سهير جودة

أصحاب العقول «مش فى راحة»

الخميس، 16 أبريل 2015 11:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل كلما ارتقت المجتمعات ضعفت حدة النظرة الثنائية للحياة وأدرك العقل البشرى تعقيدات الحقيقة وتعدد وجوهها؟ وهل الرؤية الثنائية يمكن اعتبارها أحد معايير تخلف المجتمعات لأنها أقرب إلى الفطرة الغرائزية، لكنها أبعد ما يكون عن واقع الحياة وقواعد الطبيعة؟ فى كتابه «لماذا تخلفنا؟» يقدم المؤلف شريف الشوباشى الكثير من الأجوبة التى نحتاجها فى مراحل الضبابية والتى يؤثر فيها الكثير منا السلامة ويريح عقله ويسلمه لمن يتصور أنهم أصحاب علم أو من يعتقد أنهم يملكون مفاتيح الفتاوى واحتكارها وكأن البحث والفهم والوعى له أهله أما الباقى فعليهم الاستسلام والتسليم بما يأتيهم حتى لو كان أبعد ما يكون عن المنطق.

يؤكد شريف الشوباشى فى كتابه أن مشكلة ثقافتنا أنها ما زالت شديدة التمسك بتلك النظره الثنائية المتمثلة فى التضاد بين نقيضين، بينما نجحت الحضارة الأوروبية فى التخلص شيئا فشيئا من النظرة الثنائية الخالصة للكون والحياة والخروج من ثنائية الأبيض والأسود وإدراك الظلال ورؤية الحقيقة بكل تنوعاتها ووجوهها وزواياها بدلا من التمسك بفكرة أنه ليس للحقيقة سوى وجهين لا ثالث لهما. ومع تطور ظروف الحياة نمت لدى كل مجتمع من المجتمعات البشرية مجموعة من المرجعيات للحكم على الأشياء، على رأسها منظومة الأخلاق والقيم العامة التى تبلورت عبر عشرات الأجيال.

وهذه الثنائية قد تريح أصحاب العقلية التقليدية القائمة على ثقافة الأبيض والأسود والتى لا تقوى على التعقيد والتعددية، لكنها مع ذلك تطرح إشكاليات عديدة، منها أن الأئمة والعلماء اختلفوا على مر التاريخ فى أمور عديدة وما زالوا يختلفون فى فتاواهم حول أمور ملتبسة لم تظهر فى عصر الرسول عليه السلام واجتهد فيها السلف الصالح وغير الصالح عبر القرون. وربما أخطر ما فى هذه الثنائية هى أنها تلغى دور العقل وتضع على الرف ترسانة القيم والأخلاقيات والمثل العليا والقواعد والقوانين التى تبلورت فى المجتمعات الإنسانية من خلال تراكم الخيرات والتجارب.

أحد أبرز كوارثنا بعض المشايخ وبعض من يظنون فى أنفسهم خليفة الله فى الأرض يكرهون العقل والتفكير، وتعطيل العقل أو إلغاؤه يعنى اللجوء إلى شارحى النصوص بصرف النظر عن عمق علمه ووعيه ليدرك الصواب من الخطأ باعتباره قاصرا فى الفهم. للأسف صفحات التاريخ تؤكد أن بحار الدم التى سالت فى تاريخ الأمة الإسلامية كان دافعها المعلن الاختلاف فى تفسير الدين وتأويل الشريعة، وغالبية المعارك قامت بين المؤمنين بعضهم البعض لأن كل طرف كان راغبا فى فرض مفهومه الخاص لكلام الله وأحاديث الرسول بقوة السلاح.

والمؤكد أن الولايات المتحده ومن معها يقرأون التاريخ الإسلامى أفضل منا ويفهمون الشخصية العربية جيدا، وبالتالى فهناك إرادة مركزية تقودها الولايات المتحدة لإثارة النعرات الثقافية والدينية وقد بلور هذه الرؤية المفكر الأمريكى هانتجتون فى كتابه «صدام الحضارات» قدم فيه الرؤية الأمريكية لعالم تسيطر عليه الانقسامات العرقية والدينية، فهذا الكتاب يترجم الإستراتيجية الأمريكية للشرق الأوسط واستغلال أمريكا العقلية العربية لخلق الانقسامات على أرضية عقائدية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مقال رائع كالعاده - 99 ,99 % من المسئولين مرتاحين يا سهير - ما العمل

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الكاتب أحمد المالح

قبل ما يعقل يا جدعان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة