أنه يحاول تهدئة بال معلمه الأول فى عالم البحر والبحارة، لاسيما أنه بحار متمكن، كما أنه يجيد فن التعامل مع النساء الوحيدات فى الموانى، دائمًا هناك نساء وحيدات فى الموانى ينتظرن البحارة الغرباء، كان هذا درسًا مهمًا تعلمته بغريزة البحار الموهوب من رؤيتى للمرأة البيضاء السمينة «مونتانا».. ألح على إحساس مبهم بأن صديقى فى محنة حقيقية، وأن الواجب يحتم علىّ أن أشد أزره، واحترت كيف أبدأ إعلان تضامنى معه فى أزمته الشعورية التى يمر بها، لكنى فوجئت بحالة الشجاعة والمودة التى انتابتنى تجاه صديقى «ألبرتو» بالرغم من رداءة اللغة التى أتحدث بها، لكنه سوف يفهمنى على أية حال.. ابتسمت فى وجهه، وبدأت حديثى فى بساطة لدرجة أننى أطلقت عليه اسم «بيرو» تدليلًا كما يحدث دائمًا بين الأصدقاء، وكانت هذه هى أول مرة أحدثه فيها عن حبى لكرة القدم، وأننى أشجع النادى الأهلى فى مصر، وأن عليه أن يعرف بأن كرة القدم هى فى نهاية الأمر لعبة شعبية يحبها الفقراء، ويمارسونها فى الشوارع، وإن كانت الكرة التى يلعبون بها فى الشوارع غير تلك الكرة التى يلعبون بها فى الأندية التى تمتلك ملاعب كبيرة ومدرجات تتسع لآلاف المشجعين، وعليه أن يعرف أن مقر النادى الأهلى ليس فى الإسكندرية، لكنه فى القاهرة، عاصمة البلاد، وأن ذلك كان يحتم علىّ ركوب القطار للذهاب إلى ملعب النادى الأهلى لحضور المباريات الكبرى، مثل تلك المباراة المذهلة التى حدثت منذ أربع سنوات بين النادى الأهلى فى مصر ونادى بنفيكا البرتغالى، وبالرغم من أن نادى بنفيكا كان قد حصل على بطولة أوروبا فى هذا العام، وكان الكابتن «يوزيبيو» يلعب مع فريق بنفيكا، فإن فريق النادى الأهلى قد هزم فريق بنفيكا فى هذه المباراة بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وأن الكابتن «طه إسماعيل» قد أحرز فى مرمى بنفيكا هدفًا رائعًا، كما أحرز اللاعب «بدوى عبدالفتاح» هدفين، مع أنه لم يكن من لاعبى الأهلى، لكنه كان قد استعان به من نادى الأولمبى السكندرى، وأن الذى أحرز هدفى بنفيكا هو الكابتن «يوزيبيو» ولاعب آخر اسمه «أجواس»، وأنهيت كلامى عن كرة القدم بأنه ربما تكون هزيمة نادى بنفيكا من النادى الأهلى هى السبب فى غضب «ألبرتو» من نادى بنفيكا، وهنا رأيت «ألبرتو» يتفحصنى فى صمت للحظات، ثم ينطلق فى ضحكات مجلجلة، وهو يقول بأن هزيمة بنفيكا من النادى الأهلى فى مصر تعكس هزيمة البرتغال المذلة فى جميع مستعمرات البرتغال التى كانت تهب البرتغال السمن والعسل والمن والسلوى، فقد أصبحت البرتغال نهبًا لمن يساوى ومن لا يساوى، كانت النتيجة بالنسبة لنصف بحار، أو على أحسن الفروض بحار متدرب يحاول التسرية عن صديقه البحار القديم نتيجة جيدة، فى الساعة الثالثة من منتصف نهار يوم الخميس الموافق 11 أغسطس سنة 1966 كانت العبارة «فونشال» قد دخلت خليج «كاديز» فى جزيرة «جران كاناريا» فى خط سيرها إلى جزيرة «جران كاناريا».. وللمذكرات بقية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة