أكرم القصاص - علا الشافعي

شيخ الأزهر: الجهاد فى الإسلام معناه أعم بكثير من القتال المسلح

الخميس، 26 مارس 2015 01:48 م
شيخ الأزهر: الجهاد فى الإسلام معناه أعم بكثير من القتال المسلح أحمد الطيب شيخ الأزهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن الجهاد والقتال مصطلحان يتطلبان التوضيح.

وأوضح الطيب أن مصطلح "الحرب" ورد فى القرآن الكريم أربعة مرات، بينما ورد مصطلح "الجهاد" أكثر من ثلاثين مرة.

وتحدث الإمام الأكبر خلال استكمال تصحيحه للمفاهيم المغلوطة المنتشرة لدى بعض الناس عبر حديثه الأسبوعى مع التليفزيون المصرى، والذى يُذاع غد الجمعة على الفضائية المصرية، عن مفهوم "الجهاد" فى الإسلام، حيث أشار فى بداية اللقاء إلى حديثه السابق عن مفهوم "الحاكمية"، والذى نصح خلاله بقراءة كتاب "دعاة لا قضاة" للهضيبى الذى ردَّ خلاله على بعض المنحرفين أو الذين انحرفوا بهذا المفهوم.

وأوضح أنَّ هناك فرقًا بين مفهومى القتال والجهاد فهما غير متطابقين، مضيفا أن هناك ما يُسميه علماء المنطق والأصول علاقة العموم والخصوص المطلق، بمعنى أن أحد المفهومين أعمُّ مطلقًا من المفهوم الآخَر، وأنَّ هذا المفهوم الآخر أخص مطلقًا من المفهوم الأول، فكلمة "جهاد" تعنى القتال، لكنها تعنى أمورًا أخرى كثيرة إلى جوار القتال؛ بحيث يكون القتال المسلح هو واحدٌ من مفاهيم عديدة يطلق عليها "الجهاد".

ودلَّل الإمام الأكبر على الأمر قائلاً "إذا قلت مثلاً كلمة نبات، معروف أن تلك الكلمة تُطلق على الورود والزهور والأشجار والمحاصيل وكل تلك النباتات، كما يمكن أن نقول "إن الغلال نباتات، فإذا جاءنى أحد وقال: إن كلمة نبات مقصود بها الورود أو الزهور فقط، فهل هذا إنسان عاقل؟! بل أقول له: إنَّ النبات كمصطلح هو أعمُّ من كلمة الورود؛ لأنَّه يُطلَق على الورود وغيرها، وكلمة الورود أخصُّ من النبات لأنه يُمثِّل جزءًا صغيرًا من النبات، وهكذا فالجهاد دائرة واسعة، وحلقةٌ من حلقاته هى القتال فى سبيل الله"، ومن هنا فالجهاد هو بذلُ المجهود فى مقاومة العدوِّ، أى كان هذا العدو، بمعنى: أنَّ القتال فى سبيل الله اسمه جهادًا لأنه يُمثِّل بذلَ مجهودٍ فى مقاومة العدو المسلح، وأيضًا الجهاد يُطلَق على جهاد النفس.

وأكد الإمام الأكبر أنَّ مفهوم جهاد النفس هو أن الشخص لديه نفسًا تأمره بالسوء ليلَ نهارَ، فمن ثَمَّ جهاده: بذل المجهود فى مقاومة النفس وإغراءات الشيطان وفتن الشيطان ووساوسه، هذا أيضًا من الجهاد، وأيضًا هناك جهاد الرغبات وهو يُعَدُّ جهادًا فى الإسلام، وكذلك هناك أحاديث كثيرة جدًّا تُبين أنَّ الجهاد الأكبر هو جهاد النفس والأهواء، فأفضل الجهاد حسَب الحديث أن يُجاهد الرجلُ نفسَه وهواه.

وأضاف: أن هناك قُصورًا فى معرفة مفهوم الجهاد، حيث يتم قصره على القتال المسلح، وأنَّ الجهاد فى الإسلام هو أن يحمل المسلمُ السيف ويخرج لساحةِ الجهاد ويقتُل الأعداء، وهذا حق، ولكن وقع الكثير فى تضييق مفهوم الجهاد، فالجهاد فى الإسلام معناه أعم بكثير جدًّا من القتال المسلح، والقتال المسلح هو وجهٌ من وجوه كثيرة جدًّا للجهاد، بل يُقال: إنه هو الجهاد الأصغر، والجهاد الأكبر هو جهاد الشيطان والنفس والهوى.

وأشار الإمام الأكبر إلى أنَّ بعض الناس يتعجَّب من أن القتال يُعَدُّ جهادًا أصغر بينما جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، وتلك الدهشة والاستغراب يزولان عندما نعلم أنَّ الجهاد الأصغر وهو القتال محدود المدَّة، فهو مثلاً لا يزيد عن شهر أو حتى سنة، فمدته محدودة وهو ينتهى دائمًا بمكاسب، فالمجاهد فى سبيل الله إذا قُتِل فهو شهيد فى الجنة، وإذا عاش فهو يستمتع بالنصر والغنائم أيضًا، إذا فالقتال الذى هو نوعٌ من أنواع الجهاد وليس كل الجهاد فهو محدود، وأيضًا فيه مكاسب، أما الجهاد الحقيقى وهو الجهاد الأكبر، والذى يكون بالمال أو بالنفس أو باللسان وهو الحجة والبرهان بالدعوة إلى الله، وقد يكون جهادًا بالقُرآن أيضًا.


وأوضح أنَّ بعض الناس تريد أن تهاجم الأزهر بغير حق، فتحدثوا عن أنَّ شيخ الأزهر ينصح الناس بقراءة كتب الإخوان، باعتبار الهضيبى كان مرشدًا للإخوان، وهذا كلام مردود عليه لأننا عندما نصحنا بهذا الكتاب لأنَّ قيمته تتمثل فى صاحب الرد، فهو واحدٌ من الإخوان وهو يرد على الإخوان الذين تمسَّكوا بفكرة التكفير، فهو رد مفحم وعلى طريقة (وشهد شاهدٌ من أهلها(.

وأوضح شيخ الأزهر أنَّ هؤلاء المهاجمين أغفلوا كلَّ ما قيل فى اللقاء السابق لأنَّ المقصود عندهم ليس بيان الحقائق للناس، وإنما التلبيس على خَلقِ الله، والإنسان والكاتب والمفكر سيُسأل أمامَ الله - سبحانه وتعالى - وهو أولاً مسؤولٌ عن ضميره، فإذا كان ضميره هذا متواضعًا لسببٍ أو لآخَر فإنه يجب ألا يظن أنه سيفلت من حساب المولى - عزَّ وجلَّ.

وأضاف شيخ الأزهر أننى حينما نبَّهتُ إلى أنَّ الهضيبى رد على مقولة "الحاكمية" لدى سيد قطب ولدى المودودى فذلك لأنَّ كلاهما معاصران، والهضيبى أيضًا معاصر وردَّ عليهما وفنَّد أفكارهما تفنيدًا قويًّا، والذين ينتقدون الأزهر، بغير حق، يعبثون بالاستقرار الاجتماعى فى البلد من حيث يدرون أو لا يدرون، والأزهر الشريف تعرَّض لكثير جدًّا من هذه الفرقعات التى تحدث ثم تزول وتتلاشى.

وأشار الإمام الأكبر إلى أن الأزهر الذى مضى عليه ألف و50 عامًا لن يهتزَّ من برنامج أو مقالة، ولكننا نريد أن تكون كلمة الحق هى الرائدة، نريد أن يحترم هؤلاء عقول المشاهدين والقراء، وهذا شىء أساسى، حتى أصدقك وأقرأ مقالك وأتابعك وأعلم أنك تقول شيئًا مفيدًا وحقيقيًّا، فإذا كنت أتابعك وأعلم أنك تزيف كل الحقائق، فما قيمة ما يبذل فى هذا البرامج أو قيمة المداد الذى تكتب به تلك الكلمات.

وأكد الإمام الأكبر أن الأزهر الشريف وشيخه وعلماءه ومفكريه ليسوا فوق النقد، لكن يجب أن يكون النقد جادًّا، وأن يكون مسؤولاً، وأن يتعامل فعلاً مع قضية، لكن الزوبعات والمظاهرات، أى المظاهرات فى المعلومة، فهى أمر غير مقبول، ونحن يجوز أن نُخطِئ، فما دمت أعمل فأنا أخطئ وليس فى ذلك شك ونحتاج لمن يعرفنا تلك الأخطاء ويدلل على أنها فعلاً حصلت، وكما قال سيدنا عمر: "رحم الله امرئ أهدى إلى عيوبى."










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة