محمد منير

الصحفيون ضمير الأمة

السبت، 07 مارس 2015 09:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعتبر نقابة الصحفيين انعكاسا واضح المعالم للوضع السياسى فى مصر، وذلك لأسباب تاريخية تتعلق بطبيعة نشأة النقابة وظروف إعلانها وبتاريخ الصحافة فى مصر، والذى فرضت عليها الظروف السياسية أن تكون المعبر الرئيسى عن حال الأمة المصرية وضميرها..

والصحفيون المصريون ظلوا حتى سنوات قريبة يجتمعون تحت مظلة حماية نقابية واحدة تمتد إلى كل أفرادها بالتساوى وبغض النظر عن تباين آرائهم وانتماءاتهم السياسية والتى كانت تنعكس على كتاباتهم الصحفية بكل فنونها.

وطوال الوقت كانت الصحافة وأبناؤها يمثلون همّا ثقيلا للقائمين على الحكم، لانحياز المهنة إلى الهموم الشعبية والتعبير عنها، وهو ما كان دائما يضع الحكومات فى حرج، خاصة أنه ندرت لحظات الاتفاق بين الحكومات المصرية المتعاقبة وشعبها.

وطوال السنوات الماضية شهدت العلاقة بين الصحفيين والحكومات المتعاقبة معارك مختلفة الأدوات تحاول فيها الحكومات الحد من التزام الصحفيين بالتعبير عن مشكلات الشعب، سواء بالترهيب بالفصل والتشريد والحبس أو بالترغيب والتدجين بالمغريات المالية والامتيازات، وهو ما نجحت فيه بشكل نسبى خاصة خلال فترة حكم مبارك، الذى نجح نظامه فى اختراق نقابة الصحفيين بعناصر تابعة له، أو ضم بعض العناصر الصحفية التى أغرتها امتيازات السلطة وأموالها، وتحول الصراع بين النقابة والحكومات إلى صراع داخلى بين فريقين، الأول يمثل القابضين على المبادئ المهنية فى التعبير عن هموم الناس، والثانى يمثل الساعين إلى الثراء والامتيازات والتعبير عن مصالح النظام ورجال الأعمال والمال والسلطة.

والحقيقة الجديرة بالذكر أن جهود استقطاب الصحفيين بدأت بوضوح فترة حكم أنور السادات، الذى أغرى الصحفيين ببراعة بفرض تعريف جديد لهم "السلطة الرابعة" بدلا من التعريف الأصلى "ضمير الأمة"، محاولاً بذلك تغيير مسارهم من التعبير عن جبهة الشعب إلى الانضمام إلى جبهة السلطة.

وبعد ثورة 25 يناير 2011 والتى لم تكتمل مهامها تنحت بعض الرموز البارزة من رجال السلطة داخل النقابة عن المشهد، إلا أن هذا العام ظهرت بقوة مرة أخرى تحمل نفس الراية التى كانت تحملها قبل 2011، والتى تعلن أهمية فصل نقابة الصحفيين عن السياسة وتطهير النقابة من أصحاب الآراء السياسية، وكأن النقابة جمعية تعاونية استهلاكية كل دورها توزيع السلع على المواطنين!.

ولنرجع بالتاريخ سنوات غير قليلة وتحديدا عام 1941 والمشهد قاعة مجلس الشيوخ المصرى فى إحدى جلساته، التى كانت تشهد جدلا حول مشروع قانون نقابة الصحفيين، اعترض خلالها النائب يوسف أحمد الجندى (المعروف تاريخياً برئيس جمهورية زفتى) على نص كانت لا تخلو منه قوانين النقابات المهنية آنذاك، بحظر الاشتغال بالسياسة وقال: «كيف يحظر على نقابة الصحفيين الاشتغال بالسياسة؟؟! فتنظيم مهنة الصحافة وتكوين نقابة يستلزم الاشتغال بالسياسة.. فإذا سنت الحكومة قانونا من شأنه الحد من حرية الصحف مما يستدعى أن تناقشه هيئة النقابة تم منعها بحجة اشتغالها بالأعمال السياسية، مع أن طبيعة تنظيم المهنة تقتضى من النقابة الكلام فى السياسة، كما أن العمل على رفع شأن الصحافة وإعلاء كلمتها يستدعى حتما تعرض النقابة للشئون السياسية»، وامتد الجدل، وفى النهاية انتصر منطق وحجة يوسف الجندى وكانت نقابة الصحفيين هى أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة.

والحقيقة التى يجب توضحيها أن هناك خلطا متعمدا بين مفهوم العمل السياسى داخل النقابة والعمل الحزبى، فالمنطق وطبيعة المهنة وطبيعة الدور الذى يقوم به الصحفى فى المجتمع يستلزم الاهتمام والانخراط فى الشأن السياسى، ولكن دون خلط الأوراق والتداخل مع العمل الحزبى، فنقابة الصحفيين ليست فرعا لحزب أو ساحة للتعبير عن أى حزب، وإنما مظلة تختص بحماية أبناء المهنة بكل انتماءاتهم.

ومما هو جدير بالذكر أن الحكومات ورجال الأعمال، خاصة الفاسدين، منهم حاولوا طوال الوقت تقويض حرية الصحافة بحجة حماية الحياة الخاصة وفصل العمل الصحفى عن السياسة، وهم أنفسهم الذين سهلوا غزو الانتماء الحزبى للنقابة، عندما بدأوا فى دعم المنتمين لحزب السلطة داخل النقابة، وتمكينهم بسلطة المال وسلطة الحكم من السيطرة عليها.. وما زال الصراع مستمرا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة