صالح المسعودى يكتب: أم الشهيد

الثلاثاء، 21 أبريل 2015 08:00 ص
صالح المسعودى يكتب: أم الشهيد صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كم هى جميلة الكلمات عندما تنطلق من قلب رقيق!!! فعندما تتحدث تغزو قلبك بسيل من الكلمات التى تستقر فى أعماقك فقد خرجت للتو من قلب مفعم بالأحاسيس الجياشة، وعندما تنظر إلى عينيها تجد إصرارًا غريبًا يخفى تحته حزنًا دفينًا يأبى أن يتكشف أمام غيرها فهى تحكى قصة صمود.

استمعت لكلماتها وأنا لا أكاد أصدق هذا الفيض من المشاعر المكبوتة فأردت أن أحفظ ولو القليل مما قالت لكى أكتب عنها ولكنى عجزت أن أصف مشاعرها من أجل ذلك قررت أن أتركك عزيزى القارئ تستمع إليها بنفسك وهى تقول:

"علمت بقدومه فتزينت لاستقباله، وهممت مسرعة إلى مطبخى لأطهو له كل ما يحب من أكلات، وذهبت إلى غرفته لأرتب سريره واستبدل أغطيته، وأعطرها بالمعطر ذى الرائحة الجميلة التى أعلم حبه لها، التى عندما يستنشقها أستمع إليه وهو يردد: الله الله الله يا أمى كم أحب تلك الرائحة".

"فلم التقيه منذ أكثر من شهرين، ولم أكلمه إلا بضع كلمات (والشبكة) إما ضعيفة أو مفصولة، وكلما سألته متى العودة؟ يا بنى طال الفراق، يقول لى كلمات مازالت تتردد فى أذنى وكأنها أجراس لعبته الصغيرة وهو طفل يحبو ليستقبل الحياة: دعواتك يا أمى. دعواتك يا ست الكل. ثم يستطرد: قالوا لى إن العملية قاربت على الانتهاء، ونأخذ إجازة واحضر لرؤيتك لأرى أغلى أم فى الدنيا، وفى صبيحة اليوم التالى صحوت من نومى وأنا أشعر بانقباض فى قلبى وضيق يلازم صدرى فذهبت إلى صلاتى لاتجه إلى ربى ادعوه".

"وفجأة (رن التليفون) وبخطوات أثقل من الجبال اتجهت صوب الهاتف الأرضى وبخوف من وهم يتحول لحقيقة أمسكت السماعة بيد مرتعشة وبصوت متحشرج قلت (مين معايا) فيرد (أنا ..... يا أم الشهيد البطل)".

"وكأنها آخر كلمات سمعتها فى حياتى، وكأنه آخر نفس لى على وجه الأرض، وبعيون (لا ترمش) تسمرت قدماى وقتًا ليس بالقليل وأنا أنظر صوب الباب أنتظر صوت ابنى وهو ينادينى (أمى أمى أين أنتِ يا ست الكل)".

"وها أنا أم الشهيد... أزفه اليوم ليلقى ربًا كريمًا، فهو الهدية الغالية التى من الله بها على وها أنا أودعه بثوبه الأبيض كعريس ليلة زفافه، وبقلب الأم استودع ربى روحه عسى أن يقبله فى الشهداء ، وسأظل يا بنى انتظرك على أمل اللقاء".

كم تمنيت عزيزى القارئ أن أصف لك مشاعر وأحاسيس قائلة تلك الكلمات فمهما حاولت أن أنقل لك لن أستطيع التعبير مثلها، فهى قلب كبير نابض بحب هذا الوطن فكم استمعت لها وهى تبنى آمالاً كجبال الثلج لتحلم بوطن قد تخلص من الإرهاب الأعمى الذى ينال من أمن هذا الوطن وخيرة شبابه.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مشهور

ام الشهيد كلنا أولادك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة