ورقة مصر البيضاء فى السياسة الخارجية

ليس هناك من شك فى أن مصر ستحصل على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن 2016-2017، خاصة فى ظل النشاط والحماس الكبير الذى تشهده السياسة الخارجية المصرية طيلة الأشهر الماضية، بدءًا من عودتها إلى عضوية الاتحاد الأفريقى، وليس انتهاءً بعودتها مرة أخرى لتكون محور ومركز الأحداث ليس فى المنطقة العربية فقط وأنما فى نطاق أوسع يشمل دول البحر المتوسط، وقضايا أخرى عابرة للنطاق الإقليمى مثل ظاهرة الإرهاب.

أهم ما يميز الملف المصرى أن القاهرة تتعامل منذ فترة باستراتيجية الورقة البيضاء، التى لا تنحاز لطرف على الآخر، إلا إذا ظهر أن أحد الأطراف يجور على الآخر، مثلما حدث فى الأزمة اليمنية الأخيرة، حينما حاول الحوثيون فرض منطقهم باستخدام القوة، فوقفت القاهرة مع الشرعية اليمنية ممثلة فى نظام الرئيس عبدربه منصور هادى، لكن فى الوقت ذاته كان لمصر رأى آخر وهو أن العملية العسكرية يجب أن تكون لها مدى وهدف، فإذا تحقق الهدف ننطلق للنقطة الأخرى وهى الحل السياسى، وهو ما حدث بعد إعلان الرياض عن انتهاء عاصفة الحزم، وبدء عملية إعادة الأمل.

الورقة البيضاء المصرية فى الأزمة اليمنية حققت للقاهرة تواصلاً مع الجميع ومكنها من أن تقود حتى وإن كانت من خلف الستار، المساعى الهادفة إلى تحقيق المصالحة السياسية فى اليمن، وهو ما تحاول أن تفعله أيضاً فى سوريا وليبيا، من خلال استضافة القاهرة لاجتماعات سورية وليبية هدفها التوصل إلى رؤية موحدة من جانب مكونات الشعبين السورى والليبى لحل أزمة البلدين.

الورقة البيضاء أيضاً حققت اختراقاً فى عدة ملفات لعل أهمها عودة الحياة والروح من جديد للعلاقات المصرية مع أشقائها العرب خاصة الدول التى كانت علاقاتها معنا متوترة بعد 30 يونيو مثل السودان وتونس، حتى الدول التى لازالت تناصب الثورة العداء مثل قطر فإن القيادة المصرية تتعامل معها بمنطق الهدوء وليس التصعيد، لأن مصر فى النهاية تسعى إلى الوئام وليس إلى الشقاق.

أيضاً العلاقات المصرية الإثيوبية شهدت تطوراً إيجابياً ملحوظاً، أثر على وضع مصر فى القارة السمراء.

الشىء المؤكد أن سياسة الرئيس عبدالفتاح السيسى الخارجية تسير بمنطق المصلحة العليا المصرية، والبعد عن الانحياز الأعمى لطرف دون آخر، وأن هذه السياسة أعادت لمصر مكانتها، خاصة أن الدبلوماسية المصرية ممثلة فى وزير الخارجية سامح شكرى يطبقها عن قناعة وبقدرة فائقة على النجاح.