محمد أبو الفضل يكتب: العودة إلى حضن الأم والوطن

الإثنين، 23 مارس 2015 12:21 م
محمد أبو الفضل يكتب: العودة إلى حضن الأم والوطن صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تهيم على وجهك مرة أخرى فى شوارع بلد الغربة متوغلا فى نسيج المدينة وبين أزقتها، تشعر بالبرد والخواء الداخلى وتداهمك الوحدة والشجون، تشعر بالحنين إلى أمك وبالشوق إلى وطنك، الناس فى بلادك يحتفلون بأعياد الأمهات وأنت ها هنا بعيد، تعانى الغربة والوحشة التى يخلفها الشوق إلى الوطن.
يالله، هناك رابط مقدس بين الأم والوطن، من رحميهما خرجت، وكلاهما أعطاك بلا حدود، كلاهما رعاك ورباك وعلمك كل الأشياء فى الحياة حتى وصلت إلى ما أنت عليه الآن.

تشعر بالامتنان وأنت تذرع الشارع المتلألئ بالأنوار جيئة وذهابا، ترتجف من البرد، تبحث عن الدفء، تتوقف أمام فرقة متجولة تؤدى وصلة راقصة لا تكترث لها، لكنك تستجدى الدفء من أى تجمع بشرى، ثمة ما يجعلك تعود بالذاكرة إلى الماضى.. فهناك أشياء جميلة تجعلك تعود إليها، تعود إلى سنوات الطفولة عندما كنت يافعا لا تزال تستكشف معجزة الحياة، حين كنت تعيش حالة ارتباط فطرى بأمك التى منحتك الحياة، تفاصيل كل تلك السنين تمر فى رأسك كأنها شريط سينمائى بالأبيض والأسود، صور باهتة لا تزال فى الذاكرة، دفء حضن أمك الذى لطالما كان حصنا منيعا يضمك عندما تتكالب عليك الأيام، السعادة التى كنت تجدها عندما تقص عليك أمك الحكايات والخرافات والأساطير، الفرحة التى تملأ قلبك الصغير كلما منحتك أمك شيئا أو لعبة أو قطعة حلوى، أو تلك اللحظة التى تحملك فيها وتعانقك وتجعلك تشعر بأنك أنت ملاكها الصغير، تقبلك، تمسح على رأسك وتدعو لك ذلك الدعاء السماوى الذى قد لا تعرف معناه، لكنك تستشعر فيه أنها تطلب من السماء أن تحفظك وتحميك من كل سوء، حنانها الذى يستقبلك كلما عدت من غزواتك على أطفال الجيران؛ لأنك تعرف أن هناك من يحميك دائما من انتقام أقرانك الصغار، آه كم أفتقد إلى ذلك الآن وقد صرت وحيدا بدون مدافع، صرت كجندى تخلى عنه الجميع فى وسط المعركة، عليك الآن أن تكمل معاركك وحيدا، عليك مواجهة صراعات الحياة وحيدا منفردا، عليك أن تكون شجاعا بطلا فى زمن مات فيه الأبطال وبقيت أنت وحيدا بعيدا عن أمك التى لطالما حمتك من شرور الزمان، أمك التى لطالما جعلتك تشعر بالسعادة التى لم تعد تجدها الآن، لأنك تائه فى صحراء قاحلة تعرف أن ليس لها حدود وليس لك عودة إلى ذلك الزمان الذى كانت فيه أمك هى دليلك ومرشدك والنجمة الساطعة التى تنير دروبك المظلمة.

يوقظك من أحلامك صراخ طفل بجوارك، تهرع إليه أمه، تحضنه، تدفيه، يسكت من صراخه، تجعله يضحك، تجلجل ضحكته فى المكان، تطغى على صوت الموسيقى الراقصة، يشعر الطفل وأمه بالسعادة، تشعر أنت بالغيرة، تقرر العودة إلى الوطن لتعانق أمك وتقبل رأسها وتقبل قدميها وتعتذر عن الغياب وعما قد تكون سببته من آلام لها بفعل حماقاتك، تطلب منها أن تسامحك لأنك كبرت ولأنك لم تعد ذلك الطفل اليافع الذى ينتظر نظرة منها ليشعر بالسعادة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة