محمد أبو الفضل يكتب: هل يفلح العنف فى جرّنا لما يريد؟

الأربعاء، 04 مارس 2015 08:04 ص
محمد أبو الفضل يكتب: هل يفلح العنف فى جرّنا لما يريد؟ أعمال عنف - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التماسك والترابط والتوافق بين فئات المجتمع المصرى هى إحدى أهم المميزات التى تجسد العمق الثقافى والحضارى لهذا الجذر الاجتماعى فى المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ككل، فمصر واحدة من دول قليلة فى العالم لا يوجد فيها طوائف وعرقيات وأديان، هذا النسيج المجتمعى المتين مثّل واحدة من أهم العقبات أمام الراغبين فى تفتيت المجتمعات وتجزأتها حتى يسهل السيطرة عليها، لهذا تصدرت أمريكا وحلفاؤها الدفاع والتواطؤ مع جماعات العنف المسلح، وتسعى إلى خلق جماعة إرهابية هناك، وتوكل أخرى بمحاربتها، وتقف هى راعية ومشرفة على كل هذا الدمار، وفى السنوات الأخيرة ظهرت السياسة الأمريكية جلية من خلال خلق أقليات تم دعمها ثم البحث عن موطئ قدم لها، ثم تمكينها من السيطرة والحكم، حتى يشعر المجتمع كم هو مجروح فى قيمته، ومشروخ فى تماسكه.

إلى ما قبل ثورة 25 يناير، كان المجتمع المصرى لا يعرف تلك النعرات الضيقة، مهما اختلفت قناعات أبنائه وتعددت انتماءاتهم، إلا أن الهوية الوطنية جامعة وواحدة بما فيها من تنوع سياسى واجتماعى وثقافى، وتنوع مذهبى طفيف ومحدود. ومن عاش أو زار مصر من الأجانب يجد أنه فى مجتمع يفوق عدده 90 مليون نسمة، يبدو كقطعة زجاجية واحدة، فيها تناغم لونى جميل، لكن لا تبدو عليها شروخات وانقسامات باستثناء بعض المناطق الحدودية، أكون قد زرت كل منطقة فى مصر، ومكثت فيها ولو لأيام قليلة، وفوق كل شبر يجد المصرى أنه يتنقل بين أهله وعشيرته، لا يشعر بوحدة، ولا تهزه مشاعر، فبينما أكتب هذا أشعر بألم حاد يضرب جسدنا المصرى القوى المتماسك؛ نتيجة تصدر المشهد لجماعات العنف التى أرادت أن تأخذ دور المقاول، وتوقع العقد مع أمريكا لتجزئة البلد، والدفع بآخرين إلى مقاومة هذا المشروع، حتى تتعمق الشروخ الاجتماعية، ويسهل التعامل معها والسيطرة عليها. وكانت فاجعة وسيئة كبيرة أن تنطلق من عاصمة السلام والثقافة هتافات عنصرية ومذهبية نتنة، لم يعرفها المجتمع المصرى، ولعل أيادى المخططات السوداوية رأت ذلك واطمأنت لنجاحاتها، لكنها لم تعِ أن تلك لحظات عابرة ونزقة ولا تمثل قيم المجتمع المصرى المتماسكة كضفائر الفولاذ. وأيا كان رعاة التمزق داخليًا وخارجيًا، لن يتمكنوا من جرنا إلى صراعات مقيتة قد غادرت ذاكرتنا قبل عشرات ومئات السنين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة