"خلف العتمة" لـ"سليم اللوزى".. الكوابيس هى الحل

الخميس، 30 أبريل 2015 07:00 م
"خلف العتمة" لـ"سليم اللوزى".. الكوابيس هى الحل غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تصبح "الكوابيس" هى الحل؟.. إليها نهرب وفيها نعيش، وذلك لأننا ندرك أنها غير حقيقية، وأنها أحد أبواب "العتمة" التى ستنتهى بعودتنا إلى "أسرتنا" الدافئة وزوجاتنا النائمات بهدوء لا يؤرقهن توتر العالم لكونهن جلسن يرسلن "الدعاء" الذى يحقق لهن الطمأنينة.

فى روايته "خلف العتمة" للكاتب اللبنانى سليم اللوزى، الصادرة عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، يكشف الكاتب عن حال الإنسان العربى وعن طرق تفكيره واختياراته فى تفسير الظواهر التى يلقاها فى حياته، ويعرض لاستكانته الصعبة وخضوعه لمجموعة من العوامل المرتبطة بالمجتمع والدين بما يقوده لما هو فيه دون تفكير، هذا التفسير للواقع وللمتخيل يحيطان بالإنسان كما تحيط به "العتمة" دون الوصول لحل، لأنها عبارة عن دائرة مغلقة تعاون فيها التاريخ بكل حلقاته والطبيعة الإنسانية والواقع المعيش، بما يمثل "غشاء" يفصل بين الواقع والخيالي، لذا تلجأ الشخصية الرئيسية فى الرواية للبحث عن "العتمة".

والسؤال لماذا يحب بطل الرواية "العتمة" وينتظرها بشغف شديد ويشعر بالتوتر حال انقطاعها عنه، ويؤكد لنفسه أن هناك امرأة تسمى أو توصف بـ" الحزينة" يحبها وتحبه تسكن هذه "العتمة"؟، هل حبه للعتمة دليل خوفه من الواقع؟، مع أنه لا يرى فى العتمة سوى "القتل والتعذيب والدم والتفجيرات والتسول والتحرش والهجر" هل هذه "صور" يسعى إليها الإنسان ويتمنى أن يراها، يقول "فى العتمة، أصبح الطقس روتينيا جميلا، لا أعلم كيف يبدأ وكيف ينتهى، إلا أننى أصحو مرتاحا إذا ما واجهت شيئا جميلا، ومضطربا إذا ما شاهدت مشاهد مزعجة. أصبحت أبوابى عبارة عن شاشات صغيرة أشاهد عبرها أفلامى التى فرض على مشاهدتها، ترى لماذا أنا؟ ومن فرض على هذا الطقس؟..
حتما هناك عدة مبررات لهذا "الحب ولذلك السعى" من "السارد" ومنها، أن يكون العالم الواقعى أكثر فظاعة وعنفا ودموية من الخيالى، فهو لم يكن أبدا فى "العتمة" سعيدا، لكنه بدرجة حرارته المنعدمة تقريبا، هو مجرد مشاهد لما يحدث وليس مفعولا به، وبنوع من الأنانية أصبح فى موضع المتأمل، أما الواقع فهو يعيشه ويتلظى بناره لذا العتمة "أفضل" لأنها لا تنعكس عليه مباشرة، وهناك تفسير آخر يكمن فى أن ما يراه فى "العتمة" هو ما تمنى أن يكونه، تمنى أن يكون الولد الثائر الذى يقاوم حتى النهاية، ربما كان هو كذلك فى البداية، قبل أن يدجنه الواقع، وربما كان يريد أن يحب امرأة تشبه "الحزينة"، والتفسير الثالث يكمن فى أنه نوع ما يرى طفولته فى هذا الغياب الذى يذهب إليه فيراقب الولد الصغير غير المهتم بالعالم يلعب كرة القدم بينما المتفجرات والقنابل تشبه الأمطار التى تتنزل على رؤوسهم، حتما هناك فى هؤلاء الصبية غير المكترثين من يشبهه.

سليم اللوزى فى روايته "خلف العتمة" يقرأ تاريخ لبنان عن طريق تتبع "الأثر" فهو لا يحكى عن حرب كبيرة تحدث الآن، لكنه يحكى آثار حرب كبيرة مرت من هنا وتركت آثارها المدمرة على "نفس الإنسان وعلى روحه" يحكى عن لبنان التى أكلتها الحرب الأهلية وأخرجت أجيالا مشروخة الروح، وذلك دون الكلام مباشرة عن تكتلات عسكرية، هكذا حكى سليم اللوزى فى روايته "خلف العتمة" هذه الأحداث الدموية شديدة القسوة أما الواقع فيحكى آثارها الحالية فى تلك الأرواح المستكينة.

"العتمة والواقع" تنعكس أيضا بقوة فى تفسير المآلات لشخصيات الرواية، فهناك جانب لا نعرفه فى الشخصيات لكننا نسمع عنه، فنعرف أن "غسان" أصبح انطوائيا قليل الكلام لا يشارك فى أية اجتماعيات ملتزما بقوانين العمل حد "الحرفية" يؤمن بالسحر والشعوذة فى تفسير العالم، والذى يتضح من كلام "البطل االسارد" أنه لم يكن كذلك وأن هذه تغيرات أصابته مؤخرا، وكذلك الزوجة التقليدية جدا "حد الملل" رغم التصريحات الكثيرة الممتلئة بالحب التى يوجهها البطل إلينا ليقول لنا أنه "يحبها" لكننا لا نصدقه، نحن نعرف أنه فقط "يعيش معها" أو أنه لم يكن هذا حالها من قبل.

رواية "خلف العتمة" تسعى لكشف الذات العربية وتضعه واقعها فى مقابلة مع الكوابيس و"العالم العتمى" وتسألك فى النهاية هل هناك فرق؟


موضوعات متعلقة..


رواية خرائط التماسيح لـ"محسن يونس" واقعية الخيال وسيرة الوطن المعزول








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة