هل نحن بحاجة لميثاق إعلامى يجمع الصحفيين المصريين والسودانيين؟

الأحد، 01 مارس 2015 10:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أكتوبر الماضى وحينما كان الرئيسان المصرى عبدالفتاح السيسى والسودانى عمر البشير يلقيان بياناً مشتركاً من قصر القبة، علق البشير على دور الإعلام فى العلاقات بين البلدين وقال: «فى الماضى كان الناس على دين ملوكهم، والآن فالناس على دين إعلامهم»، وزاد على ذلك بأن «الإعلام يلعب دورًا خطيرًا إما يكون بناءً أو يكون هدامًا»، وفى المقابل حذَّر السيسى من تأثير الإعلام على قوة العلاقات بين البلدين عبر ما تتم كتابته، مشيراً إلى أن مسؤولية تطوير العلاقات بين القاهرة والخرطوم لا تقتصر على المستوى السياسى، وأنه لا بد من الحرص على كل ما يقال فى الإعلام.

من وقتها وهناك محاولات ومبادرات جادة لترشيد الأداء الإعلامى بالبلدين، وتحويل الطاقة الإعلامية من تصيد الأخطاء واستغلال الثغرات إلى البحث عما يفيد الدولتين والشعبين، وانطلقت المبادرة من الخرطوم، حيث أجرت المنظمة السودانية للحريات الصحفية، عدة زيارات تشاورية، تمهيدا لتدشين مبادرة ميثاق الشرف الإعلامى المصرى السودانى، قادها رئيس المنظمة الكاتب الصحفى مكى المغربى الذى التقى رموز الإعلام والصحافة بالسودان، شملت وزير الدولة للإعلام ياسر يوسف، ورئيس المجلس القومى للصحافة الدكتور على شمو، وأمين عام مجلس الصحافة السفير العبيد مروح، فضلا عن أمين اتحاد الصحفيين صلاح عمر الشيخ، وسفير مصر بالخرطوم أسامة شلتوت الذى يرتبط بعلاقات ودية طيبة مع المجتمع الإعلامى السودانى، فضلاً عن المستشار الإعلامى للسفارة المصرية عبدالرحمن ناصف، وكان هدف هذه التحركات صياغة ميثاق شرف بين الصحفيين السودانيين والمصريين، يمنع الإساءة للعلاقات بين البلدين الشقيقين.

الفكرة فى الأساس تعتمد على طرح منهج أخلاقى بين الصحفيين، على غرار مبادرة الصحافة الأخلاقية التى أطلقها الأوربيون فى 2009 رداً على الرسوم المسيئة، فالعالم كله كما يقول مكى المغربى يتوجه الآن للحديث عن المسؤولية الجماعية للمجتمع الصحفى وليس المسؤولية الفردية، لذلك تمت الدعوة لورشة العمل التى عقدت بالفعل فى الخرطوم بحضور عدد من الشخصيات السودانية الإعلامية المعنية بالعلاقات بين البلدين، ومن بينهم عدد من رؤساء التحرير، فضلا عن السفارة المصرية، ومع غياب التمثيل الإعلامى المصرى عن الورشة كان الرأى الغالب هو عدم الاستعجال فى كتابة صكوك وأوراق تتعلق بمواثيق الشرف أو غيرها، لأنها لن تكون مؤثرة، فالمطلوب ليس نصوصاً وإنما لقاءات وجلسات عصف زهنى بين الصحفيين المصريين والسودانيين، فتم الاتفاق على استمرار النقاش وتوسيع الجدل حوله ودعوة الجانب المصرى لإقامة ورشة مماثلة، مع الترتيب لزيارة صحفيين مصريين للسودان، وتسليم مخرجات الورشة التى عقدت بالخرطوم إلى نقيب الصحفيين السودانيين صادق الرزيقى ليتناقش فيها مع نقيب الصحفيين المصريين لتكون البداية.

مساء الخميس الماضى وفى منزل سفير السودان بالقاهرة عبدالمحمود عبدالحليم وبحضور محمد جبارة المستشار الإعلامى للسفارة السودانية، كان هناك استكمال لجلسات العصف الزهنى بين الإعلاميين من البلدين، حيث تواجد مكى المغربى، والصحفية سمية سيد، رئيسة تحرير جريدة التغيير السودانية، وبحضور عدد من الصحفيين المصريين المختصين بالشأن السودانى، وكانت دعوة مفتوحة للنقاش طرح خلالها كل منا برأيه فى الأزمة، وكيفية الخروج منها، حيث كان رأيى أن المطلوب هو زيادة اللقاءات أفضل من المواثيق، مع الإشارة إلى أن الأزمة لن تكون دائمة، لأن إعلام البلدين يعانيان من حالة انفلات ربما يكون السبب فيها غياب المعلومة. وجود مكى المغربى وسمية سيد اللقاء جاء كونهما كانا ضمن 28 إعلاميا أفريقيا دعتهم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية للتعرف على الأوضاع فى مصر، حيث التقوا الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكان لهذا اللقاء انطباع إيجابى لدى كل الوفد، لكن مكى وسمية احتفظا بانطباعات خاصة تحدثوا عنها خلال، وزادتهم رغبة فى السير نحو توثيق التشاور واللقاءات بين الصحفيين السودانيين والمصريين.

الجلسة الحوارية بدأها السفير السودانى بقوله: «إن واقع الأمر يشير إلى وجود حراك إيجابى وزخم كبير فى العلاقات المصرية السودانية فى هذه الأونة، ونأمل أن الإعلام والرسالة الإعلامية التى تحدث عنها الرئيسان فى القمة الأخيرة بالقاهرة تكون هادية لنا فى المرحلة المقبلة، من خلال إنشاء ميثاق شرف إعلامى بين صحفيى البلدين، لأنه يساعد أن تكون الرسالة الإعلامية فى اتجاه تحقيق الأهداف الكبيرة التى تحدثت عنها القمة المصرية السودانية بجعل العلاقات نموذجية وتكاملية»، مقترحاً إيجاد آلية لصحفيين وادى النيل مثل منتدى أو ملتقى يتبادل من خلاله صحفى البلدين الزيارات وآفاق تطوير العلاقات. الملتقى أو الرابطة التى تجمع الصحفيين من البلدين هى النقطة التى دار حولها الحوار، خاصة أن مكى وسمية قالا إنهما خرجا من لقاء السيسى بعقيدة أن العلاقة المصرية السودانية الآن على المستوى الرئاسى والحكومة متقاربة وتسير فى تقارب أكثر، على عكس ما يشاع فى إعلام البلدين، ولذلك عدة أسباب، أوجزها مكى المغربى بقوله: إن هذا التقارب ليس بالضرورة أن يكون مرضياً لبعض الأطراف، سواء فى مصر أو السودان أو خارج البلدين، فهناك أطراف تعتبر التقارب المصرى السودانى خصماً من مصالحها أو وجودها السياسى او مستقبلها، وهذه الأطراف ستكون حريصة على استغلال الثغرات لإنهاء العلاقات، لذلك فالصحفيين عليهم مسؤولية لإنهاء الثغرات، أما سمية سيد فقالت: «حينما تحدثنا مع الرئيس السيسى عن العلاقات المصرية السودانية فوجئت بشخصية السيسى، فهو رجل دولة وقوى وشجاع وتحدث عن جميع القضايا على مدار 3 ساعات، وتحدث عن عودة مصر للمحيط الأفريقى والمشكلات والعقبات التى أبعدت مصر خلال الفترة الماضية، والتمسنا خلال اللقاء وجود فجوة بين القيادة السياسية والإعلام المصرى حول العلاقات المصرية السودانية، فهناك تقارب بين وجهات النظر الرسمية، فالسيسى تحدث عن اتجاه لبناء استراتيجية أمنية مشتركة بين البلدين لمكافحة الإرهاب، وفى المقابل هناك إعلاميون مصريون يتحدثون عن دعم السودان للإرهاب، وهو ما لم نجد له أى صدى لدى القيادة المصرية»، لدى سمية نصيحة أراها كفيلة ببناء قاعدة للإعلام، وهذه النصيحة هى أن علاقة مصر والسودان لا تخضع للمزاج السياسى، وإنما تخضع للمصالح والتاريخ المشترك والعلاقات الاجتماعية، وهذه قاعدة مشتركة يمكن للإعلام فى البلدين أن يبنى عليها، خلاصة الجلسة التى امتدت لأربع ساعات هى ضرورة إيجاد أرضية مشتركة بين الصحفيين بما يخدم مصالح البلدين والشعبين، وليس النظام الحاكم فى البلدين، وهذه الأرضية ربما تبدأ بلقاءات متكررة يكشف كل طرف للآخر عن أعراض ما تعانيه المهنة فى البلدين، لأن كشف الحقائق هى البداية لتصويب الأخطاء، فالأخطاء لن تصوبها المواثيق، وإنما الجهود الشخصية لأفراد يؤمنون بأن مصر والسودان بينهما أكثر ممن يفرقهما.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة