تسمم المئات فى الإبراهيمية والأطباء يرفضون كشف السبب.. الأهالى يتهمون مياه الشرب ويشكون من تلوثها.. والمصابون يعانون من نقص عدد الأطباء وسوء المعاملة ونقص الأدوية.. ومدير المستشفى: "كله تحت السيطرة"

الأحد، 26 أبريل 2015 08:45 م
تسمم المئات فى الإبراهيمية والأطباء يرفضون كشف السبب.. الأهالى يتهمون مياه الشرب ويشكون من تلوثها.. والمصابون يعانون من نقص عدد الأطباء وسوء المعاملة ونقص الأدوية.. ومدير المستشفى: "كله تحت السيطرة" أرشيفية حالات التسمم فى الإبراهيمية بالشرقية
كتب أحمد جمال الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعرت بآلام فى معدتها مع ارتفاع بسيط فى درجة الحرارة وهى تقوم بتحضير الطعام لزوجها إبراهيم محمد كمال عامل الطلاء البسيط الذى قارب على الوصول إلى منزله والذى شدد عليها أن تنتهى منه قبل وصوله حتى يستطيع أن يأخذ قسطًا من النوم يمكنه من مواصلة العمل الإضافى للإنفاق على أسرته حيث إن عمله كعامل طلاء لا يتيح له ذلك، ورفضت زوجته "بسمة سليم" إخباره بما تعانى منه من آلام بعد تناولها المياه.

لحظات وجيزة حتى انتقل هذا الشعور إلى زوجها بعد استخدامه هذه المياه فى عملية الطهى مما تسبب فى فقدهما القدرة على الحركة ودفعهما إلى الصراخ طالبين النجدة لينتقل بهما شقيق الزوج سريعًا إلى مستشفى الإبراهيمية العام فى محافظة الشرقية حيث أكد لهما الطبيب بعد كشف ظاهرى أن ما يعانيان منه هو اشتباه فى حالات تسمم ويأمر بعدها بتركيب المحاليل لهما.

القصه السابقة كانت حالة واحدة من بين 481 حالة تسمم استقبلتها مستشفيات الشرقية بحسب تصريحات د. شرف ماكين، وكيل وزارة الصحة بمحافظة الشرقية، التى استيقظ أهلها على تلك الكارثة، كان العدد الأكبر من هذه الحالات من نصيب مستشفى الإبراهيمية العام. الذى امتلأ عن آخره بمصابين من مختلف الأعمار الذى وحدهم جميعًا شعور بآلام حادة فى المعده مع قىء، وإسهال متواصل.

"إحنا انكتب لنا عمر جديد" هكذا بدأت بسمة حديثها إلى "اليوم السابع" واصفة الآلام التى شعرت بها هى وزوجها قائلة: "على الرغم من معرفتى بوجود مشاكل فى مياه الشرب وشكى العديد من الأهالى منها إلا أننا نقوم باستخدامها بعد إبقائها تنساب فترة من الزمن خاصة أنها أكثر أمنًا من المياه التى يتم بيعها فى الشوارع ولكن ما حدث هو شعورى بصداع خفيف وبعض الآلام الجسدية مع ارتفاع فى درجة حرارة جسدى، وهى نفس الأعراض التى انتقلت إلى زوجى عقب شرب بعض المياه مع وجود زغللة فى العين وعدم القدرة على الحركة مع فقد الوعى وعدم الانتباه إلا ونحن فى مستشفى الإبراهيمية التى أحضرنا إليها شقيق زوجى" والذى قال لـ"اليوم السابع": "بعد وصولى إلى المنزل ومشاهدة حالة الإعياء التى يعانيان منها أسرعت إلى الصيدلية القريبة من المنزل ليخبرنى الطبيب الذى يعمل بها بوجوب نقلهما إلى المستشفى حيث إنها ليست الحالة الوحيدة التى يسمع بها وفوجئت بأن عددا كبيرا من الأهالى فى الداخل يعانون من نفس الأعراض دون أن يقوم طبيب بتفسيرها مكتفين بتعليق بعض المحاليل وترك المرضى بعد ذلك".

هل هو سر حربى



عدم التصريح بحقيقة ما يعانى منه المرضى هو المنهج الذى تعامل به أطباء مستشفى الإبراهيمية مع كافة الحالات التى استقبلتها المستشفى مكتفين بإجراء الإسعافات الأولية من تركيب بعض المحاليل دون توضيح للأهالى أو للمصابين عن سبب ما يعانون منه وهو ما يعبر عنه خالد محمد سائق بقوله "بيتعاملوا معانا على أنه سر حربى لا يجوز الكشف عنه".

وقال "حضرت إلى المستشفى بعدما شعرت ابنتى بآلام حادة فى المعدة مع ارتفاع فى درجة الحرارة وهو ما فسرته فى بداية الأمر على أنها تعانى من برد حاد ولكن زادت مخاوفى بعد البدء فى قىء مستمر، وعقب أن وصلت بها قام الأطباء بتعليق المحاليل لها مع رفض الإجابة عن سؤالى عن حقيقة ما تعانى به قائلين (هاتبقى كويسه متقلقش) و يكملوا (لو عاوز تعرف سبب مرضها اسأل مدير المستشفى)".

"دى حالات تسمم واضحة بس ما نقدرش نقول كده للأهالى" هذا ما كشفه أحد الأطباء الذى رفض ذكر اسمه لـ"اليوم السابع" قائلا: "إن انتشار أعراض الإسهال والقىء وارتفاع درجة الحرارة بين جميع المرضى الذين حضروا إلى المستشفى يؤكد وجود حالات تسمم جماعى وهو ما يعنى اشتراك عدد كبير من الأهالى فى تناول شىء واحد وهو ما لا يتصور حدوثه إلا فى مياه الشرب".

وتابع أن قرية الإبراهيمية وبعض القرى فى الشرقية تعانى من تلوث المياه وعدم صلاحيتها للشرب بسبب اختلاطها بالصرف الصحى وهو ما يدفعهم إلى شراء مياه مجهولة المصدر أيضًا وهو ما يعرضهم إلى العديد من الأمراض، مشددًا على صدور تعليمات إليهم بعدم نقل هذه الحقائق إلى المرضى الذين يعانون من حالات فزع حقيقية أدت إلى إصابة فتاة لا يتعدى عمرها 12 عامًا بصدمة عصبية نتيجة ما يتم تداوله عن تسمم مياه الشرب حيث حذرت المساجد من تسمم مياه الشرب.

اتهامات متبادلة



"اللجوء إلى شراء المياه المعبأة فى الجراكن من الباعة الجائلين هو السبب فى ظهور تلك الأعراض" هذا ما أكدته الشركة القابضة للمياه فى بيان لها، موضحة أن حالات التسمم بالشرقية سببها لجوء المواطنين لشرب المياه من الجراكن، ومشددة على أن مياه الشرب المنتجة من كافة محطاتها نقية ومطابقة للمواصفات التى حددتها وزارة الصحة المصرية.

التصريحات السابقة قابلها عدد من المرضى وأهاليهم بالرفض مؤكدين أن أعراض المرض التى شعر بها ذووهم ترجع إلى عدم صلاحية المياه المنزلية للشرب.

شراء المياه المعبأة فى الجراكن



وهو ما تؤكده الحاجة "م" التى كانت تقف بحفيدها أحمد كمال، 5 سنوات، أمام البوابة الرئيسية للمستشفى والذى يعانى من ارتفاع حاد فى درجة الحرارة وقىء ممسكة بالورقة التى كتبها لها الأطباء مدون بها بعض الأدوية كى تشتريها من الخارج دون الإفصاح لها عن حقيقة مرضه والتى قالت "طول عمرنا بنشترى ميَّه ومفيش حاجة حصلت لنا".

موضحة سبب لجوئها إلى شراء المياه وعدم الاعتماد على المياه المنزلية بقولها "على مدار سنوات طوال نعتمد على شراء المياه المعبأة فى الجراكن والتى نقوم بشرائها من الباعة بسبب عدم صلاحية المياه للشرب بسبب لونها الداكن ورائحتها التى تشبه إلى حد كبير الصرف الصحى إلى جانب طعمها السىء وهو ما يدفعنا إلى شراء المياه"، مؤكدة أن ذلك الأمر يعتمد عليه عدد كبير من الأهالى ولم تظهر بينهم أى حالة مرضية خلال الفترة الماضية، موضحة أن ما يعانى منه حفيدها حدث بسبب تناوله كوب ماء من "حنفية" المنزل.

بحسب الأهالى "جراكن" المياه فى قرية الإبراهيمية هى التجارة الأكثر شهرة تقوم عليها مصانع مجهولة والتى يطلق عليها "مصانع بير السلم" تقوم بتعبئة هذه المياه غير معلومة المصدر وبيعها للأهالى بسعر لا يتجاوز عدة جنيهات للجركن الواحد التى تتم عبر بعض الصبية، وهو ما أكده عدد من الأهالى الذين أكدوا عدم نقائها ولكن بصورة أقل سوءًا من مياه الشرب الصادرة من محطة المياه، مؤكدين أنهم تقدموا بالعديد من الشكاوى للمسئولين لحل أزمة المياه التى يعانون منها والعمل على تنقيتها حتى لا يقعون فريسة للتجار الذين يقدمون إليهم مياه بديلة لا يعلمون مصدرها بأسعار مغالٍ فيها.

نقص الأطباء



داخل المستشفى الممتلئ بالمرضى تنوعت شكواهم ما بين نقص كبير فى عدد الأطباء وسوء معاملتهم لهم إلى جانب عدم وجود أماكن مجهزة لاستقبالهم وهو ما تمثل فى مشاهدة أهالى المرضى يحملون المحاليل فى أيديهم لذويهم خارج المستشفى أو معلقة فى بعض النوافذ وهو ما يؤكد عليه سعيد عبد الغفار، موظف بالمعاش، الذى بدى عليه الإعياء بشكل واضح وطالب الحكومة بتوضيح السبب الحقيقى وراء تفشى وانتشار أعراض التسمم بين أهالى الإبراهيمية بالشرقية دون اللجوء إلى مبررات واهية أو إلقاء الذنب والتهم على الأهالى أنفسهم بسبب لجوئهم إلى شراء مياه مجهولة المصدر، مؤكدًا أن شراء المياه هو أمر يعتمد عليه الأهالى منذ فترة طويلة ولم تتسبب فى حدوث أى إصابات بين الأهالى خاصة مع سوء حالة المياه الموجودة فى المنازل وهو أمر واضح للجميع.

"حرام عليكم هو إحنا مش بنى آدمين بتعملوا فينا كده ليه" هذه العبارة صرخ بها أحمد محمد فى حجرة الاستقبال موجهًا حديثه إلى د. فكرى طنطاوى، مدير عام المستشفى، مطالبًا بضرورة تواجد أحد الأطباء للكشف على أحد أقاربه الذى يعانى من آلام حادة فى كل جسده لمدة زمنية قاربت على الساعتين دون أن يتم إسعافه أو توقيع الكشف عليه وهو الأمر الذى قابله مدير المستشفى بانفعال زائد واتهمه بالكذب ومحاولة تشويه الجهد الذى يقوم به الأطباء.

وقال "محمد": "حضرت إلى المستشفى بصحبة شقيقى الذى بدأ فى الصراخ عقب تناول المياه مع اصفرار فى الوجه وارتفاع فى درجة الحرارة، وقمت بإحضاره على الفور إلى المستشفى لتوقيع الكشف الطبى وإسعافه ولكن ظل على هذه الحالة عدة ساعات دون
أن يجد من يقدم له العون".

ملائكة فى حضرة الوزير



"الوزير لما كان هنا ظهر الأطباء وكأنهم ملائكة وليس مجرد أطباء" هكذا قال وائل محمد، طالب فى معهد الدراسات الاجتماعية، الذى أوضح أنه خلال زيارة الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، كان الجميع يقوم بعمله على أكمل وجه داخل مستشفى الإبراهيمية حيث توافر الأطباء بشكل كبير وقاموا بالانتشار فى الاستقبال وفى المستشفى بأكملها والتعامل يتم بشكل لائق مع المرضى مع توفر الأدوية، وهو الأمر الذى لم يستمر حيث قام الأطباء بالاختفاء وترك المرضى وأهاليهم بعد انصراف الوزير مباشرة.

وهو ما أكده أحد المرضى ويدعى وائل الطحان، 40 عامًا، ويعمل سائقًا بقوله "الوزير لما مشى الأطباء تركوا المرضى ومحدش سئل فينا".

الصرخات السابقة والشكوى من عدم وجود أطباء لم تقتصر على الاستقبال فقط وإنما امتدت إلى أجزاء عديدة من المستشفى ومنها المبنى الاقتصادى الذى تم إيداع عدد كبير من المرضى بداخله ومن بينهم إحدى الأمهات التى كانت دخلت فى نقاش حاد مع إحدى الممرضات بعد رفض الممرضة الاستجابة لطلبها باستدعاء أحد الأطباء للكشف على ابنتها التى تعانى من إعياء شديد.

وقالت "ج" الأم التى رفضت ذكر اسمها، وهى تحتضن ابنتها: "استيقظت من نومى على بكاء وصراخ ابنتى الكبرى ريم، 10 سنوات، التى أسرعت بها إلى المستشفى وقام أحد الأطباء بكتابة بعض الأدوية دون توقيع الكشف عليها، وبعد العودة إلى المنزل فوجئت بانتقال هذه الأعراض إلى شقيقتها الصغرى كنزى، 4 سنوات، والتى بدأت تعانى من ارتفاع فى درجة الحرارة مع قىء مستمر التى انتقلت بها إلى المستشفى حيث قامت إحدى الممرضات بتعليق محلول لها فى الساعة السادسة صباحًا ولمدة قاربت على الثمانى ساعات لم يقم أى طبيب بمتابعتها رغم عدم تحسن حالتها".

"الأطباء تم إنهاكهم وهما دلوقتى بيتغدوا" هذا هو التبرير الذى قدمه د. طنطاوى، مدير عام مستشفى الإبراهيمية، ردًا على شكوى الأهالى من نقص الأطباء، مؤكدًا أن الأطباء بدأوا فى استقبال الحالات والتعامل معها على مدار يومين كاملين، متابعًا "كله تحت السيطرة".

شراء الدواء على نفقة المرضى


لم تتوقف شكوى الأهالى عن نقص الأطباء وإنما امتدت إلى التأكيد على نقص الدواء وهو ما اضطرهم إلى شراء الأدوية من الخارج على الرغم من تأكيدات مدير المستشفى على توافره وبالمجان للمصابين بينما قال المصابون: "محدش صرف أدوية إحنا بنجيبها على حسابنا".








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة