واشنطن تراجع استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب

الأربعاء، 04 مارس 2015 11:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحن الآن أمام مشهدين فى منتهى الأهمية، الأول تصريحات منسوبة لمسؤول أمريكى نقلتها صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية قال فيها إن مصر تستعد لمهاجمة مسلحى تنظيم داعش فى ليبيا، للمرة الثانية، ثأرًا لمقتل نحو 20 مصريا على يد عناصر التنظيم الإرهابى.
ورغم أن مصر لم تؤكد أو تنفى هذه المعلومة، فإن المهم فى تصريحات المسؤول الأمريكى الذى لم تذكر اسمه الصحيفة قوله، وفقًا لما نقلته الزميلة إنجى مجدى أمس، بأن هناك قلقا داخل الحكومة المصرية بشأن الفوضى فى ليبيا واحتمال توسع الإرهابيين هناك، وتأكيده أن «هذه إحدى المناطق التى تتداخل فيها مصالحنا وربما تشكل فرصة للتعاون المتزايد».
المشهد الثانى هو ما نقلته الزميلة ريم عبد الحميد أمس أيضا عن موقع «دايلى بيست» الأمريكى الذى قال إن الولايات المتحدة فوجئت بالهجوم العراقى على داعش فى مدينة تكريت الأحد الماضى، وأن هذا الهجوم الأكبر على الإطلاق حتى الآن من قبل القوات العراقية ضد التنظيم الإرهابى قد تم بدون مساعدة أمريكية لكن بكثير من المساعدات من إيران.
المشهدان يؤكدان وجود تغيير ربما فى أجندة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ما يحدث فى المنطقة، وربما يقود ذلك واشنطن إلى تغيير فى فكرها، الذى وقف حائلاً أمام إصدار قرار من مجلس الأمن بإدراج محاربة داعش ليبيا ضمن الحملة الدولية ضد التنظيم الإرهابى فى سوريا والعراق، وهو الطلب الذى تقدمت به مصر إلى مجلس الأمن الأسبوع الماضى، لكن عرقلته الولايات المتحدة التى رفضت أيضًا إلغاء قرار مجلس الأمن الرافض لتسليح الجيش والشرطة الليبية.
ربما يكون التغيير حتى الآن نظريا من خلال هذه التصريحات التى يفهم منها إدراك متأخر من جانب الولايات المتحدة لأهمية دعم مصر فى حربها ضد الإرهاب، فى ظل انفراط عقد التحالف الدولى وتزايد نفوذ التنظيم الإرهابى، مما دفع العراق أكبر حليف لواشنطن إلى اللجوء لإيران والتنسيق معها مباشرة فى توجيه ضربات قاتلة للتنظيم فى مدينة تكريت دون علم الولايات المتحدة، وربما هذا ما دفع هيربرت لندن، رئيس مركز لندن لأبحاث السياسة، للقول فى تقرير نشرته صحيفة «ذا هيل» الأمريكية بأن اعترافا بالتهديد الذى يمثله داعش والطموحات الإمبراطورية لإيران، سيكون من المنطقى تشكيل جبهة دفاعية تقودها مصر، وتشارك فيها دول أخرى بالخليج تسهم بأصولها العسكرية وتنسق خططهم الخاصة بالمعركة.
ويشير هيربرت لندن إلى ضرورة الاعتراف بالرئيس عبدالفتاح السيسى كحليف فى الجهود العالمية ضد التطرف، والاعتراف بمصر باعتبارها الدولة العربية السنية القائدة التى تقود هذا الاتحاد، الذى يصفه الكاتب بناتو الشرق الأوسط.
نحن إذن أمام تغير مهم فى السياسة الأمريكية يستند إلى حقيقة الأمر الواقع الذى يؤكد أنه بدون القاهرة فإن أى تحالف دولى ضد الإرهاب لن يكتب له النجاح فى المنطقة، ليس لشىء إلا لمعرفة مصر العميقة بالجماعات الإرهابية، وطبيعة التعامل معها، كما أن وجود مصر ضمن هذا التحالف ووضع تصوراتها وتحذيراتها ضمن هذه الاستراتيجية سيؤدى بالضرورة إلى نتيجة فاعلة، لأن مصر على عكس دول التحالف، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لا تنظر للقضية على أنها أمر حالى، وإنما مرتبطة بواقع تاريخى يجب العمل على مواجهته، فالإرهاب فى المنطقة يتخذ من أيديولوجية جماعة الإخوان منهج عمل، وبالتالى فإن أى مواجهة للإرهاب لن تجدى نفعًا إذا لم تشمل أيضا الجماعة الأم وهى الإخوان.
التصميم المصرى على إدراج الإخوان ضمن الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب لا يرتبط فقط بما تشهده مصر من عمليات إرهابية على يد أعضاء الجماعة الإرهابية أو المتعاونين معهم، ولكن أيضا لأن الجماعة وفكرها المبنى على كتب سيد قطب، وفكر التنظيم السرى هى المفرخة الرئيسية لكل الجماعات الإرهابية والمتطرفة بالمنطقة، ومن بينها داعش وأنصار الشريعة وبوكو حرام، وبالتالى فإن أى محاولة لاستئصال الإرهاب لن يكتب لها النجاح إلا إذا تعاملت مع الإخوان على أنها أساس الإرهاب فى المنطقة.
هذه هى النتيجة المنطقية والواقعية التى يرفض الأمريكان الاعتراف بها حتى الآن، لكن من الواضح أنهم يجرون حالياً مراجعة دقيقة لتصرفاتهم واستراتيجيتهم، خاصة أن هذه الاستراتيجية كبدتهم خسائر جمة، ليس فقط فى المواجهات العسكرية مع الإرهاب فى دول عدة، وإنما أيضا فى قبول الرأى العام للفكر الأمريكى، فالإرهاب ظاهر أمام الجميع، ومصدره واضح للكل إلا الإدارة الأمريكية التى مازالت تنظر للأمر من وجهة أخرى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة