رنوة العمصى تكتب: لماذا أكتب؟

الإثنين، 16 مارس 2015 12:04 ص
رنوة العمصى تكتب: لماذا أكتب؟ رنوة العمصى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يأتنى أحدٌ ليسأل لماذا أكتب؟


وقد راج السؤال أو أن إجاباته راجت، فصار مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى يتناقلون اقتباسات من مقولات لكتّاب مكرَّسين، يشرحون فيها ما يدفعهم نحو فعل الكتابة. وتبنى مشروع تكوين الثقافى بحثًا طويلًا، يحمل العنوان ذاته، يجمع أجوبة كتاب بأسماء لامعة عن السؤال "لماذا أكتب؟". أجوبة جاءت فى معظمها "فخمة" بأسقف عالية، وحواشٍ مطرزةٍ بالتجريد والغموض السحريّ.
ورغم أننى أملك أسبابى الوجيهة أيضًا.. لم يسألنى أحد، لماذا أكتب..؟

أكتب لأجد لأخطائى كلها عذر محبب..


أكتب لأجعل من حماقاتى تقاليع يجب تقليدها أو الإعجاب بها على الأقل..
أكتب نكاية بصديقتى التى تعرف كيف تتدبر أمورها جيدًا، ترتب جدول مواعيدها، التاكسى والطائرة وتحسب حسابًا لزحام الطريق، تحزم حقائبها عند السفر، وشفقة على بعثرتى وفوضاى تحزم حقائبى أيضًا، وتصل على الموعد، أكتب نكاية بقدراتها، لأخبرها أننى أفعل شيئا لا تستطيع هى فعله!

أكتب نكاية بفستانها، وعدّة ميكياجها حين تفردها أمامها، فأنظر إلى الأقلام الملونة، والعلب الصغيرة، والقنينات، فلا أميز من منها يفعل ماذا..

أكتب لأتلعثم من دون أن يسمع أحد..


أكتب لأننى لا أعرف كيف تعمل كاندى كراش ولا أنجرى بيرد، أعنى أننى حاولت، حملتها على هاتفى وجهاز الآى باد، لكننى لم أتجاوز مراحلها الأولى، قبل أن تموت دجاجتى أو هذا العصفور الثخين الغاضب..
أكتب لأننى أجد التزام ثلاثين موعدًا غير غرامى أو غرامى، يوميًا أمر شاق للغاية، فلا أفلح فى متابعة مسلسلٍ، أو برنامج يوميّ. الكتابة لا تحتاج إلى موعد.
أكتب لأننى أعتقد بأننى أفهم إنسانة فى العالم، ولأنه لا يخرج لى من الورقة أحد يناقشنى أو يوبخنى، على الأقل وقت الكتابة، وإلى الجحيم ما بعده.
أكتب نكاية بالمنبه الصباحى وإشارة المرور، والزحام، وكل المستعجلين على بلوغ اللاجدوى اليومية، وغير المبالين، وسائقى الشاحنات الذين يتعاملون كقوى عظمى على الطريق.
أكتب (وهذه ستعجبكم) نكاية بجهاز البصمة الذى يتلقاك عند باب الدوام كل صباح، هذا الجهاز الذى يعد ساعات احتجازك داخل جدران المؤسسة التى تدفع آخر الشهر فواتيرك، ولا يعرف مطلقا قياس مدى سعادتك بما تفعل، حبّك للمكان، ورغبتك فى إمضاء نهارك كاملًا منشغلًا بما تفعل، هذا الجهاز الذى لا يعرف الحُب، ولو أنه يعرف لقبّل إبهامى التى أحشرها فى فمه كل صباح.
أكتب لأزاحم على تلك المساحة الممنوحة، لابن الفنانة فلانة غير الشرعيّ، براميل بشار الأسد، ساق كريستيانو رونالدو، سكاكين داعش ومؤخرة كيم كارديشيان، هذه الأخيرة تحديدًا.
أكتب لأن الكتابة لا تكلفنى نقودًا، ولا تأتينى بها أيضًا.
أكتب نكاية بك أنت، صديقى القارئ، وأنت تمسك بالجريدة وتحتسى القهوة على مهل، فى حين أصاب أنا بصداع نصفى جراء كتابة هذا المقال. أكتب لأتشارك معك الصداع.
يقول المفكر الفرنسى إميل سيوران: "لمعاقبة الآخرين على أنهم أسعد منّا حالا، لا نجد أفضل من أن نلقّحهم بوساوسنا، ذلك أن أوجاعنا -للأسف- ليست معدية".








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة