وفاء القناوى تكتب: العالم الافتراضى

الجمعة، 27 مارس 2015 03:21 ص
وفاء القناوى تكتب: العالم الافتراضى فيس بوك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سألنى صديق بمناسبة ما كتبته على صفحتى الشخصية بـ"فيس بوك" عن العالم الافتراضى ظنًا منه أنه عالم الخيال، وإن كنت أشاركه قليلاً فى هذا الرأى فى شىء واحد ألا وهو إنه ليس واقعيًا وإنما فى داخل حيز غير مرأى وهو الشبكة العنكبوتية، عالم يبدأ وينتهى بضغطة واحدة على زرار الكيبورد، عالم كل من فيه حقيقيون ولكن فى عالمهم الحقيقى فقط، أما هنا داخل الصندوق الزجاجى فهم أشخاص آخرين قد يكونوا كما هم فى واقع حياتهم لا اختلاف ولا تلوّن، ولا انتحال أسماء وهمية أو شخصيات غير حقيقية، ولا حتى يتبنّون فكرًا آخر غير فكرهم، ولا أشياء خلاف معتقداتهم، ولا يستترون وراء أخلاق أخرى تختلف عن أخلاقهم.. أشخاص قد تربطنا بهم مشاعر طيبة وصداقات ورابطة إخوة فى الله، نشعر معهم بألفة غريبة وكأننا نعرفهم من زمن ومعرفة حقيقية تتسم بالمودة، وقد نشعر بخوف وارتياب تجاههم ولا نعرف له سبب، هذا هو العالم الذى ندخله ونعيش فيه بضع من الوقت وآخرين يعيشون فيه كل الوقت.

فقد وجدوا فيه راحتهم ووجدوا فيه ضالتهم، حيث يكون نوع من أنواع الهروب الذى يعزلنا عن الواقع بكل ما فيه من مشاكل وهموم تثقل على كاهلنا، ما يجعلنا نبحث عن متنفس نستنشق فيه إحساس الحرية والتخلص من الهموم وإنزالها من على أكتافنا وتنتهى تلك الراحة وتلك العلاقات بمجرد أن نضغط على أزرار فقط، ولكنها قد لاتنتهى عند البعض حيث تُستكمل بعد إغلاق تلك الأجهزة والخروج من تلك الشبكات العنكبوتية وتلك المواقع الخاصة بالتواصل الاجتماعى فنسمع عن زيجات قد تمت عن طريق تلك الشبكات وكأنها حلت محل الخاطبة ومكاتب الزواج، ومنها ما كُلل بالنجاح ومنها ما كتب له الفشل وصداقات دامت واستمرت وأسر بديلة تكونت، وحلت محل أسرة كانت موجودة أو توهمّنا أنها موجودة، وآباء وأمهات اتخذوا لهم أبناء أو العكس.. أناس يشعرون بالوحدة فى الحياة بالرغم من وجود الكثيرين حولهم إلا أنهم يعيشون الغربة بكل آلامها، ولا يجدون أنفسهم إلا مع هؤلاء الغرباء فى العالم الافتراضى، والغريب أنه بالرغم من وجود أسر حقيقية وعائلات للجميع إلا أن أواصر العلاقات قد تقطعت فيما بينهم وعلى النقيض تمامًا عندما تلتقى بالآخرين من خلال تجمعات أو جروبات فى هذا العالم.

نجد الجميع سعداء بتلك العلاقات الجديدة، والكل يبذل أقصى ما عنده لإنجاحها والبحث عن أى شىء يقرّب بين الجميع الذين كانوا فى يوم ما أغراب، وعلى الجانب الآخر لا يكلف أحد نفسه فى أن يتقرب أو يتودد أو يسامح ويزيل ما رسب وترسخ فى النفوس مع أفراد عائلته الحقيقيين إنها علاقات تحتاج إلى دراسة مستفيضة لكى نعرف مدى تأثير هذا العالم الإفتراضى على هؤلاء، وما أسباب تغيرهم وانصياعهم لمتطلبات هذا العالم، ولماذا يتم اللجوء إليه بدلاً من رأب الصدع الذى طرأ على العلاقات الحقيقية، وإصلاح الشرخ الكبير الذى يتسع مع الوقت حتى أصبح من الصعب معالجته أو إعادته إلى ما كان عليه، إنها حالة تحتاج إلى متخصصين فى علم النفس والسيكلوجية الاجتماعيةـ مع دراسة البيئة المحيطة والمؤثرات الداخلية والخارجية التى أفرزت هذا الإنسان الجديد البارد فى علاقاته الواقعية مختلفًا عمن هو فى ذلك العالم الافتراضى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة