محمد منير

الواد اللى لابد فى الصورة وواكل المشهد

السبت، 04 أبريل 2015 08:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعتقد أن شخصًا لم يصادف فى طفولته أو شبابه أو كبره هذا العيل الذى كان دائمًا ما يفرض نفسه على مشاهد مجموعات تقف أمام الكاميرا ليرفع يده عاليًا، أو يشب على قدمه ليظهر جزءًا من رأسه، أو ملتصقًا بأحد اأششخاص يدفعه ليقف مكانه فى الصورة وهو فاشخ بقه مبتسمًا وكأنه صاحب المناسبة، وكان غالبًا هذا العيل الحشرى هو أكثر الموجودين فى الصورة حرصًا على الاحتفاظ بها وتداولها باعتباره الأكثر انتشارًا بين المجموعات، وهى مهارة تسويقية يكتسبها منذ نعومة أظافر قدمه الحافية ستدفع به فى المستقبل إلى مقدمة المشاهد رغم انعدام مبررات وجوده فى المشهد من الأساس.

هذا العيل الرذل لا يعرف مهارة إلا فرض نفسه على المشاهد ودفع الآخرين للوقوف مكانهم أمام العدسات.. ولا تستهينوا ياسادة بهذه المهارة فى بلادنا.. فهى طريق المجد والثراء والزعامة.

العيل الرذل أصبح زعيمًا سياسيًا بعد أن قفز على المشاهد وشب برقبته فى صور الأحداث وصرخ متحمسًا برأيه الذى دائمًا ما يبرر ويروج لرأى أقوى الأطراف، مؤكدًا صحة هذا الرأى وملائمته وأهميته لانقاذ الأوطان، وربما فى المشهد هذا يستبدل ضحكته التى كان يفشخ بها بقه بعلامات حزن وبكائية من أجل الوطن، وبعد لقطة أو اثنين تجد العيل الرذل مسئولاً كبيرًا فى الدولة يتحكم فى مصائر أمم وشعوب لا تحمل حيثيات وجوده سوى قدرته على الولوج إلى المشاهد وتدليك ذات أصحاب القرار، وليتحول هو إلى صاحب قرار فيما بعد يحمل ذاتًا قابلة للتدليك، وهكذا تتوالد الزعامة السياسية التى تتحكم فى الاوطان.

العيل الرذل أصبح فنانًا كبيرًا بعد أن استطاع فرض رقبته ويده على صور مشاهير الفنانين وهو يجامل ست الكل نجمة السماء العالية ويصرخ مسبحًا بعبقرية المخرج، وتمتد يده الفضولية فى المشهد إلى رغبات المنتج لتلبى كل رغباته الإنسانية، ولو كانت عيله رذلة فمن الممكن استخدام بعض المهارات الأنثوية التى تكشف عن عمقها الأدبى وكنز المهارات الفنية المدفون فى جسدها، ليصبح العيل الرذل فنانًا كبيرًا صاحب كلمة مسموعة فى المجتمع وربما عضو فى لجنة الأربعين لوضع دستور البلاد أو نائب فى البرلمان التشريعى.
العيل الرذل فى الصحافة والثقافة يمد يده ورقبته فى المشهد ليقف بجانب أصحاب القرار ورءوس الأموال حاملاً فى يده سيرة ذاتية مكتوبة باحترافية تكشف عن مجد أدبى وعبقرية ثقافية منذ نعومة أظافره (واللى مش مصدق يدور)، وفى يد أخرى يحمل إنتاجه الأدبى والصحفى والذى غالبًا ما يكون قص ولزق وإعادة إنتاج ليس لأفكار قديمة وإنما لمجرد عبارات سابقة المهم أن توضع بين غلافين وينظم لها مشهد حفل توقيع كبير ليصبح الرذل كاتبًا كبيرًا يشار له بالبنان.. والعيل الرذل فى هذا المجال يمتلك جهازًا حساسًا تجاه مصالح القائمين على رعاية الوطن وصيانته، فإذا لمح المسئول وهو يعطس أصبحت العطسة واجب قومى على كل مواطن ويبدأ الرذل فى كتابة المبررات التاريخية والمنطقية والعلمية التى تؤكد خيانة غير العطاس، والعيل الرذل فى الصحافة يمتلك أدوات الكراهية والحب فى آن واحد ولكنه أيضًا يمتلك مهارة تحديد توقيت استخدامها فإذا اتجهت عاطفة المسئول الكبير نحو جماعة، فإن الجماعة هى الحل، أما إذا نالها شىء من الكراهية فوجودها خيانة وخطر يهدد الأوطان، وكله باسم المبادئ ومن أجل الوطن.

هكذا يا سادة نجد أن العيل الرذل اللى فى كل الصور أصبح القائد والمفكر والفنان والمثقف والصحفى بفضل مهارته فى الرذالة وبفضل ذراعة ورقبته الممتدة فى كل المشاهد، ولا عزاء للحرفية والموهبة والصدق.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة